احد النواصب اثار شبهه ان الرسول (ص) قال ان فاطمة الزهراء (ع) اول الناس لحوقاً به فكيف قتل المحسن والتحق بالنبي قبل سيدة نساء العالمين (ع)؟

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أوّلاً: إنّ كلامَ النّبيّ  صلى اللهُ عليهِ وآلهِ إنّما يشملُ الموجودينَ من أهلِ بيتهِ في ذلك الوقت، ولا يشملُ غيرهم، أو كما يعبّرونَ في علم المنطقِ بأنّ هذهِ القضيةَ قضيةٌ خارجية، وليست حقيقية، بمعنى أنّ الحكمَ فيها مختصٌّ بالموجودينَ فعلاً في الخارج، ولا يشملُ من سيوجدونَ بعدَ ذلك، فالمحسنُ عليهِ السّلام ليسَ مشمولاً أساساً بأهلِ البيتِ في هذا الحديث لكي يردَ علينا هذا الإشكال.

وبتعبيرٍ آخر: إنّ قولهُ (ص وآله): «أهل بيتي» في الحديثِ لا يشملُ الأجنّة في بطونِ أمّهاتهم، لا لغةً ولا اصطلاحاً، فلا يشملُ المحسنَ (ع) بأيّ نحو.

أما لغةً: فإنّهُ منَ الواضح أنّ الجنينَ لا يُعدّ في اللغةِ من أهلِ الرّجل،  أو من أهل بيته؛ لأنّ المرادَ بأهلِ البيت من يسكنونَ فيه، والجنينُ لا يعتبرُ من سُكّان البيت.

قالَ الخليلُ بنُ أحمد: أَهْلُ الرَجل: زوجهُ، وأخصّ النّاس به. والتَّأَهُّل: التَّزوُّج. وأهل البيت: سُكّانه( 1). 

وقالَ الزبيدي: الأهلُ للبيت: سُكَّانه ومن ذلك: أهلُ القرى: سُكّانها(2 ).  

وأما اصطلاحاً فإنّ الأحاديثَ حصرتْ أهلَ البيتِ في ذلك الوقتِ بعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع) كما دلّت على ذلك أحاديثُ كثيرةٌ مرويّةٌ في كتبِ الفريقين.

وعليهِ فمن يزعمُ أنّ الجنينَ مشمولٌ بأهلِ البيتِ فعليهِ الإثبات.

ثانياً: إنّ الجنينَ الذي يكونُ في رحمِ أمّهِ لم تبدأ حياتهُ الفعليّة بحيثُ يحسبُ عمره، بل إنّ حسابَ السنّ يبدأ بعد ولادتهِ وخروجهِ لهذا العالم، وعليه فسقوط المحسن (ع) لا يصدقُ عليهِ أنّهُ لحوقٌ بالنّبيّ، فهو لم يدركهُ أساساً، فكيفَ يكونُ سقوطهُ لحوقاً بالنّبيّ؟!

ثالثاً: من يقرأ الرّواية يجد أنّ النّبيّ (ص وآله )كانَ في مقام مواساةِ الزّهراء (ع) والتّخفيف من مصابها بفقده، فليسَ من المعقولِ أن يذكّرها في مثلِ هذه الحالة بمصيبةٍ أخرى، فمثلُ هذا الفعلِ ناقضٌ للغرض، ولا يصدرُ من عاقل، فكيفَ بسيّد العقلاء؟

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العين 4/89.

(2) تاج العروس 28/41.