المَوْقِفُ مِنْ ابْنِ عَرَبِيٍّ.

 السَّيِّدُ أَحْمَدُ المُوسَويُّ /العِرَاقُ/: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ.. زَادَ اللهُ تَوْفِيقَكُمْ لِمَا تَقَدِّمُونَهُ مِنْ خِدْمَةٍ لِلدِّينِ وَالمَذْهَبِ.  سُؤالِي: مَا هُوَ مَوْقِفُ مَذْهَبِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) وَمَوْقِفُ عُلَمَائِنَا الأَبْرَارِ بِصُورَةٍ عَامَّةٍ مِنْ مُحِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِيٍّ صَاحِبِ كِتَابِ "الفُصُوصِ"؟؟؟؟

: اللجنة العلمية

 الأَخُ السَّيِّدُ أَحْمَدُ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 هَذَا الرَّجُلُ اخْتَلَفَتْ الأقْوَالُ فِيهِ بَينَ مَادِحٍ لَهُ وقَادِحٍ، فَالعَلَّامَةُ الطَّباطَبَائيُّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ: "لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ فِي الإِسْلَامِ أَنْ يَأْتِيَ بِسَطْرٍ وَاحِدٍ مِمَّا كَتَبَهُ مُحْيِ الدِّينِ". شَرْحُ المَنْظُومَةِ للمُطهَّرِي ج1 ص 239.

 بَيْنَمَا المُحَدِّثُ النُّورِيُّ الطَّبرْسِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ زَيْنٌ الإحسَائِيُّ يَرَيَانِ أَنَّهُ نَاصِبِيٌّ ضَالٌّ لِتَحَامُلِهِ عَلَى الشِّيعَةِ بِأَقْذَعِ الأَلْفَاظِ، فَقَدْ وَرَدَتْ فِي كُتُبِهِ "الفُتُوحَاتِ المَكِّيَّةِ" وَ"مُحَاضَرَةِ الأَبْرَارِ وَمُسَامَرَةِ الأَخْيَارِ" وَغَيْرِهِمَا عِبَارَاتٌ قَادِحَةٌ بِالشِّيعَةِ لَا تَصْدُرُ إِلَّا عَنْ نَاصِبِيٍّ، نَحْوَ قَوْلِهِ: (وَكَانَ هَذَا الَّذِي رَأَيْتُهُ قَدْ أَبْقَى عَلَيْهِ كَشْفُ الرَّوافِضِ مِنْ أَهْلِ الشِّيعَةِ سَائِرَ السُّنَّةِ فَكَانَ يَرَاهُمْ خَنَازِيرَ فَيَأْتِي الرَّجُلُ المَسْتُورُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ مِنْهُ هَذَا المَذْهَبَ قَطُّ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُؤْمِنٌ بِهِ يَدِيْنُ بِهِ رَبَّهُ، فَإِذَا مَرَّ عَلَيْهِ يَرَاهُ فِي صُورَةِ خِنْزِيرٍ فَيَسْتَدْعِيهِ وَيَقُولَ لَهُ: تُبْ إِلَى اللهِ فَإِنَّكَ شِيعِيٌّ رَافِضِيٌّ. فَيَبْقَى الآخَرُ مُتعَجِّباً مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ تَابَ وَصَدَّقَ فِي تَوْبَتِهِ رَآهُ إِنْسَاناً). [الفُتُوحَاتُ المَكِّيَّةَ ج2 ص 8].

 وَقَوْلُهُ: (وَقَدْ اجْتَمَعْنَا بِرَجُلٍ مِنْهُمْ فِي شَهْرِ رَجَبٍ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي بَيْتِهِ، قَدْ حَبَسَتْهُ هَذِهِ الحَالَةُ، وَهُوَ بَائِعٌ لِلجَزَرِ وَالخُضَرِ العَامَّةِ، غَيْرَ أَنِّي سَأَلْتُهُ عَنْ حَالَتِهِ، فَأَخْبَرَنِي بِكَيْفِيَّتِهَا عَلَى مَا كَانَ عِلْمِي مِنْهَا، وَكَانَ يُخْبِرُ بِعَجَائِبَ.. فَسَأَلْتُهُ: هَلْ يَبْقَى لَكَ عَلَامَةٌ فِي شَيْءٍ؟. قَالَ: نَعَمْ، لِي عَلَامَةٌ مِنْ اللهِ فِي الرَّافِضَةِ خَاصَّةً، أَرَاهُمْ فِي صُورَةِ الكِلَابِ، لَا يَسْتَتِرُونَ عَنِّي أَبَداً.

     وَقَدْ رَجَعَ مِنْهُمْ عَلَى يَدِهِ جَمَاعَةٌ مَسْتُورُونَ، لَا يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ، إِلَّا أَنَّهُمْ مِنْهُمْ عُدُولٌ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِهِمْ، فَرَجَعُوا وَتَابُوا، وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ مِمَّا لَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ خِبْرَةٌ). مِنْ كِتَابِ "ابْنِ عَرَبِيٍّ لَيْسَ بِشِيعِيٍّ" لِلسَّيِّدِ جَعْفَرِ مُرْتَضَى العَامِلِيِّ، مُحَاضَرَةُ الأَبْرَارِ، وَمُسَامَرَةُ الأَخْيَارِ ج1 ص245 وَ246 ط سَنَةُ 1324 ه مَطْبَعَةُ السَّعَادَةِ بِمِصْرَ.

 

     وَقَوْلُهُ: (فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ أَلْقَتْ إِلَيْهِمْ أَصْلاً صَحِيحاً لَا يَشُكُّونَ فِيهِ ثُمَّ طَرَأَتْ عَلَيْهِمْ التَّلْبِيسَاتُ مِنْ عَدَمِ الفَهْمِ حَتَّى ضَلُّوا فَيُنْسَبُ ذَلِكَ إِلَى الشَّيْطَانِ بِحُكْمِ الأَصْلِ، وَلَوْ عَلِمُوا أنَّ الشَّيْطَانَ فِي تِلْكَ المَسَائِلِ تِلْمِيذٌ لَهُ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ وَأَكْثَرُ مَا ظَهَرَ ذَلِكَ فِي الشِّيعَةِ وَلَا سِيَّمَا فِي الإمَامِيَّةِ مِنْهُمْ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِمْ شَيَاطِينُ الْجِنِّ أَوَّلاً بِحُبِّ أَهْلِ البَيْتِ وَاسْتِفْرَاغِ الحُبِّ فِيهِمْ، وَرَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أسْنَى القُرُبَاتِ إِلَى اللهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ لَوْ وَقَفُوا وَلَا يَزِيدُونَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُمْ تَعَدَّوْا مِنْ حُبِّ أَهْلِ البَيْتِ إِلَى طَرِيقَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ تَعَدَّى إِلَى بُغْضِ الصَّحَابَةِ وَسَبِّهِمْ حَيْثُ لَمْ يُقَدِّمُوهُمْ وَتَخَيَّلُوا أَنَّ أَهْلَ البَيْتِ أَولَى بِهَذِهِ المَنَاصِبِ الدُّنيَوِيَّةِ، فَكَانَ مِنْهُمْ مَا قَدْ عَرَفَ وَاسْتَفَاضَ. وَطَائِفَةٌ زَادَتْ إِلَى سَبِّ الصَّحَابَةِ القَدْحَ فِي رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَفِي جِبْرِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَفِي اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ حَيْثُ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى رُتْبَتِهِمْ وَتَقْدِيمِهِمْ فِي الخِلَافَةِ لِلنَّاسِ حَتَّى أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ: "مَا كَانَ مِنْ بَعْثِ الأَمِينِ أمِيناً"، وَهَذَا كُلُّهُ وَاقِعٌ مِنْ أَصْلٍ صَحِيحٍ وَهُوَ حُبُّ أَهْلِ البَيْتِ أَنْتَجَ فِي نَظَرِهِمْ فَاسِداً فَضَلُّوا وأضَلُّوا، فَانْظُرْ مَا أَدَّى إِلَيْهِ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ أخْرَجَهُمْ عَنْ الحَدِّ فَانْعَكَسَ أَمْرُهُمْ إِلَى الضِّدِّ، قَالَ تَعَالَى: (يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وأضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)). [الفُتُوحَاتُ المَكِّيَّةَ ج1 ص282].

وَغَيْرُهَا مِنْ كَلِمَاتِهِ البَاطِلَةِ الضَّالَّةِ المَوْجُودَةِ فِي كُتُبِهِ فِي التَّحَامُلِ عَلَى اتِّبَاعِ الثِّقْلَيْنِ (الكِتَابُ والعِتَرةُ). وَقَدْ ادَّعَى البَعْضُ أَنَّ هَذِهِ العِبَارَاتِ مَدْسُوسَةٌ عَلَيْهِ.. وَهِيَ دَعْوَى لَمْ يُثَبِّتْهَا أَحَدٌ بِدَلِيلٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَتَصَدَّ جِهَةٌ مُعْتَدٌ بِهَا لِتَهْذِيبِ كُتُبِهِ وَتَمْيِيزِ المَدْسُوسِ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ المَدْسُوسِ حَتَّى نَطْمَئِنَّ لِصِحَّةٍ مَا مَوْجُودٌ فِيهَا.. وَمِنْ هُنَا يَكُونُ المُنَاسِبُ هُوَ التَّوَقُّفُ فِي قِرَاءَةِ كُتُبِ هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى لَا يُصَابَ الإِنْسَانُ بِالخَلْطِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ أَوْ تَكُونَ قراءَتُها لِذَوِي الإخْتِصَاصِ فَقَطْ الَّذِينَ يُمَيِّزُونَ الغَثَّ مِنْ السَّمِيْنِ فَيَأْخُذُونَ النَّافِعَ مِنْهَا وَيَتْرُكُونَ البَاطِلَ وَالضَّارَّ.

 وَاللهِ الهَادِي لِلصَّوَابِ. 

 وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.