عِلْمُ الخَالِقِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
أَحْمَدُ عَبَّاسُ حَمْزَةُ الخاقاني: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. عِلْمُ اللهِ تَعَالَى، ضَرُورِيٌّ أَمْ نَظَرِيٌّ؟
الأَخُ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
ذَكَرَ عُلَمَاءُ الكَلَامِ أَنَّ صِفَاتَ البَارِي (عَزَّ وَجَلَّ) إِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّصِفَ بِهَا وَهِيَ الصِّفَاتُ الثُّبُوتِيَّةُ، وَإِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهَا وَهِيَ الصِّفَاتُ السَّلْبِيَّةُ.
وَذَكَرُوا لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا أَفْرَادًا، وَمِنْ أَفْرَادِ الصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ العِلْمُ، فَقَالُوا: وَاجِبُ الوُجُودِ عَالِمٌ.
ثُمَّ فَصَّلُوا الكَلَامَ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ، وَمِنْ تِلْكَ التَّفَاصِيلِ كَلَامُهُمْ فِي العِلْمِ.
العِلْمُ: هُوَ الصُّورَةُ الحَاصِلَةُ مِنْ الشِّيءِ عَلَى صَفْحَةِ الذِّهْنِ.
فَالعِلْمُ هُوَ اِنْعِكَاسُ الخَارِجِ عَلَى الذِّهْنِ عِنْدَ الإتِّصَالِ بِهِ - بِالخَارِجِ -.
وَالعِلْمُ: إِمَّا حُضُورِيٌّ أَوْ حُصُولِيٌّ.
العِلْمُ الحُضُورِيُّ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حُضُورٍ المُدْرَكِ لَدَى المُدْرِكِ مِنْ دُونِ تَوَسُّطِ أَيِّ شِيءٍ. نَظِيرَ مَا لَوْ جَاعَ الإِنْسَانُ، فَإِنَّ نَفْسَ الجُوعِ حَاضِرٌ لَدَيْهِ وَمِنْ دُونِ وَاسِطَةٍ بَيْنَ الإِنْسَانِ وَجُوعُهِ.
العِلْمُ الحُصُولِيُّ: هُوَ مَا تَكُونُ فِيهِ الوَاقِعِيَّةُ الخَارِجِيَّةُ مَعْلُومَةً بِتَوَسُّطِ صُورَةٍ مُطَابِقَةٍ لَهَا. فَالإِنْسَانُ يَعْلَمُ بِحَرَارَةِ النَّارِ بِتَوَسُّطِ الحِسِّ.
الفَارِقُ الجَوْهَرِيُّ بَيْنَ القِسْمَيْنِ:
وَمِمَّا تَقَدَّمَ يَتَّضِحُ الفَرْقُ الجَوْهَرِيُّ بَيْنَ العِلْمَيْنِ، فَفِي العِلْمِ الحُصُولِيِّ المَعْلُومُ غَيْرُ حَاضِرٍ لَدَى المُدْرِكِ بِوَاقِعِيَّةٍ، وَفِي العِلْمِ الحُضُورِيِّ المَعْلُومُ حَاضِرٌ لَدَى المُدْرِكِ بِوَاقِعِيَّةٍ.
مُقَوِّمَاتُ العِلْمِ الحُصُولِيِّ:
ذَكَرُوا أَنَّ العِلْمَ الحُصُولِيَّ يَتقَوَّمُ بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ:
1 - المُدْرِكُ، وَهُوَ الحَاسَّةُ.
2 - الخَارِجُ، وَهُوَ الشَّيْءُ المُدْرَكُ، مِثْلُ النَّارِ.
3 - الصُّورَةُ العِلْمِيَّةُ، وَهُوَ مَعْنَى الشَّيْءِ الحَاصِلُ فِي الذِّهْنِ، بِالنَّارِ صُورَتُهَا العِلْمِيَّةُ )المَوْجُودُ البَاعِثُ لِلحَرَارَةِ).
4 - وَقَسَّمُوا العِلْمَ الحُصُولِيَّ إِلَى نَظَرِيٍّ وضَرُورِيٍّ، وَمِلَاكُهُ الإحْتِيَاجُ إِلَى الدَّلِيلِ وَعَدَمُهُ، فَإِنْ احْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ لِأَجْلِ التَّصْدِيقِ بِالمَعْلُومِ كَانَ العِلْمُ نَظَرِيًّا، وَبِخِلَافِهِ العِلْمُ الضَّرُورِيُّ.
بَعْدَ ذَلِكَ نَقُولُ: إِنَّ عَلَمَهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ حُصُوليًّا بِمَعْنَى أَخْذِهِ الصُّورَةَ مِنْ الذَّاتِ وَمُشَاهَدَتِهَا عَنْ ذَاكَ الطَّرِيقِ، لِأَنَّ هَذَا النَّحْوَ مِنْ العِلْمِ يَحْتَاجُ إِلَى آلَاتٍ وَهِي تَسْتَلْزِمُ الجِسْمِيَّةَ، وَالجِسِمِيَّةُ مَنَفِيَّةٌ عَنْهُ.
وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.
اترك تعليق