هارونُ (ع) قَد ذكَرهُ اللهُ تعالى أيضاً بالتَّأييدِ والنَّصر.
صادق أبو جعفر: وردتْ نجاةُ موسى عليهِ السّلامُ من بطشِ فرعونَ أكثر من مرة وبشكل إعجازي ... والسؤالُ هل وردَ اثرٌ عن نجاةِ هارونَ عليهِ السّلام.
الأَخُ صادق المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
1. تُوجَدُ عِدَّةُ دَواعٍ لفِرعَونَ (لع )لِيطلُبَ موسى ع ويُعاديَهِ لِكونِهِ مِنْ أولي العَزمِ مِنَ الرّسُلِ وَهوَ النّبيُّ المُرسَلُ مِنَ اللهِ تَعالى قائِداً ومُخلِصاً لِبَني إسرائيلَ ومُتصَديّاً لِفِرعونَ وكَذلكَ لكونِه عليهِ السّلامُ كانَ قد تَرَبّى وتَرَعرَعَ في بَيتِ فِرعونَ لِسَنواتٍ طَويلةٍ وكَذلكَ لِقَتلهِ ذلكَ المِصرِيَّ المُعتدِيَ على الإسرائيليّ ولِكَونهِ مُرسَلاً مِنَ اللهِ تَعالى لدَعوَتهِ ومُحاجَجَتهِ وتَحَدّيهِ وتَسفيهِ مُعتَقداتِهِ ومُطالبَتهِ ِبتَحريرِ بَني إسرائيلَ مِنْ قَبضَتهِ فالعَداءُ المُتوَجِّهُ مِنْ فِرعَونَ والمُشكلَةُ أوَّلاً وبالذّاتِ كانَتْ مَعَ موسى (ع) ولَيسَتْ مَعَ هارونَ (ع).
2. أمّا هارونُ (ع) فكانَ تابِعاً لِموسى (ع) وَوَزيراً ومُساعِداً ومُعيناً لهُ وناطِقاً عنهُ فلَم يَكُنْ صاحبَ الدَّعوةِ ولا هوَ مطلوبٌ فِعلاً مِنْ قِبَلِ فرعونَ ولذلكَ لم يَذكُرْ لنا القُرانُ الكَريمُ أيَّ نَوعٍ مِنَ العَداءِ أو المُواجهةِ الشَّخصيّةِ والفرديَّةِ بَينَ هارونَ (ع) وفِرعَونَ (لع).
3. كانَ هارونُ ع بِطَبعهِ مُسالِماً هادِئاً غَيرَ مُتصَديَّاً لِشيءٍ مِنَ الدَّعوةِ بِنفسِهِ حتّى أنَّهُ اكتَفى بِنُصحِ بَني إسرائيلَ ونَهيِهِم باللِّسانِ فَقَط حينَما عَبَدُوا العِجْلَ وَلَمْ يُحاوِلْ إنزالَ العُقوبَةِ بِهِم أو نَهيِهِم بِقوَّةٍ وشِدَّةٍ وهذا يَكشِفُ عَن شَخصيَّتهِ السّياسِيّةِ الهادِئَةِ جِدّاً وكَذلكَ دَورِهِ الثّانويّ وصَلاحيّاتِهِ المَحدودَةِ.
4. وبِالتّالي فَإنَّ هارونَ (ع) وبَني إسرائيلَ كانُوا تَبَعاً لموسى (ع) يُنجّيهِم اللهُ تَعالى مِنْ بَطْشِ فِرعَونَ وهوَ أولىٰ النّاسِ بَعدَ موسى (ع) بالنَّصرِ والتَّأييدِ مِنْ قِبَلِ اللهِ تَعالى فهُوَ الشّخصيَّةُ الثّانيَةُ بَعدَ موسى (ع) بلا شَكٍّ ورُغمَ عَدَمِ سَلاسَةِ التَّكلُّمِ معَ المُثَنّى وسُهولَةِ تَوجيهِ الكَلامِ مَعَ المُفرَدِ وبَلاغَتِهِ الفائِقَةِ بِخِلافِ ذلكَ عادَةً معَ المُثنّى فمَعَ ذلكَ فَقَد رَأيْنا كَيفَ حَرَصَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى علىٰ ذِكرِهِ مِراراً وإفرادِهِ بالذِّكرِ وَقرنِهِ بِموسى (ع) في سِياقِ التَّأييدِ الإلهي والتَّبجيلِ والتَّعظيمِ والإهتمامِ والوَحيّ والإرسالِ والنّبُوةِ والإحسانِ كما في قَولهِ: عزَّ وَجَلَّ: (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي* اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى* قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى* قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى* فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى* إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) طه/ 42– 48.
وَقالَ تَعالى: (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ* قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) المائدة/ 24– 26.
وَقالَ تَعالى مُبيِّناً تَأييدَهُما وإستِجابةَ دَعوَتِهما عَلَيهما السَّلامُ: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ* وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ* قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) يونس/ 87- 89.
وَنَختمُ بِهذهِ الآياتِ الواضِحَةِ في تَعظيمِ اللهِ تَعالى وَتَأييدهِ لهارونَ معَ موسى عَليهِما السَّلامُ دونَ أدنى تَغافلٍ عَنهُ: (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ* وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ* وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ* وَآَتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ* وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآَخِرِينَ* سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ* إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) الصافات/ 114- 122.
وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.
اترك تعليق