مُغَالَطَاتُ الحَيْدَرِيِّ فِي جَوَازِ التَّعَبُّدِ بَأَيِّ مَذْهَبٍ وَدِينٍ.
عَقِيلٌ الفَيَّاضُ/ العِرَاقُ/: يَقُولُ السَّيِّدُ كَمَالٌ الحَيْدَرِيُّ فِي مَقْطَعِ فِيدِيُو قَامَ بِنَشْرِهِ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ جَاءَ فِيهِ مَا نَصُّهُ: (مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى القَوْلِ بِأَنَّ النَّجَاةَ تَدُورُ مَدَارَ الإِنْقِيَادِ لِلدَّلِيلِ الَّذِي يَقُومُ عِنْدَ الشَّخْصِ بِحَسَبِ بَحْثِهِ بِلَا مُكَابَرَةٍ وَعِنَادٍ، مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) آيَةُ 13 الحُجُرَاتُ، وَمِنْهُ نَفْهَمُ لَوْ أَنَّ شَخْصًا اتَّبَعَ دِينًا أَوْ مَذْهَبًا أَوْ فِكْرًا بِاعْتِقَادِ أَنَّهُ مُحَقِّقًا لِتَقْوَى اللهِ وَلَمْ يَكُنْ مُكَابِرًا فَإِنَّهُ - بِلَا رَيْبٍ - مَشْمُولٌ لِهَذِهِ الآيَةِ المُبَارَكَةِ، فَهُوَ ذُو كَرَامَةٍ عِنْدَ اللهِ، وَمِنْ الوَاضِحِ أَنَّهُ نَاجٍ يَوْمَ القِيَامَةِ لِأَنَّهُ ذُو كَرَامَةٍ، وَهَذَا وَاضِحٌ مِنْ الرِّوَايَاتِ كَمَا سَيَأْتِي فَانْتَظِرْ....) فَمَا هُوَ جَوَابُكُمْ عَلَيْهِ وَفَّقَكُمْ اللهُ لمَرَاضِيهِ. شَاهِدُوا الرَّابِطَ أَدْنَاهُ لِتَتَّضِحَ لَكُمْ المَسْأَلَةُ. https://www.facebook.com/100033118783958/posts/119387479175211/؟sfnsn=mo
الأَخُ عَقِيلٌ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
تُوجَدُ فِي كَلِمَاتِ السَّيِّدِ الحَيْدَرِيِّ فِي جَوَازِ التَّعَبُّدِ بِأَيِّ مَذْهَبٍ وَدِينٍ جُمْلَةٌ مِنْ المُغَالَطَاتِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصْدُرَ مِنْ أَقَلِّ طَلَبَةِ الحَوْزَةِ فَضْلًا عَمَّنْ يَدَّعِي الإَجْتِهَادَ وَالأَعْلَمِيَّةَ، وَلَكِنَّهُ سُوءُ التَّوْفِيقِ رُبَّمَا.
المُغَالَطَةُ الأُولَى: جَعَلَ الحُجِّيَّةَ لِلجَهْلِ المُرَكَّبِ.
فِي تَجْوِيزِهِ لِلتَّعَبُّدِ بَأَيِّ دِينٍ وَمَذْهَبٍ تَبَعًا لِلدَّلِيلِ الَّذِي يَرَاهُ صَاحِبُ الدِّينِ وَالمَذْهَبِ يَكُونُ السَّيِّدُ الحَيْدَرِيُّ قَدْ مَنَحَ الحُجِّيَّةَ لِلجَهْلِ المُرَكَّبِ، الَّذِي هُوَ حَالُ أَهْلِ الإِعْتِقَادَاتِ الفَاسِدَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ المُظَفَّرُ (رَحِمَهُ اللهُ) فِي كِتَابِهِ "المَنْطِقِ"، ص17) :الجَهْلُ المُرَكَّبُ: أَنْ يَجْهَلَ شَيْئًا وَهُوَ غَيْرُ مُلْتَفِتٍ إِلَى أَنَّهُ جَاهِلٌ بِهِ، بَلْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بِهِ، فَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ، كَأَهْلِ الإِعْتِقَادَاتِ الفَاسِدَةِ الَّذِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَالِمُونَ بِالحَقَائِقِ وَهُمْ جَاهِلُونَ بِهَا فِي الوَاقِعِ.
وَيُسَمُّونَ هَذَا مُرَكَّبًا، لِأَنَّهُ يَتَرَكَّبُ مِنْ جَهْلَيْنِ: الجَهْلُ بِالوَاقِعِ، وَالجَهْلُ بِهَذَا الجَهْلِ، وَهُوَ أَقْبَحُ وَأَهْجَنُ القِسْمَيْنِ. وَيَخْتَصُّ هَذَا فِي مَوْرِدِ التَّصْدِيقِ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الإِعْتِقَادِ). انْتَهَى.
فَهُنَا - كَمَا نُلَاحِظُ - قَدْ شَخَّصَ الشَّيْخُ المُظَفَّرُ (رَحِمَهُ اللهُ) بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَصَرِيحٍ بِأَنَّ أَهْلَ الإِعْتِقَادَاتِ الفَاسِدَةِ هُمْ مِنْ مَصَادِيقِ الجَهْلِ المُرَكَّبِ، وَهَؤُلَاءِ غَيْرُ مَعْذُورِين وَلَا مُثَابِينَ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ بِنَصِّ القُرْآنِ الكَرِيمِ، الَّذِي قَالَ: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)) الكَهْفُ 103 - 105.
وَهَذَا إِشْكَالٌ ثُبُوتِيٌّ عَلَى دَعْوَى السَّيِّدِ الحَيْدَرِيِّ هَذِهِ.
المُغَالَطَةُ الثَّانِيَةُ: مُخَالَفَتُهُ لِضَوَابِطِ الإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ المَعْرُوفَةِ فِي عِلْمِ الأُصُولِ.
لَاحَظْنَا أَنَّ السَّيِّدَ الحَيْدَرِيَّ عِنْدَمَا يَأْتِي بِدَلِيلٍ قُرْآنِيٍّ يَسْتَدِلُّ بِهِ لمُدَّعَاهُ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البَقَرَةُ: 62.
أَوْ قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) الحُجُرَاتُ: 13.
يَقُولُ: الآيَةُ مُطْلَقَةٌ وَلَا يُوجَدُ فِيهَا قَيْدٌ يَحْصُرُ الفَوْزَ وَالفَلَاحَ بِفِئَةٍ مُعَيَّنَةٍ.
وَهَذَا الكَلَامُ مِنْ السَّيِّدِ الحَيْدَرِيِّ فِيهِ مُخَالَفَةٌ صَرِيحَةٌ لِظَوَاهِرِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَنُصُوصِ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ المَعْصُومَةِ، وَلِإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ، بَلْ كُلِّ عُلَمَاءِ المَعْقُولِ وَالمَنْقُولِ فِي العَالَمِ.
لِأَنَّ الإِطْلَاقَ وَالتَّقْيِيدَ لَا يَدُورُ مَدَارَ القَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ المُتَّصِلَةِ فَقَطْ، بَلْ يَشْمُلُ القَرِينَةَ المُنْفَصِلَةَ أَيْضًا، وَالدَّلِيلَ اللُّبِّيَّ كَذَلِكَ، وَهَذَا مَطْلَبٌ يَعْرِفُهُ أَقَلُّ الطَّلَبَةِ مِمَّنْ دَرَسَ كِتَابًا وَاحِدًا فِي عِلْمِ الأُصُولِ. فَكَيْفَ غَابَ عَمَّنْ يَدَّعِي الإِجْتِهَادَ المُطْلَقَ وَالأَعْلَمِيَّةَ الشُّمُولِيَّةَ؟!!!
وَهَذَا إِشْكَالٌ إِثْبَاتِيٌّ عَلَى السَّيِّدِ الحَيْدَرِيِّ.
المُغَالَطَةُ الثَّالِثَةُ: عَدَمُ التَّوْفِيقِ فِي تَطْبِيقِ المَفْهُومِ عَلَى المِصْدَاقِ.
عِنْدَمَا جَاءَ السَّيِّدُ الحَيْدَرِيُّ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)، قَالَ: انْظُرُوا أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُخَاطِبُ النَّاسَ كُلَّهُمْ هُنَا عَلَى اخْتِلَافِ مُعْتَقَدَاتِهِمْ وَيَقُولُ لَهُمْ بِأَنَّ الكَرَامَةَ عِنْدِي عَلَى مَدَارِ تَقْوَاكُمْ. وَلَكِنْ أَيُّ تَقْوًى؟!! قَالَ: التَّقْوَى الَّتِي يَرَوْنَهَا هُمْ بِحَسَبِ مَذَاهِبِهِمْ وَدِيَانَاتِهِمْ.
وَهَذِهِ مُغَالَطَةٌ مَفْضُوحَةٌ مِنْهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ الوُقُوعُ فِيهَا، فَقَدْ حَدَّدَ المَوْلَى سُبْحَانَهُ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَصَرِيحٍ مِصْدَاقَ التَّقْوَى الَّذِي يَتَقَبَّلُهُ دُونَ غَيْرِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْهُ، نَذْكُرُ مِنْهَا:
قَوْلُهُ تَعَالَى في أَوَّلِ سُورَةِ البَقَرَةِ: ( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)).
فَهُنَا نَجِدُ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَصَرِيحٍ أَنَّ مِصْدَاقَ التَّقْوَى الَّذِي يُرِيدُهُ اللهُ سُبْحَانَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتَقَاكُمْ)، هُوَ مَنْ تُوجَدُ فِيهِمْ هَذِهِ الصِّفَاتُ: (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، (يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ)، (مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)، (يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ)، (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).. فَهَلْ تُوجَدُ هَذِهِ الصِّفَاتُ - يَا حَيْدَرِيُّ - عِنْدَ أَهْلِ الإِعْتِقَادَاتِ وَالمَلَلِ وَالنِّحَلِ الضَّالَّةِ الَّذِينَ جِئْتَ تُشَرِّعُ لَهُمْ عَقَائِدَهُمْ وَضَلَالَاتِهِمْ؟!!!
المُغَالَطَةُ الرَّابِعَةُ: مُخَالَفَتُهُ لِلتَّوَاتُرِ.
فِي دَعْوَاهُ بِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بَأَيِّ مَذْهَبٍ وَدِينٍ بِحَسَبِ الدَّلِيلِ الَّذِي يَرَاهُ صَاحِبُ الدِّينِ وَالمَذْهَبِ يَكُونُ السَّيِّدُ الحَيْدَرِيُّ قَدْ خَالَفَ التَّوَاتُرَ الثَّابِتَ لِحَدِيثِ الثّقَلَيْنِ بِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالقُرْآنِ وَالعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ هُوَ العَاصِمُ مِنْ الضَّلَالِ أَبَد الآبِدِينَ وَلَيْسَ شَيْئًا غَيْرَهُ، وَأَيْضًا مُخَالَفَتُهُ لِلتَّوَاتُرِ الثَّابِتِ لِحَدِيثِ الفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ الَّذِي نَصَّ عَلَى تَوَاتُرِهِ عُلَمَاءُ الفَرِيقَيْنِ مَعًا (كالسُّيُوطيِّ فِي "فَيْضِ القَدِيرِ" 2: 27، وَالكِتَّانِيِّ فِي "نظمِ المُتَنَاثِرِ مِنَ الحَدِيثِ المُتَوَاتِرِ" ص47، وَالحَرِّ العَامِلِيِّ فِي "الفُصُولِ المُهِمَّةِ" 1: 448).
وَهُنَا نَسْأَلُهُ: هَلْ تَرَى التَّمَسُّكَ بِالكِتَابِ وَالعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ عَاصِمًا مِنْ الضَّلَالِ أَمْراً مُتَوَاتِراً أَوْ لَيْسَ مُتَوَاتِرًا؟
فَإِنْ كُنْتَ تَرَى التَّوَاتُرَ فِي المَوْضُوعِ فَلَا يَحِقُّ لَكَ تَجْوِيزُ التَّعَبُّدِ بِغَيْرِ مَذْهَبِكَ لِأَنَّ هَذَا تَضْلِيلٌ وَتَدْلِيسٌ عَلَى الآخَرِينَ، وَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَأَنْتَ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ فِي عَقِيدَتِكَ بِمَذْهَبِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ); لِأَنَّ التَّوَاتُرَ شَرْطُ العَقِيدَةِ؟!! فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ أَيَّ شَقٍّ تَرَاهُ مِنْ هَذَيْنِ المَطْلَبَيْنِ.
وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.
اترك تعليق