التَّكسُّبُ وَمِقْدَارُهُ اللَّازِمُ.

سُؤَالٌ: هُنَاكَ رِوَايَاتٌ تُشعِرُنَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ نُبَالِغَ فِي السَّعْيِ وَرَاءَ الرِّزْقِ، فَأَرْزَاقُنَا مَقْسُومَةٌ وَمُوَزَّعَةٌ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ أَهَمِّيَّةِ التَّعَرُّضِ وَالسَّعْيِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ، وَبَيْنَ عَقِيدَةِ أَنَّ الأَرْزَاقَ مَقْسُومَةٌ كَمَا فِي تَعْبِيرِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَلَامُ): "رِزْقُكَ لَنْ يَسْبِقَكَ إِلَيْهِ طَالِبٌ، وَلَنْ يَغْلِبَكَ عَلَيْهِ غَالِبٌ، وَلَنْ يُبْطِئَ عَنْكَ مَا قَدْ قُدِّرَ لَكَ"؟ 

: اللجنة العلمية

     الأَخُ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. 

     إِنَّ اخْتِلَافَ الجِهَةِ يَرْفَعُ مَا ظَاهِرُهُ التَّنَافِي.

     فَمِنْ جِهَةِ ضَمَانِ الرِّزْقِ نَهَتْ الشَّرِيعَةُ عَنْ المُبَالَغَةِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ وَأَنْ يَقْضِيَ الإِنْسَانُ كُلَّ يَوْمِهِ فِي ذَلِكَ، فَاللَّازِمُ الطَّلَبُ بِمِقْدَارِ الضَّرُورَةِ.

     وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّكسُّبَ مِنْ قِوَامِ الحَيَاةِ وَحِفْظِ نِظَامِ المُجْتَمَعَاتِ، حَثَّتْ الشَّرِيعَةُ الإِسْلَامِيَّةُ عَلَى التَّكسُّبِ وَالاِتِّجَارِ وَأَنْ لَا يُتَّكَلَ عَلَى مُجَرَّدِ العِبَادَةِ.

     فَهَذِهِ مِنْ أَسَالِيبِ التَّنْمِيَةِ البَشَرِيَّةِ الَّتِي يَسْتَخْدِمُهَا الإِسْلَامُ الحَنِيفُ لِتَنْظِيمِ حَيَاةِ النَّاسِ، فالتَّكسُّبُ وَاجِبٌ عَقْلاً وَالشَّرِيعَةُ أَكَّدَتْ عَلَيْهِ، وَالمَنْهِيُّ عَنْهُ المُبَالَغَةُ فِي التَّكسُّبِ حَتَّى يَكُونَ كُلَّ هَمِّهِ، وَيُقَصِّرُ فِي تَرْبِيَةِ أَطْفَالِهِ وَالنَّظَرِ فِي حَاجَاتِ عَائِلَتِهِ وَمُجْتَمَعِهِ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.