ما صحّةُ دعاءِ جبرئيلَ (ع)؟ وكذلكَ دعاءُ الزهراءِ (ع) لقضاءِ الحوائج؟ 

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،

أمّا الشقُّ الأوّلُ منَ السّؤالِ، فلم نرَ أحداً مِن عُلمائِنا الأعلامِ مَن يُشكّكُ في هذا الدعاء، معَ أنّهم رَووهُ في كُتبِهم المُعتبرةِ كما هو الحالُ معَ الشيخِ المجلسيّ (ره)، إذ يظهرُ منهُ أنّ العملَ بهذا الدعاءِ لا إشكالَ فيه، وعلى فرضِ التشكيكِ بصحّتِه، فينبغي حينئذٍ أن يُقرأ الدعاءُ برجاءِ أن يكونَ مطلوباً للهِ تعالى كما بيّنَه علماؤنا الأعلامُ في الأمورِ التي لا يتطلّبُ فيها التشديدُ والتدقيقُ كما في الأدعيةِ ونحوِها.  

وإليكَ باختصارٍ ما وردَ في هذا الدعاءِ مِن كتابِ بحارِ الأنوار (ج92/363 وما بعدَها)، إذ يقولُ الشيخُ المجلسيّ: عن مُهجِ الدعواتِ،  روى ابنُ عبّاس أنّهُ قالَ: دخلتُ على رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله فرأيتُه ضاحِكاً مسروراً، فقلتُ: ما الخبر؟ فداكَ أبي وأمّي يا رسولَ الله؟ فقالَ: يا ابنَ عبّاس أتاني جبرئيلُ عليهِ السلام وبيدِه صحيفةٌ مكتوبٌ فيها كرامةٌ لي ولأمّتي خاصّةً فقالَ لي: خُذها يا محمّد، واقرَأ ما فيها وعظّمه! فإنّهُ كنزٌ مِن كنوزِ الآخرةِ وهذا دعاءٌ أكرمَك اللهُ عزَّ وجلّ به، ولأمّتِك، فقلتُ له: وما هوَ يا جبرئيل؟ 

فقالَ صلّى اللهُ عليهِ وعلى جميعِ الملائكةِ المُقرّبينَ: سبحانَ اللهِ وبحمدِه - وهوَ الدعاءُ الذي قد تقدّمَ ذكرُه إلى سبحانِ اللهِ العظيم (1). 

فقلتُ: يا جبرئيُل وما ثوابُ مَن يدعو بهذا الدعاء؟ فقالَ: يا محمّد سألتني عن ثوابٍ لا يعلمُه إلّا اللهُ تعالى، لو صاَرت البحارُ مداداً، والأشجارُ أقلاماً، وملائكةُ السماواتِ كتّاباً، وكتبوا بمقدارِ الدّنيا ألفَ مرّةٍ لفنيَ المدادُ، وتكسّرَت الأقلامُ لم يكتبوا العُشرَ مِن ذلك، يا محمّد والذي بعثكَ بالحقِّ نبيّاً ما مِن عبدٍ ولا أمةٍ يدعو بهذا الدعاءِ إلا كتبَ اللهَ عزَّ وجلَّ لهُ ثوابَ أربعةٍ منَ الأنبياء، وأربعةٍ منَ الملائكةِ، فأمّا الأنبياءُ فأوّلاً ثوابُك يا محمّد، وثوابُ عيسى، وثوابُ موسى، وثوابُ إبراهيم [وثوابُ نوح] عليهم السلام وأمّا الملائكةُ فأوّلاً ثوابي، وثوابُ إسرافيلَ وثوابُ ميكائيل، وثوابُ عزرائيل. 

يا محمّد ما مِن رجلٍ أو امرأةٍ يدعو بهذا الدعاءِ في عُمرِه عشرينَ مرّة، فإنَّ اللهَ تباركَ وتعالى لا يعذّبُه بنارِ جهنّم، ولو كانَ عليهِ منَ الذنوبِ زبدُ البحر، وقطرُ الأمطار، وعددُ النجوم، وزنةُ العرشِ والكُرسي، واللوحِ والقلم، والرملِ والشعرِ والوبر، وخلقُ الجنّةِ والنار، لغفرَ اللهُ ذلكَ له، ويكتبُ لهُ بكلِّ ذنبٍ ألفَ حسنة. 

يا محمّد وإن كانَ بهِ همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌ أو مرضٌ أو عرضٌ أو عطشٌ أو فزع، وقرأ هذا الدعاءَ، ثلاثَ مرّات، قضا اللهُ عزّ وجلّ له حاجتَه، ومَن كانَ في موضعٍ يخافُ الأسدَ والذئبَ أو أرادَ الدخولَ على سلطانٍ جائر، فإنَّ اللهَ تباركَ وتعالى يمنعُ عنهُ كلَّ سوءٍ ومحذورٍ وآفة، بحولِه وقوّتِه، ومَن قرأه في حربٍ مرّةً واحدةً قوّاهُ الله عزَّ وجلّ قوّةَ سبعينَ مِن أصحابِ المُحاربينَ، ومَن قرأهُ على صداعٍ أو شقيقةٍ أو وجعِ البطنِ أو ضربانِ العينِ أو لدغِ الحيّةِ أو العقربِ كفاهُ اللهُ جميعَ ذلك. 

يا محمّدُ مَن لا يؤمِنُ بهذا الدعاءِ فهوَ برئٌ منّي، ومَن ينكرُه فإنّهُ تذهبُ عنهُ البركة. 

قالَ الحسنُ البصري: ما خلّفَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله لأمّتِه بعدَ كتابِ اللهِ عزّ وجل أفضلَ مِن هذا الدّعاء. 

قالَ سُفيان: كلُّ مَن لا يعرفُ حُرمةَ هذا الدعاءِ فإنّهُ مُخاطر. 

قالَ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله: يا جبرئيلُ لأيّ شيءٍ فضِّلَ هذا الدعاءُ على سائرِ الأدعية؟ 

قالَ: لأنَّ فيهِ اسمَ اللهِ الأعظم، ومَن قرأه زادَ في ذهنِه وحفظِه وعلمِه وعمرِه وصحّتِه في بدنِه أضعافاً كثيرة، ويدفعُ اللهُ عزَّ وجلَّ عنهُ تسعينَ آفةً مِن آفاتِ الدنيا وسبعَ مائةٍ مِن آفاتِ الآخرة. 

ثمَّ أجرَ الدعاءَ الأوّلَ والحمدُ للهِ كثيراً. 

صفةُ أجرِ الدعاءِ الثاني: رويَ عن أميرِ المؤمنينَ عليٍّ بنِ أبي طالب عليهِ السلام عن النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله أنّه قالَ: نزلَ جبرئيلُ عليهِ السلام وكنتُ أصلّي خلفَ المقام، قالَ: فلمّا فرغتُ استغفرتُ اللهَ عزَّ وجل لأمّتي، فقالَ لي جبرئيلُ عليهِ السلام: يا محمّدُ أراكَ حريصاً على أمّتِك، واللهُ تعالى رحيمٌ بعبادِه، فقالَ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله لجبرئيل عليهِ السلام: يا أخي أنتَ حبيبي وحبيبُ أمّتي، علّمني دعاءً تكونُ أمّتي يذكروني مِن بعدي. 

فقالَ لي جبرئيلُ عليهِ السلام: أوصيكَ أن تأمرَ أمّتَك أن يصوموا ثلاثةَ أيامِ البيضِ مِن كلِّ شهرٍ: الثالثَ عشر، والرابعَ عشر، والخامسَ عشر وأوصيكَ يا محمّد أن تأمرَ أمّتَك أن تدعو بهذا الدعاءِ الشريف، وإنَّ حملةَ العرشِ يحملونَ العرشَ ببركةِ هذا الدعاء، وببركتِه أنزلُ إلى الأرضِ وأصعدُ إلى السّماء، وهذا الدعاءُ مكتوبٌ على أبوابِ الجنّة، وعلى حُجراتِها، وعلى شرفاتِها، وعلى منازلها وبه تفتحُ أبوابَ الجنة وبهذا يحشرُ الخلقُ يومَ القيامة بأمر الله عزّ وجل.

ومن قرأ هذا الدّعاء من أمتكَ يرفعُ اللهُ عزّ وجلّ عنهُ عذابَ القبر، ويؤمنه...إلخ.

وأمّا الجوابُ عن الشقّ الثاني من السّؤال، فما بيّناهُ في الجواب الأوّل نذكرهُ هاهنا في الجوابِ الثاني، أي على فرض التشكيكِ بصحّته، فينبغي حينئذٍ أنْ يقرأ الدعاءُ برجاءِ أنْ يكون مطلوباً لله تعالى كما بيّنه علماؤنا الأعلام في الأمور التي لا يتطلب فيها التشديد والتدقيق كما في الأدعية ونحوها، وإليك هذا الدعاء كما ورد في كتاب مفاتيح الجنان:

دعاءُ الزهراءِ عليها السلام لقضاءِ الحوائج 

عن فاطمةَ الزهراءِ عليها السلام بنتِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم قالت :  

قالَ لي رسولُ الله : يا فاطمةُ ألا أعلّمُك دعاءً لا يدعو بهِ أحدٌ إلّا استجيبَ له ولا يحيكُ في صاحبِه سمٌّ ولا سحرٌ ولا يعرضُ له شيطانٌ بسوءٍ ولا تردُّ لهُ دعوةٌ وتُقضى حوائجُه التي يرغبُ فيها إلى اللهِ تعالى كلّها عاجلها وآجلها ، قلتُ : أجل يا أبتِ ، هذا واللهِ أحبُّ إليَّ منَ الدنيا وما فيها .. 

قالَ : تقولينَ : ( يا اللهُ، يا أعزَّ مذكورٍ ، وأقدمَه قدماً ، في العزّةِ والجبروتِ ، يا اللهُ ، يا راحمَ كلِّ مُسترحم ، ومفزعِ كلِّ ملهوف ، يا اللهُ يا راحمَ كلِّ حزينٍ يشكو بثّه وحزنَه إليكَ ،يا اللهُ يا خيرَ مَن طُلبَ المعروفُ منه وأسرَّ في العطاء ، يا الله يا مَن تخافُ الملائكةُ المتوقّدةُ بالنورِ منه . 

أسألكَ بالأسماءِ التي تدعوكَ بها حملةُ عرشِك ومِن حولِ عرشِك يسبّحونَ به شفقةً مِن خوفِ عذابِك ، وبالأسماءِ التي يدعوكَ بها جبرائيلُ وميكائيلُ وإسرافيل إلاّ أجبتني وكشفتَ يا إلهي كُربتي وسترتَ ذنوبي، يا مَن يأمرُ بالصّيحةِ في خلقِه ( فإذا هُم بالسّاهرة).  

أسألكَ بذلكَ الاسمِ الذي تُحيي بهِ العظامَ وهيَ رميمٌ أن تُحيي قلبي وتشرحَ صدري وتُصلحَ شأني، يا مَن خصَّ نفسَه بالبقاءِ وخلقَ لبريّتِه الموتَ والحياة ، يا مَن فعلهُ قولٌ ، وقولهُ أمرٌ ، وأمرُه ماضٍ على ما يشاء ، أسألُك بالإسمِ الذي دعاكَ به خليلُك حينَ ألقيَ في النارِ ، فاستجبتَ له ، وقلتَ : ( يا نارُ كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ) وبالاسمِ الذي دعاكَ بهِ موسى مِن جانبِ الطورِ الأيمن ، فاستجبتَ لهُ دعاءَه ، وبالاسمِ الذي كشفتَ به عن أيّوبَ الضرَّ وتُبتَ بهِ على داوودَ وسخّرتَ بهِ لسُليمانَ الريحَ تجري بأمرِه والشياطينَ وعلّمتَه منطقَ الطير ، وبالاسمِ الذي وهبتَ بهِ لزكريّا يحيى وخلقتَ بهِ عيسى مِن روحِ القدسِ مِن غيرِ أبٍ ، وبالاسمِ الذي خلقتَ بهِ العرشَ والكُرسي وبالاسمِ الذي خلقتَ بهِ الروحانيّينَ ، وبالاسمِ الذي خلقتَ بهِ الجنَّ والإنسَ وبالاسمِ الذي خلقتَ بهِ جميعَ الخلقِ وجميعَ ما أردتَ مِن شيءٍ ، وبالاسمِ الذي قدرتَ بهِ على كلِّ شيء .  

أسألُكَ بهذهِ الأسماءِ لما أعطيتني سُؤلي وقضيتَ بها حوائِجي ) 

يا أرحمَ الراحمين وصلّى اللهُ على خيرِ خلقِه محمّدٍ وآله الطاهرينَ واجزِهم عنّا خيراً كما هُم أهلٌ لذلكَ يا كريم , ونسألُكم الدعاء. ودمتُم سالِمين.