هل انتصرَ الحسينُ (ع) عسكريّاً ؟  

613 - رواية ٌ في كتابِ بحاِر الأنوار  ونصُّها: ورويَ عن مولانا الصادقِ عليهِ السّلام أنّه قال: سمعتُ أبي عليهِ السّلام يقول: لمّا التقى الحسينُ عليه السّلام وعمرُ بنُ سعد لعنَه اللهُ وقامَت الحربُ، أُنزلَ النصرُ حتّى رفرفَ على رأسِ الحُسين عليه السّلام ثمَّ خُيّرَ بينَ النّصرِ على أعدائِه وبينَ لقاءِ اللهِ تعالى، فاختارَ لقاءَ اللهِ تعالى قالَ الرّاوي: ثمَّ صاحَ عليه السّلام: أما مِن مُغيثٍ يغيثُنا لوجهِ الله، أما مِن ذابِّ يذبُّ عَن حرمِ رسولِ الله. وقالَ المفيدُ رحمَه الله : وتبارزوا فبرزَ يسارٌ مولى زيادٍ بنِ أبي سفيان وبرزَ إليه عبدُ اللهِ بنُ عمير، فقالَ له يسار: مَن أنتَ فانتسبَ له فقال: لستُ أعرفُك حتّى يخرجَ إليَّ زهيرٌ بنُ القين أو حبيبٌ بنُ مظاهر، فقالَ له عبدُ اللهِ بنُ عُمير: يا ابنَ الفاعلة.    السؤالُ هل الإمامُ انتصرَ عسكريّاً حسبَ الرّواية؟؟  

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :   

هذه الرّوايةُ تنصُّ على أنّ النصرَ العسكريَّ قد عُرضَ على أبي عبدِ اللهِ الحسين (ع)، وخيّرَ بينَ النصرِ والشهادة، حيثُ قال: اُنزلَ النصرُ حتّى رفرفَ على رأسِ الحُسينِ عليه السّلام ثمَّ خُيّرَ بينَ النصرِ على أعدائِه وبينَ لقاءِ اللهِ تعالى، فاختارَ لقاءَ الله تعالى.  

وشاءَ اللهُ أن يراهُ قتيلاً، فاختارَ الإمامُ بإرادتِه وكاملِ اختيارِه ما شاءَه اللهُ له، لأنّ الخسارةَ بحسبِ الموازينِ العسكريّةِ ستُحقّقُ النصرَ لدينِ الله، بل الفتح، والفتحُ أعظمُ منَ النصرِ المعنوي، وأعظمُ منَ النصرِ العسكري، كما رويَ عن الحُسينِ (ع): مَن لحقَ بي استشهد ومَن لم يلحَق بي لم يُدرِك الفتحَ. (كاملُ الزياراتِ لابنِ قولويه، ص157).  

وقد عرضَ الجنُّ أيضاً المعونةَ للإمامِ الحُسين (ع) ولكنّهُ رفض، لأنّهُ يعلمُ أنّ اللهَ اختارَ له الشهادةَ، وأنّ المشروعَ الإلهيَّ لن يتحقّقَ إلا بالشهادة.   

وقد رأى الحسينُ (ع) النبيّ (ص) في المنامِ وهوَ يقول له: وإنَّ لكَ في الجنّةِ درجاتٍ لن تنالها إلّا بالشهادة. (الفتوحُ لابنِ اعثم: 5 / 19).  

كانَ الحسينُ (ع) عالماً بمقتلِه وشهادتِه في كربلاء، والأنبياءُ يعلمونَ ذلك ابتداءً مِن نبيّ اللهِ آدم، وانتهاءً بخاتمِ الأنبياءِ محمّد (ص)، وكذلكَ أصحابُ النبيّ (ص) يعلمونَ بمقتلِه وشهادتِه، وقد أخبرَهم النبيّ (ص) بذلكَ مراراً وتكراراً، وحذّرَهم مِن وقوعِ ذلك، وهذا أمرٌ معلومٌ متواترٌ في تراثِ المُسلمينَ قاطبة.  

ولو انتصرَ عسكريّاً لم يُقتَل في كربلاء.  

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.