مَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ.

الأخُ – الأختُ اريا زكريا ، تَحيّةً طَيّبَةً

قالَ اللهُ تَعالى في سُورَةِ النّساء : ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(158)﴾

إنَّ الإنجيلَ وَقَعَ في تَهافُتٍ وتَناقُضٍ في قَضِيَّةِ قَتْلِ المسيحِ وصَلبِهِ وهذا يُلاحِظُهُ مَنْ لَهُ أدنَى إطّلاعٍ على نُصوصِه . فأنتَ ذَكَرتَ في سُؤالِكَ آياتٍ مِنَ الإنجيلِ تُشيرُ إلى أنَّ المَسيحَ صُلِبَ وقُتِلَ وكانَ قَتلُهُ فيهِ مَصلحةٌ فإنّهُ فَدَىٰ نَفسَهُ مِنْ أجلِ حَياةِ العاَلمِ فَقَتْلُهُ كانَ لِرَفعِ الخَطيئَةِ عَنِ النّاسِ.

ولكنْ ، قَبلَ أنْ نَذكُرَ النّصوصَ الأُخرى مِنَ الإنجيلِ الّتي تُصرِّحُ أنَّهُ لَمْ يُقتَلْ ولَمْ يُصلَبْ لَدَينا مُناقَشَةٌ في هذهِ النّصوصِ الَّتي دَلَّتْ على أنَّ قَتْلَ وَصَلبَ المَسيحِ كانَ مِنْ أجلِ خَلاصِ العالَمِ وكَفارَةً لِخطاياهُم:

1- إنَّ اللهَ بَعثَ الأنبياءَ جَميعاً مِنْ دونِ إستِثناءٍ لِهدايَةِ البَشَريّةِ وأنزَلَ عَليهِم تَعاليمَ وأحكاماً لِيُبلِّغوها لِلنّاسِ وأمَرَ النّاسَ باتّباعِ الرُّسُلِ وما جاءوا بهِ ، فوَظيفةُ الأَنبِياءِ إرشادُ النّاس الىٰ الطَّريقِ الصَّحيحِ القَويمِ الّذي مِنْ خِلالِهِ يَعمَلُ النّاسُ الصّالِحاتِ ويَبتعِدونَ عن الخَطايا والمُوبِقات.

2- قَولُكُم :إنَّ المَسيحَ قُتِلَ و صُلِبَ مِنْ أجلِ خَلاصِ العالَمِ ومِنْ أجلِ أنْ يَرْفَعَ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ فهذا مَعناهُ أنَّهُ  لَم يُبَلّغْ رِسالَتَهُ كما أَمرَهُ اللهُ لأنَّ اللهَ بَعثَهُ رَسولاً وأنزلَ عليهِ الإنجيلَ  لأَجلِ أنْ يَبتَعِدَ النّاسُ عَنِ الخَطايا ويَسلُكوا طَريقَ الحَقِّ فحَياتُهُ سَبَبٌ لِخَلاصِ العَالَمِ ورَفعِ لِخَطيئَةِ العالَمِ لا أنَّ مَوتَهُ هوَ السَّبَبُ لِذلك ولِهذا لَم نَرَ ولا آيةً واحِدةً  في الإنجيلِ تُشيرُ الى أنَّ اللهَ خاطَبَ المَسيحَ وقالَ لَهُ إنَّ مَوتَكَ هُوَ سَبَبٌ لِخَلاصِ العالَمِ ورَفعٍ لِخَطيَّته.

أمّا النُّصوصُ الّتي وَرَدَتْ في الإنجيلِ وتُؤكِّدُ أنَّ المسيحَ لَمْ يُقتَل ولَم يُصلَب فَهيَ كثيرةٌ منها:

في إنجيل لوقا الإصحاح 4

29 فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةِ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلٍ.

30 أَمَّا هُوَ فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى.

ومنها - إنجيلُ يوحنّا الاصحاح : 8 :59َ رَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا.

ومنها - انجيلُ يوحنّا الإصحاح 10: 93: فَطَلَبُوا أَيْضًا أَنْ يُمْسِكُوهُ فَخَرَجَ مِنْ أَيْدِيهِمْ

ومنها -انجيلُ يوحنّا الإصحاح 20

1 وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلاَمُ بَاق. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا عَنِ الْقَبْرِ.

2 فَرَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ، وَقَالَتْ لَهُمَا: «أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!».

3 فَخَرَجَ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ وَأَتَيَا إِلَى الْقَبْرِ.

4 وَكَانَ الاثْنَانِ يَرْكُضَانِ مَعًا. فَسَبَقَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ بُطْرُسَ وَجَاءَ أَوَّلًا إِلَى الْقَبْرِ،

5 وَانْحَنَى فَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ.

6 ثُمَّ جَاءَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ يَتْبَعُهُ، وَدَخَلَ الْقَبْرَ وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً،

7 وَالْمِنْدِيلَ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِهِ لَيْسَ مَوْضُوعًا مَعَ الأَكْفَانِ، بَلْ مَلْفُوفًا فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ.

8 فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضًا التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلًا إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ،

9 لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ.

10 فَمَضَى التِّلْمِيذَانِ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِهِمَا.

11 أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجًا تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ،

12 فَنَظَرَتْ مَلاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِدًا عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعًا.

13 فَقَالاَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» قَالَتْ لَهُمَا: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!».

14 وَلَمَّا قَالَتْ هذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ.

15 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ».

16 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ.

17 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي.

(ومِنْ هذا نَفهَمُ أنَّ الّذي صُلِبَ وقُتِلَ ليسَ المَسيحُ لأنَّ هذهِ النّصوصُ تُشيرُ الى أنَّ جَسدَ الّذي صُلِبَ كانَ مَوضوعاً وتَنظُرُ إليهِ مَريمُ الْمَجْدَلِيَّةُ ولما التفتت الى الوراء فنظرت يسوع المسيح)

18 فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هذَا.

19 وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»

20 وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ.

(ومِنْ هذا نَفهَمُ أيضاً أنَّ المسيحَ أراهُم يَديهِ وجَنبِهِ أي يريدُ أنْ يَقولَ لَهُم :لَم أكُنْ أنا الّذي صُلِب).

21 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا».

22 وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ.

23 مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ».

( وهذا النَصُّ تَكذيبٌ لمِنْ يَقولُ إنَّ المسيحَ قُتِلَ وصُلِبَ مِنْ أجلِ غُفرانِ خَطايا النّاسِ فَإنَّ مَنْ يَقولُ ذلكَ يَجعَلُ مَنزِلةَ الحوارييّن أعلى وأسمى مِنْ مَنزِلَةِ عيسى (عليه السَّلام) فإنَّ الحَوارييّن حَياتُهُم وبَقاؤهُم سَبَبٌ لِغُفرانِ الخَطايا ومَوتُ عيسى سَبَبٌ لِغُفرانِ الخَطايا فَهَل يُعقَلُ أنَّ الحَوارييّن هم مَنْ يَغفِرونَ لهُ وعيسى (عليهِ السَّلامُ) لا يَستَطيعُ أنْ يَغفِر وإنَّما مَوتُهُ سَبَبٌ للغُفرانِ والخَلاصِ ؟!مالَكُم كَيفَ تَحكُمون ).

 وقَد ذَكرَ بَعضُ الباحِثينَ أنَّه بَعدَ إكتشافِ مَخطوطَةٍ باللّغة القِبطيَّةِ لإنجيلِ يَهوذا في مِصرَ والّتي كانَتْ مَكتوبةً على وَرَقِ البَرديّ وقَد تَمَّ تَرجَمتُها إلى اللُّغةِ الإنجليزيّة ووَرَدَ على لِسانِ المَسيحِ فيها أنَّ يَهوذا سَوفَ يُصلَبُ مَكانَ المسيحِ وسَوفَ يُشَبَّهُ للنّاسِ أنَّ المصلوبَ هو المَسيحُ وهذا هوَ النَّصُّ وسَنَذكُرُ لكَ ترجَمَتَهُ:

‏Near the end of the Judas gospel, Jesus tells Judas he will "exceed" the rest of the disciples "for you will sacrifice the man that clothes me."

وهذا النَّصُ معناهُ أنَّ المسيحَ يُخاطِبُ يَهوذا في نِهايَةِ الإنجيلِ المَنسوبِ إليهِ ويَقولُ لَهُ أنّه (أي يهوذا) سَوفَ يَختلِفُ عن باقي الحَواريّين "exceed" the rest of the disciples وأنه سَوفَ يَكونُ الرّجُلُ ( the man ) الّذي يُضحّىٰ بهِ كَشَبيهٍ لي ( يَلبَسُني = clothes me)

إنْ قلتَ - فماذا نَعمَلُ بالنّصوصِ الّتي أشارتْ الىٰ أنَّ عيسى صُلِبَ وقُتِلَ ولكنّه قامَ بَعدَ ثَلاثَةِ أيّامٍ مِنْ بَينِ الأموات.

قُلتُ- وكَما قُلنْا مِراراً وتِكراراً مِنْ أنَّ هذا الكِتابَ المُقدَّسَ الّذي بِأَيديكُم لا يُعطيكُمُ الحَقيقَةَ كَما هِيَ لأنَّ فيهِ إختلافاً وتَناقُضاً كَثيراً وهذا حالُ الكُتُبِ الّتي تُكتَبُ بِأيدي النّاس تَجِدُ فيها مِنَ الإختلافِ والتّناقُضِ ما يَجعَلُكَ في حَيرَةٍ مِنْ أمرِكَ ولا تَعرِفُ الحَقَّ بِعَينِهِ وصَدقَ الله حينما قالَ في القرانِ في سورَة النّساء (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82))

فلو كانَ ما في أيديكُم هوَ الإنجيلُ الحَقيقيُّ الّذي أنزَلهُ الله على عيسى عليهِ السّلامُ لتَبيَّنَ لكَ الأمرُ ولَقُلتَ صَدقَ الله حينما قالَ (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)

ودُمتُم سالمين.