معنى الوحدةِ وأمّةٍ واحدةٍ الواردَةُ في القرآنِ الكريم

عبدُ الغفّار العوضي/: السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ قالَ تَعالى في سورةِ البقرةِ آية ٢١٣ ( كانَ النّاسُ أمةً واحدةً فبعثَ اللهُ النّبيينَ مبشّرينَ ومنذرين ....) وفي سورةِ يونُس اية ١٩ ( وما كانَ النّاسُ إلّا أمةً واحدةً ولا يزالونَ مُختلفين ....) وفي سورةِ النّحل اية ٩٣ ( ولو شاءَ اللهُ لجعلكُم أمةً واحدةً ولكن ...) وفي سورةِ الأنبياء ٩٢ وسورةِ المؤمنون (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً...) وفي سورةِ الشّورى اية ٨(ولو شاءَ اللهُ لَجعلهُم أمةً واحدةً ولكن يُدخل ...) أليسَ لفظُ الوحدةِ بحدّ ذاتهِ ممدوحاً فيما لو انطبقَ في الخارجِ ولكن جاءَ في الآياتِ المذكورةِ بمعانٍ متغايرةٍ فما هوَ المرادُ بالوحدةِ في الآياتِ الكريمةِ ؟ وما هوَ المرادُ بالوحدةِ بشكلٍ خاصٍّ في الآيةِ ٢١٣ من سورةِ البقرةِ؟ يُرجى البيانُ تقبّلَ اللهُ طاعتِكُم في شهرِ القران .

: اللجنة العلمية

الأخُ عبدُ الغفّار المحترمُ, عليكُم السّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ 

بالنّسبةِ لقولهِ تَعالى في سورةِ البقرةِ آية ٢١٣ ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ....) ،قالَ صاحبُ مجمعِ البَيان : « رَوى أصحابُنا عنِ الإمامِ أبي جعفرٍ الباقرِ : أنّهم كانوا قبل نوحٍ  أمّةً واحدةً على فطرةِ اللهِ لا مُهتدينَ ولا ضالّين ، فبعثَ اللهُ النّبيّين . وعلى هذا فالمعنى أنّهم كانوا مُتعبّدينَ بما في عقولِهم غيرَ مّهتدينَ إلى نبوّةٍ ، ولا شَريعة ».[ مجمعُ البَيان، الطّبرسي  2: 65] 

وقولهُ تعالى وفي سورةِ النّحل اية ٩٣ (وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، معناهُ أنّ اللهَ سبحانهُ لو شاءَ لجعلَ النّاسَ كلَّهم على دينٍ واحدٍ وملّةٍ واحدةٍ ولكنْ هذا يكونُ بنحوِ التّفضلِ والإلجاءِ لا بنحوِ الاستحقاقِ ، وما يريدهُ اللهُ سبحانهُ أن يكونَ النّاسُ مؤمنينَ بنحوِ الاستحقاقِ والإختيارِ لا بنحوِ التّفضل والإلجاء .

فالمَعاني كما نَرى مختلفةً من حيثُ استعمالُ مفردةِ الوحدةِ وواحدةٍ في الجُمَلِ القرآنيّةِ ، وعلى العمومِ ، الوحدةُ المطلوبةُ شرعاً  هيَ وحدةُ الحقِّ والاجتماعِ على اتّباعِ الشّريعةِ لا وحدةَ البِدَعِ والأهواءِ ، فالكمُّ بما هو كمٌّ لا قيمةَ له ، ومنْ هنا نجدُ وصفَ الحقّ تباركَ وتَعالى للكيفِ ( النّوع ) في بعضِ المواردِ بأنّه أمّةٌ لوحدهِ مع أنّهُ كانَ فرداً واحداً ، كما في قولهِ تعالى في حقِّ إبراهيمَ ( عليهِ السّلام ) : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّة} النحل : 120.

ودُمتُم سالِمين.