لماذا تقبلون الاختراعات العلمية ولا تقبلون نظرية التطور؟

#سؤال: الكفّارُ الذينَ اخترعوا جهازاً لقياسِ مُستوى السكّرِ والضغطِ في جسمِك، وأنتَ تعتمدُ على ذلكَ الجهازِ لتشخيصِ حالتِك؛ هُم أنفسُهم اخترعوا جهازاً لقراءةِ بياناتِ الـ DNA وثبتَ بالدّليلِ القاطعِ أنَّ الإنسانَ تطوّرَ مِن كائناتٍ سابقة، ولا يوجدُ آدم وحوّاء.

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجوابُ:

أوّلاً: لا يمكنُ تصنيفُ الأشخاصِ الذينَ اخترعوا أجهزةً تقنيّةً على أساسِ الكُفرِ والإيمان؛ وذلكَ لأنَّ العلومَ الطبيعيّةَ والتقنيّةَ لا ربطَ لها بالاعتقادِ الشخصيّ للمُخترع، فالإيمانُ لا يمنعُ الإنسانَ منَ الاختراعِ كما أنَّ الكُفرَ لا يجعلُ الإنسانَ مُخترعاً.

ثانياً: يجبُ التأكيدُ على أنَّ نظريّةَ التطوّرِ لا تدّعي أنّها حقيقةٌ مُطلقة، وإنّما هيَ نظريّةٌ تعتمدُ على بعضِ البياناتِ التي تتبنّى مفهومَ التغيّرِ التدريجيّ في الأنواعِ معَ مرورِ الزّمن.

ثالثاً: لا يمكنُ اعتبارُ جهازِ قياسِ مُستوى السكّرِ أو الضّغط مثالًا تُقاسُ عليهِ نظريّةٌ لا يمكنُ اختبارُها بالتجربة، فاعتمادُنا على الأجهزةِ الطبّيّةِ التي تأكَّدنا مِن صحّتِها بالتجربةِ لا يمكنُ مساواتُه بنظريّةٍ تفترضُ أنَّ أصلَ الحياةِ بدأت مِن كائنٍ حيٍّ أحاديّ الخليّةِ ثمَّ تطوّرَ حتّى أصبحَ إنساناً.

رابعاً: نظريّةُ التطوّرِ نفسُها خاضعةٌ للتطوّرِ والتغيّرِ كلّما استجدَّت بياناتٌ جديدة، وهذا يعني أنّها لا تزالُ تحتاجُ إلى المزيدِ منَ الأبحاثِ والدراساتِ لتطويرِها وتحسينِها.

وأخيراً، حتّى لو افترَضنا وصولَ نظريّةِ التطوّرِ إلى مستوى الحقيقةِ العلميّةِ القطعيّة فإنَّ ذلكَ لا يتنافى معَ صحّةِ رجوعِ البشرِ الحاليّينَ إلى آدمَ وحوّاء، ولذا نجدُ بعضَ المُسلمين يتبنّى نظريّةَ التطوّرِ وفي نفسِ الوقتِ يتبنّى ما جاءَ في القرآنِ مِن قصّةِ آدمَ وحوّاء، فنظريّةُ التطوّرِ لا تتعارضُ معَ فكرةِ وجودِ اللهِ أو الخلق، وإنّما تشرحُ فقط كيفيّةَ تطوّرِ الأنواعِ عبرَ الزّمنِ والعواملِ المؤثّرةِ في هذا التطوّر، وبحسبِ مَن يتبنّى نظريّةَ التطوّرِ منَ المُسلمين فإنَّ اللهَ خلقَ آدمَ وحوّاء ضمنَ التسلسلِ الطبيعيّ للكائناتِ الحيّة، وبعيداً عن قبولِ ذلكَ أو رفضِه فإنَّ نظريّةَ التطوّرِ وفحوصاتِ الDNA تثبتُ رجوعَ البشرِ الحاليّينَ إلى رجلٍ واحدٍ وامرأةٍ واحدة حصلَ بينَهما تزاوجٌ، حيثُ تشيرُ الدلائلُ الجينيّةُ والأثريّةُ إلى أنَّ البشرَ الحاليّينَ ينحدرونَ مِن نفسِ السّلالةِ الوراثيّة، وهيَ ما يُعرفُ باسمِ "آدمَ الوراثيّ" و"حوّاءَ الوراثيّة"، وهُما يُمثّلانِ الأحداثَ الوراثيّةَ الأولى التي ورثَها البشرُ الحاليّونَ مِن أسلافِهم المُشتركين.