لِمَاذَا تَوَسَّلَ آدَمُ (ع) بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (ع)؟!

بَتُول: لِمَاذَا دَعَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بمُحَمَّدٍ وَأَهلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ وَغَفَرَ لَهُ وَلِمَاذَا سَجَدَ كُلُّ المَلائِكَةِ للهِ الى مُحَمَّدٍ وَالِ بَيْتِهِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ والسَّلامُ.

: اللجنة العلمية

الأُختُ بَتَول الْمُحْتَرَمَةُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

تَوَسُّلُ آدَمَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ) مِمَّا ثَبُتَ عِنْدَ أهْلِ السُّنَةِ.

جَاءَ فِي " مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى " لِاِبْنِ تَيمِيَّة ج2 ص 151:( وَرَوَى أَبُو نَعِيمٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: وَمِنْ طَرِيقِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ حَدَّثَنَا سُلِيمَانُ بْنُ أَحَمْدٍ ثَنَا أَحمَدُ بْنُ رَشديْنٍ ثَنَا أَحمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الفَهْريُّ ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِسماعيلَ الْمَدَنِيّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ أسْلَم عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ{ لَمَّا أَصَابَ آدَمُ الْخَطِيئَةَ رَفْعَ رَأْسَهُ فَقَالَ يَا رَبِّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ إِلَّا غَفَرَتَ لِي فَأَوْحَى إِلَيْهِ وَمَا مُحَمَّد ؟ وَمَنْ مُحَمَّد ؟ فَقَالَ: يَارَبِّ إِنَّكَ لَمَّا أَتَمَمْتَ خَلْقِي رَفَعَتُ رَأْسِي إِلَى عَرْشِكَ فَإِذَا عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ: لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ فَعَلِمتُ أَنَّهُ أكْرَمُ خَلْقِكَ عَلَيْكَ ; إِذْ قَرَنتَ اِسْمَهُ مَعَ اِسْمِكَ.

فَقَالَ: نَعْم قَدْ غَفَرتُ لَكَ وَهُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ذَرِّيَّتِكَ وَلَوَلاهُ مَا خَلْقتُكَ} فَهَذَا الْحَديثُ يُؤَيِّدُ الَّذِي قَبلَهُ وَهُمَا كَالْتَّفْسِيرِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ).اِنْتَهَى

  وَعَنِ الْكَوْثَرِيِّ فِي "مَحْقِ التَّقَوُّلِ": (رَوَى القاضِي عِيَاضٌ فِي (الشِّفَا) بِسَنَدٍ جَيّدٍ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ نَاظَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ مَالِكًا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَالِكُ: يَا أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى أدَّبَ قَوْمًا فَقَالَ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}( 2 الْحُجُرَاتِ).

وَقَدْ مَدَحَ قَوْمَاً فَقَالَ { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ}( 3 الْحُجُرَاتِ) وَذَمَّ قَوْمًا فَقَالَ{ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ}( 4الحُجُرات).

وَإِنَّ حُرْمَتَهُ مَيِّتاً كَحُرْمَتِهِ حَيًّا، فَاِسْتَكَانَ لَهَا أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ (يَعْنِي الْإمَامَ مَالِك) أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ الْإمَامُ مَالِك: وَلِمَ تَصْرِفُ وَجْهَكَ عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُكَ وَوَسِيلَةُ أَبِيكَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى اللهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

بَلِ اِسْتَقْبِلهُ وَاِسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعُهُ اللهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَّمُوا أَنْفُسَهُمْ}( 64 النِّسَاءَ)[ مَحْقُ التَّقَوُّلِ فِي مَسْأَلَةِ التَّوَسُّلِ: 189].

وَجَاءَ فِي " الدُّرِّ الْمَنْثُورِ " لِلْسُّيُوطِيِّ:( وَأَخْرَجَ اِبْنُ النَّجَّارِ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقّاهَا آدَمُ مِنْ رَبِّهِ فَتَابَ عَلَيْهِ قَالَ سَأَلَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلَيٍ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إلّا تُبْتَ عَلَيَّ فَتَابَ عَلَيْهِ)[ الدُّرُّ الْمَنْثُورُ 1: 61]

وَفِي " شوَاهِدِ التَّنْزِيلِ":( وَعَنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيهِ السَّلَامُ قَالَ: سَأَلتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِ اللهِ:

( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ"[ 37 / الْبَقَرَةَ] فَقَالَ: إِنَّ اللهَ أَهْبَطَ آدَمَ بِالْهِنْدِ، وَحَوَّاءَ بِجَدَّةَ، وَإبْلِيسَ بِميسَانَ، وَالْحَيَّةَ بإصبَهانَ وَكَانَ لِلِحَيَّةِ قَوَائِمُ كَقَوَائِمِ الْبَعيرِ- وَمَكَثَ آدَمُ بِالْهِنْدِ بَاكِيًا عَلَى خَطِيئَتِهِ حَتَّى بَعْثَ اللهُ إِلَيْهِ جِبرَئِيلَ وَقَالَ: يَا آدَمُ أَلَمْ أَخلُقْكَ بِيَدِي، أَلَمْ أَنْفُخْ فِيكَ مِنْ رُوحِيِ، أَلَمْ أُسْجِدْ لَكَ مَلَاَئِكَتِي، أَلَمْ أُزَوِّجْكَ حَوَّاءَ أَمَتي، قَالَ: بَلَى.

قَالَ فَمَا هَذَا الْبُكَاءُ، قَالَ: وَمَا يَمنَعُني مِنَ الْبُكَاءِ وَقَدْ أُخْرِجتُ مِنْ جِوَارِ الرَّحْمَانِ.

قَالَ: فَعَلَيْكَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَإِنَّ اللهَ قَابِلُ تَوْبَتِكَ وَغَافِرُ ذَنْبِكَ، قُلْ: اللَّهُمَّ إنْي أَسَأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدِ وَآلِ مُحَمَّدٍ، سُبْحَانَكَ لَا إلَهَ إِلَّا أَنْتَ، عَمِلْتُ سُوءًا وَظَلَمتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ [إِنَّكَ] أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

 اللَّهُمَّ إنّي أَسَالُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، عَمِلَتُ سُوءًا وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

فَهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَلَقَّى آدَمُ).

[شوَاهِدُ التَّنْزِيلِ 1: 101]

فَهَذَا التَّوَسُّلُ ثَابِتٌ وَسَبَبُهُ وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رَأَى اِسْمَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ) مَقْرُونًا فِي سَاقِ الْعَرْشِ مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَعَرَفَ أَنَّهُ أكْرَمُ خَلْقِ اللهِ عَلَى اللهِ فَبَادَرَ لِلتَّوَسُّلِ بِهِ.

وَدُمْتُم سَالِمِينَ.