نُبْذَةٌ عَنْ سَبْعِ الدُّجَيْلِ: سَيِّدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الهَادِي (ع).

سُلَيْمَانُ:      السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.      نَرْجُو مِنْكُمْ أَنْ تُزَوِّدُونَا بِمَعْلُومَاتٍ وَافِيَةٍ عَنْ حَيَاةِ سَبْعِ الدُّجَيْلِ السَّيِّدِ مُحَمَّدِ بْنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ الهَادِي {ع} وَمَكَانَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ البَيْتِ {ع}؟ 

: اللجنة العلمية

     الأَخُ سُلَيْمَانُ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     وُلِدَ السَّيِّدُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الهَادِي فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا (صريا) فِي المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ عَامَ (212 ه)، وَهَذِهِ القَرْيَةُ أَسَّسَهَا الإِمَامُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الكَاظِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَلَى بُعْدِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ المَدِينَة المُنَوَّرَةِ، وَقَدْ وُلِدَ فِيهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ المَعْصُومِينَ هُمْ: الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، وَالإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الجواد، وَالإِمَامُ الحَسَنُ العَسْكَرِيُّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) فَضْلًا عَنْ عَدَدٍ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَمِنْ بَيْنَهِمْ أَبُو جَعْفَرٍ سَيِّدُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الهَادِي.

     أُمُّهُ اسْمُهَا: سَلِيلُ، مِنْ النِّسَاءِ الزَّاكِيَاتِ الطَّاهِرَاتِ، مَدَحَهَا الإِمَامُ الهَادِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِقَوْلِهِ: (سَلِيلُ مَسْلُولَةٌ مِنْ الآفَاتِ وَالأَنْجَاسِ).

     عَاشَ سَيِّدُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الهَادِي فِي حَيَاةِ أَبِيهِ 24 عَامًا فَقَطْ، وَعَاصَرَ خَمْسَةً مِنْ خُلَفَاءِ بَنِي العَبَّاسِ هُمْ :الوَاثِقُ، وَالمُتَوَّكِلُ، وَالمُنْتَصِرُ، وَالمُسْتَعِينُ، وَالمُعْتَزُّ، وَقَدْ تُوُفِّيَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ فِي خِلَافَةِ الأَخِيرِ، وَشَهِدَ خِلَالَ هَذِهِ الفَتْرَةِ ثَوْرَاتِ بَنِي عُمُومَتِهِ مِنْ العَلَوِيِّينَ ضِدَّ السُّلْطَةِ العَبَّاسِيَّةِ الجَائِرَةِ، كَثَوْرَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ (248 ه)، وَثَوْرَةِ الحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ العَلَوِيِّ فِي طبرسْتَان سَنَةَ (250 ه). وَعِنْدَمَا رَحَلَ أَبُوهُ الإِمَامُ الهَادِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى (سَامَرَّاءَ) خَلْفَهُ فِي القَرْيَةِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا.

     وَفِي سَنَةِ 252 قَصَدَ سَيِّدُ مُحَمَّدٍ الحَجَّ ثُمَّ الْتَحَقَ مِنْ مَكَّةَ بِأَبِيهِ فِي (سَامَرَّاءَ) وَمَكَثَ عِنْدَهُ مُدَّةً، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى المَدِينَةِ فَمَرِضَ فِي طَرِيقِ عَوْدَتِهِ فِي مَدِينَةِ بَلَدٍ - وَهِيَ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ سَامَرَّاءَ - مَرَضًا شَدِيدًا، وَفَارَقَ بِهَا الحَيَاةَ فِي 28 أو29 مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ 252 ه عَنْ عُمْرٍ يُنَاهِزُ الرَّابِعَةَ وَالعِشْرِينَ.

     وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ مَرَضِهِ الشَّدِيدِ; فَهَلْ أَنَّهُ سُقِيَ السُّمَّ مِنْ قِبَلِ أَعْدَائِهِ مِنْ العَبَّاسِيِّينَ الَّذِينَ حَاصَرُوا أَبَاهُ الإِمَامَ الهَادِيَ فِي سَامَرَّاءَ وَهُمْ يَظُنُّونَ كَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ هُوَ الإِمَامُ مِنْ بَعْدِهِ، أَمْ أَنَّ مَا مُنِيَ بِهِ كَانَ مَرَضًا مُفَاجِئًا؟!

     وَأَكْثَرُ المُحَقِّقِينَ الَّذِينَ كَتَبُوا فِي حَيَاتِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يُرَجِّحُونَ الإِحْتِمَالَ الأَوَّلَ لِأَدِلَّةٍ يَذْكُرُونَهَا.

     وَمِنْ أَشْهَرِ أَلْقَابِهِ: سَبْعُ الدُّجَيْلِ.. وَسِرُّ اللَّقَبِ المَذْكُورِ: 

     أَنَّ المَكَانَ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ وَهُوَ الدُّجَيْلُ، كَانَ مَعْرُوفًا بِبُعْدِهِ عَنْ مَنَاطِقِ السَّكَنِ وَخَالِيًا مِنْ سَوَادِ النَّاسِ وَقُرَاهُمْ، وَكَانَتِ المِنْطَقَةُ شِبْهَ بَرِّيَّةٍ مُقْفِرَةٍ وَخَالِيَةٍ، وَكَانَ الزَّائِرُونَ لِمَرْقَدِهِ الشَّرِيفِ يَعِيشُونَ حَالَةً مِنْ الخَوْفِ وَالوَجَلِ مِنْ اللُّصُوصِ وَقُطَّاعِ الطُّرُقِ أَنْ تُدَاهِمَهُمْ، إِلَّا أَنَّ الَّذِي تَظَافَرَ نَقْلُهُ بِأَنَّ الزَّائِرِينَ لِمَرْقَدِهِ الشَّرِيفِ عِنْدَمَا كَانُوا يَصِلُونَ إِلَى القَبْرِ المُبَارَكِ كَانُوا يَعِيشُونَ حَالَةً مِنْ الأَمْنِ وَالأَمَانِ وَكَأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُومُ بِحِرَاسَتِهِمْ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُشَاهِدُونَ أَسَدًا ضَارِيًا يَحُومُ حَوْلَ القَبْرِ الشَّرِيفِ يَقُومُ بِحِمَايَةِ المَرْقَدِ وَالزَّائِرِينَ مِنْ أَيِّ اعْتِدَاءٍ.. وَمِنْ هُنَا جَاءَ اللَّقَبُ المَذْكُورُ بِ: سَبْعِ الدُّجَيْلِ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.