هَلِ اتَّفَقَتِ الْمَذاهِبُ الْإسْلامِيَّةُ الْأَرْبَعَةُ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْحِيدِ؟
محمَّد/ العراق/: هلْ مسألةُ التَّوحيد متضاربةٌ ومختلفةٌ بينَ المذاهبِ الإسلاميَّةِ الأربعةِ؟
الأخُ محمَّدٌ المحترمُ، السَّلامُ عليْكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
في الجملةِ: لا يُتصوَّرُ الاختلافُ في مسألةِ التَّوحيد بينَ مذاهبِ المسلمينَ مَهْما اختلفوا في مسائلِ العقيدةِ؛ إذْ إنَّ التَّوحيد يُعدُّ المحورَ الأساسيَّ في الدِّينِ الإسلاميِّ الحنيفِ، ولا يمكنُ أنْ يدَّعيَ أحدٌ عدمَ وضوحِ مفهومِ التَّوحيد عندَ دينِ التَّوحيد وخاتمِ أديانِ التَّوحيدِ. ولكنْ، يمكنُ أنْ يقالَ هذا الكلامُ قبلَ ظهورِ الخوارجِ الذينَ أصبحوا يكفِّرونَ المسلمينَ لمجرَّدِ ارتكابِ محرَّمٍ منَ المحرَّماتِ، ومعصيةٍ منَ المعاصي، وكبيرةٍ منَ الكبائرِ!
ومنْ بعدِ الخوارجِ جاءَ الوهّابيَّة، ومنْ قبلِهِمْ منظِّرُهمْ ابنُ تيميَّةَ، فابتدعوا ديناً جديداً امتداداً للخوارجِ، فأصبحوا يكفِّرونَ أمَّةَ محمَّدٍ (ص) أمَّة التَّوحيدِ، ويتَّهمونَها بالشِّركِ لسببٍ أوْ لآخرَ جهلاً بالتَّوحيدِ وبشريعةِ سيِّدِ المرسلينَ، الذي أدّى الأمانةَ، وبلَّغَ الرِّسالةَ، ونصح للأمَّةِ، خلافاً لما يتوهَّمُهُ ويعتقدُهُ الوهّابيَّةُ لجهلِهِمْ أوْ لِعَمالتِهِمْ، فاللهُ أعلمُ بنِيّاتِهِمْ، وهوَ المطَّلعُ على ما في الصُّدورِ.
أمّا ابنُ عبدِ الوهّابِ مؤسِّسُ الوهّابيَّةِ فإنَّهُ بعدَما قالَ ما قالَ وكأنَّهُ يدَّعِي الوحيَ والنُّبوَّةَ في واقعِ الحالِ، وفَهْمِ ما فَهِمَ، وذهبَ إلى ما ذهبَ إليْهِ ليكفِّرَ أمَّةَ محمَّدٍ (ص) قالَ:
(وأنا أخبرُكمْ عنْ نفسِي واللهِ الذي لا إلهَ إلّا هوَ، لقدْ طلبْتُ العلمَ، واعتقدَ مَنْ عرفَنِي أنَّ لي معرفةً، وأنا ذلكَ الوقتَ لا أعرفُ معنى لا إلهَ إلّا اللهُ، ولا أعرفُ دينَ الإسلامِ قبلَ هذا الخيرِ الذي مَنَّ اللهُ بِهِ؛ وكذلك مشايِخِي، ما منْهمْ رجلٌ عرفَ ذلكَ. فمَنْ زعَمَ مِنْ عُلماءِ العارضِ أنَّهُ عرفَ معنى لا إلهَ إلّا اللهُ، أوْ عرفَ معنى الإسلامِ قبلَ هذا الوقتِ، أوْ زعمَ منْ مشايِخِهِ أنَّ أحداً عرفَ ذلكَ، فقدْ كذبَ وافترى، ولبَّسَ على النّاسِ، ومَدَحَ نفسَهُ بما ليسَ فيهِ).
أمّا مسائلُ العقيدةِ عموماً، وبضمنِها ما يمسُّ التَّوحيدَ والصِّفاتِ الإلهيَّةَ الذّاتيَّةَ والخبريَّةَ، فالمعروفُ عندَ عُلماءِ ومحقِّقِي المسلمينَ أنَّ أغلبَ الشّافعيَّةِ همْ أشاعرةٌ، وكذلكَ المالكيَّةُ، أمّا الحنفيَّةُ فبينَ معتزلةٍ وماتريديَّةٍ، وأمّا الحنابلةُ فهمْ يميلونَ إلى التَّجسيمِ، ويُطلقُ عليهمُ (الحشويَّةُ) و(المشبِّهةُ)؛ لأنَّهمْ يأخذونَ أكثرَ عقائدِهِمُ التي خالفوا فيها جُمهورَ المسلمينَ منَ الأحاديثِ وإنْ كانتْ آحاداً، بلْ ضعيفةً، فيبنونَ عليْها العقائدَ والصِّفاتِ، ولذلكَ خالفوا جُمهورَ المسلمينَ، وخرجوا على الأمَّةِ بتوحيدٍ شاذٍّ فيهِ كلُّ تطرُّفٍ وجهلٍ وتكفيرٍ ليرموا بِهِ سائرَ المسلمينَ واللهُ العالمُ.
وَدُمْتُمْ سالِمِينَ.
اترك تعليق