من هو الحلاج وما موقف الشيعة منه؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :عرفه العلامة السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة بقوله: (الحلاج اسمه الحسين بن منصور بن محمي، قال الخطيب كنيته أبو المغيث، وقيل أبو عبد الله، وانما سمي الحلاج، قال ولده: لأنه تكلم على اسرار الناس فسمي حلاج الاسرار، وقيل لأنه دخل واسطا فتقدم إلى حلاج وبعثه في شغل فقال الحلاج انا مشغول بصنعتي، فقال اذهب أنت في شغلي حتى أعينك في شغلك فلما رجع وجد قطنه كله محلوجا، وقيل لان أباه كان حلاجا فنسب اليه)، أما أصل الحلاج وموطنه فقد قال فيه الدكتور علي ثويني: (وبالرغم من اقتران اسم الحلاج ببغداد فإنه لم يولد فيها وإنما ولد في أطراف واسط القريبة من جنوبها عام 858م في منطقة (البيضاء) التي يقال لها (الطور) وربما يكون ذلك الموضع يقع في تخوم (أهوار) العراق التي تدعى (البيضاء) حتى يومنا هذا، ويؤكد مسقط رأسه هذا المؤرخ (الاصطخري) الذي عاصره وذكر ذلك ابن الجوزي في (المنتظم) حيث ذكر (الحسين بن منصور المعروف بالحلاج من أهل البيضاء)، وهكذا فإنه عراقي المولد والمنشأ بالرغم من ادعاء البعض بفارسيته والتي لا يؤيدها منهج البحث التاريخي. ثم انتقل إلى البصرة قبل وروده بغداد وهو في الثامنة عشر من عمره)وقد كان الحلاج صاحب مذهب خاص في التصوف أدعى فيه لنفسه مقامات أدت إلى تكفيره من عامة المسلمين ومن ثم قتله على يد المقتدر العباسي، وقد تبرى منه حتى الصوفية إلا البعض ممن حاول تأويل مقولاته وتقديم التبريرات لبعض كفرياته، وبالتالي ليس للحلاج أي علاقة بالشيعة كما يحاول بعض خصوم الشيعة من السلفية، بل كان الحلاج يتلون مع كل طائفة حتى يستميل قلوبهم، وهو مع كل قوم على مذهبهم، إن كانوا أهل سنة، أو شيعة، أو معتزلة، أو صوفية، أو حتى إن كانوا من أهل الفسوق، وعندما قدم إلى بغداد حاول استمالة الشيعة من خلال دعوة أبي سهل النوبختي العالم الفاضل لأن يكون من أتباعه، وادعى أنه صاحب كرامات ومعجزات، وقد روى هذه الحادثة الخطيب البغدادي وذكر رد النوبختي  لرسول الحلاج بقوله: هذه المعجزات التي يظهرها قد تأتي فيها الحيل، ولكن انا رجل غزل ولا لذة لي أكبر من النساء وخلوتي بهن، وانا مبتلى بالصلع حتى أني أطول قحفي وآخذ به إلى جبيني وأشده بالعمامة وأحتال فيه بحيل ومبتلى بالخضاب لستر المشيب فان جعل لي شعراً، ورد لحيتي سوداء بلا خضاب، آمنت بما يدعوني اليه كائنا ما كان، ان شاء قلت إنه باب الامام، وان شاء الامام، وان شاء قلت إنه النبي، وان شاء قلت إنه الله. فلما سمع الحلاج جوابه أيس منه وكف عنه.وعندما قدم إلى مدينة قم حاول أيضاً استمالة والد الشيخ الصدوق على بن الحسين بن بابويه القمي، وكتب له يدعوه إلى نفسه، وقد نقل الشيخ الطوسي هذه القصة في كتاب الغيبة، حيث جاء فيها: أنّ الحلاّج كاتب قرابة أبي الحسن يستدعيه ويستدعي أبا الحسن ويقول: أنا رسول الإمام ووكيله، أنّ والد الصدوق لمّا رأى خرقها وقال لموصلها إليه: ما أفرغك للجهالات؟ وأنّ الحلاّج دخل دكان والد الصدوق(ره) فلمّا عرّف بنفسه أنّه صاحب الكتابة أمر بإخراجه وطرده، وقال: يا غلام برجله وبقفاه، فخرج من الدار العدو لله ولرسوله، ثمّ قال له: أتدّعي المعجزات عليك لعنة الله؟ أو كما قال، فلم يره بعد ذلك بقم.وفي الاحتجاج للشيخ الطوسي أن الحلاج خرج في كفره توقيع من الأمام الحجة على يد سفيره الحسين بن روح، حيث قال: فخرج التوقيع يلعنه من قبل صاحب الأمر والزمان وبالبراءة منه، في جملة من لعن وتبرأ منه، وكذا كان أبو طاهر محمد بن علي بن بلال، والحسين بن منصور الحلاج، ومحمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقري، لعنهم الله.وقد رد كثير من علماء الشيعة على الحلاج والحلاجية، كالجنيد، والشيخ الصدوق، وشيخ الطائفة الطوسي، والشيخ الطبرسي، والشيخ المفيد، والسيّد المرتضى علم الهدى، والشيخ جمال الدين المطهر الحلّي، والسيّد ابن طاووس، والشيخ أحمد بن فهد الحلّي وغيرهم الكثير، وقال المفيد في تصحيح اعتقادات الإمامية: والحلاجية ضرب من أصحاب التصوف ، وهم أصحاب الإباحة والقول بالحلول، ولم يكن الحلاج يتخصص بإظهار التشيع وإن كان ظاهر أمره التصوف، وهم قوم ملحدة وزنادقة يموهون بمظاهرة كل فرقة بدينهم ويدعون للحلاج الأباطيل، ويجرون في ذلك مجرى المجوس في دعواهم لزرادشت المعجزات، ومجرى النصارى في دعواهم لرهبانهم الآيات والبينات، والمجوس والنصارى أقرب إلى العمل بالعبادات منهم، وهم أبعد من الشرائع والعمل بها من النصارى والمجوس.