لماذا قول أشهد أنّ علياً وليّ الله في الاذان مستحبٌ وليس واجباً ؟مع العلم ان ولاية الإمام علي (عليه السلام) حقٌ وفرضٌ أوجبهُ الله على كلّ مسلم

إذا كانت رسالةُ الرسول محمّد بموازاة تبليغ أمر الولاية إستناداً للآية الكريمة (ياأيّها النبيّ بلغ ما أنزل إليك من ربّك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته) اي أنّ التبليغ بالولاية لأمير المؤمنين عليه السلام  يوازيه إلغاء رسالته اذن فلماذا قول أشهد أنّ علياً وليّ الله في الاذان مستحبٌ وليس واجباً وإنّ من يأتي به في الأذان والإقامة بنية الواجب فيحكم عليه بالبطلان وهذا بإتفاق كلّ مراجع الدين الشيعة

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

يرتكزُ كلام السائل على أنّ ولاية الإمام علي (عليه السلام) حقٌ وفرضٌ أوجبهُ الله على كلّ مسلم، فلابدّ من ذكرها في الأذان على نحو الوجوب أيضاً، وهذا قياسٌ غير صحيح، فكون هناك أمر حقٌ وواجب لا يعني جواز ذكره في الأذان، فالأحكام الشرعية توقيفية لا يجوز فيها الزيادة والنقصان، وما ورد من الروايات في خصوص الأذان حدّدتْ فصوله بعبارات لا يجوز الزيادة فيها بنية كونها جزءاً من الأذان، ومن فعل ذلك يكون قد ابتدع ونسب للشارع ما لم ينسبه لنفسه، فإذا رجعنا لكتب الرواية عند الشيعة وما جاء فيها من أحاديث في كيفية الأذان لما وجدنا فيها رواية واحدة تثبت كون الشهادة الثالثة جزءاً من الأذان، فقد روى الكلينيّ في الكافي 35 رواية متعلقة بالأذان والإقامة، منها حوالي 3 روايات تتحدّث عن كيفية الأذان والإقامة، ولم يكن في هذه الروايات ما يشير إلى وجود الشهادة الثالثة في الأذان أو الإقامة (الكافي كتاب الصلاة باب بدء الاذان، ج 3 ص 303 – 309). واخرج الشيح الطوسي في كتابه التهذيب 72 رواية تتعلقُ بالأذان والإقامة، منها 25 رواية تدور مضامينها حول كيفية الأذان والإقامة، ولم يرد فيها ذكر الشهادة الثالثة (تهذيب الاحكام، كتاب الصلاة، باب الاذان والإقامة، ج1 ص 50 – 66). أمّا في كتابه الإستبصار فقد أخرج الشيخ الطوسي 48 رواية تتعلّق بالأذان والإقامة، منها 18 رواية تتحدّث حول كيفية الأذان والإقامة، ولا يوجد أيّ رواية منها تشير إلى وجود الشهادة الثالثة (الإستبصار، كتاب الصلاة، باب الاذان والإقامة، ج1 ص 300 – 311). وفي كتاب من لا يحضرهُ الفقيه أخرج الشيخ الصدوق 52 رواية، منها رواية واحدة تتحدث عن كيفية الأذان والإقامة، غير أنّ هذه الرواية لم يتم ذكر الشهادة الثالثة فيها أيضاً (من لا يحضره الفقيه، كتاب الصلاة، باب الأذان والإقامة، ج1 ص 184- 197)، وقد علق الشيخ الصدوق بعد ذكر الرواية المتعلقة بالأذان والإقامة، بقوله: (هذا هو الأذان الصّحيح، لا يُزاد فيه ولا يُنْقص منه، والمُفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان "محمّد وآل محمّد صلی الله عليه وآله وسلم خير البريّة مرّتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أنّ محمّداً رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم أشهد أنّ علياً وليّ اللّه مرّتين، ومنهم من روى بَدَلَ ذلك أشهد أنّ عليًّا أمير المؤمنين حقًّا وأنّ محمداً وآله صلوات الله عليهم، خير البريّة، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان، وإنّما ذكَرتُ ذلك ليُعْرَف بهذه الزيادة المتَّهمون بالتفويض المُدلّسون أنفسهم في جُملتنا)

وجمعَ العلامة المجلسي في بحاره أكثر من 90 رواية تتمحور حول الأذان والإقامة، ولم ترد أيّ رواية تتحدّث عن كون الشهادة الثالثة من فصول الأذان أو الإقامة (بحار الأنوار، باب الأذان والإقامة ج 81، ص 103 -184). أمّا الحرّ العاملي في وسائله فقد جمع أكثر من 240 رواية من دون المكررات حول الأذان والإقامة، منها حولي 25 (دون المكرر) تتحدّث عن فصول الأذان والإقامة، ولم يُورِد أي حديث يكشف عن أنّ الشهادة الثالثة من فصول الأذان والإقامة (وسائل الشيعة، أبواب الأذان والإقامة ج 5، ص 369-457)

ومن هنا يمكننا تصنيف موقف فقهاء الشيعة من ذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة إلى ثلاثة مواقف:

الأول: هم الفقهاء الذين لم يبحثوها في كتبهم الفقهية ولم يشيروا إليها، مثل الشيخ المفيد، والسيد المرتضى، ابن زهرة الحلبي، المحقق الحلي، والسيد ابن طاووس، ابن فهد الحلي، المحقق الكركي، واخرين. 

الثاني: المرجّحون لترك الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، سواء قالوا بالحرمة أو بالكراهة، من أمثال، الشيخ الصدوق، الشيخ الطوسي، يحيى بن سعيد الحلبي، والعلامة الحلي، الشهيد الأول والشهيد الثاني، المحقق الاردبيلي، واخرين.

الثالث: المؤيدونَ لذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، سواء قالوا بالإباحة أو بالاستحباب، بشرط عدم قصد الجزئية حتى لو كان على نحو الجزئية الإستحبابية، ومنهم العلامة المجلسي، نعمة الله الجزائري، الشيخ يوسف البحراني، الوحيد البهبهاني، الميرزا القمّي، والمحقق النراقي، الشيخ الجواهري محمد حسن النجفي، واخرين. 

ويتضحُ من كلّ ذلك أنّ الشّهادة الثالثة لم يرد فيها من الروايات ما يفيد كونها جزءاً من فصول الأذان ولذا لا يمكن جعلها في الأذان على نحو الوجوب. وهذا لا يقدح في كون الولاية واجبة وشرط في إكمال الرسالة.