إتِّهَامُ الشِّيْعَةِ بِإِعَارَةِ الفُرُوْجِ هِيَ وَاللهِ فِرْيَةٌ بِلَا مِرْيَةٍ.

كاروان كركوكِى: السَّلَامُ عَلَيْكُمُ، مَا هُوَ إِعَارَةُ الفُرُوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ؟ وَهَلْ يَصِحُّ عِنْدَ الفَرِيْقَيْنِ؟ وَمَا دَلِيْلُهُمْ؟

: اللجنة العلمية

الأَخُ المُحْتَرَمُ، عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ 

إِعَارَةُ الفُرُوْجِ بِهَذَا العُنْوَانِ مُحَرَّمَةٌ عِنْدَ جَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ وَبِالذَّاتِ الإِمَامِيَّةُ مِنْ أتْبَاعِ أهْلِ البَيْتِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِالإِجْمَاعِ وَكَذَا إِجَارَتُهَا وَبَيْعُهَا أَيْضَاً وَبِالتَّالِيْ فَنَحْنُ نُفَرِّقُ جَيِّدَاً بَيْنَ الحَلَالِ وَالحَرَامِ فَلا يُزَايِدُ عَلَيْنَا أَتْبَاعُ جِهَادِ النِّكَاحِ!

وَبِالتَّالِي يُحَاوِلُ الوَهَّابِيَّةُ تَصْوِيْرَ أَتْبَاعِ أَهْلِ البَيْتِ الأَطْهَارِ بِصُوْرَةٍ مُشَوَهَةٍ وَمُنَفِّرَةٍ مِنَ الخَلَاعَةِ وَالإِبَاحِيَّةِ دُوْنَ أَنْ يَسْتَنِدُوا إِلَى أَيِّ دَلِيْلٍ بَلْ وَلَا شِبْهِ دَلِيْلٍ بَل شَنَّعُوا وَنَقَلُوا هَذِهِ الأُكْذُوْبَةَ مِنْ كِتَابٍ مَشْبُوْهٍ قَامَ بِتَأْلِيْفِهِ وَهَابِيٌّ نَاصِبِيٌّ بَعْثِيٌّ حَاقِدٌ فَنَسَبُوْهُ كَذِبَاً وَزُوْرَاً وُبُهْتَانَاً إِلَى شِيْعِيٍّ مَوْهُوْمٍ لَا وُجُوْدَ لَهُ وَلَنْ تَجِدَ لِهَذِهِ المَسْأَلَةِ ذِكْراً إِطْلَاقَاً فِي أَيِّ كِتَابٍ شِيْعِيٍّ قَدِيْمٍ أَوْ جَدِيْدٍ البَتَّةَ!

فَهَؤُلَاءِ يَسْتَغِلُّوْنَ مَسْأَلَةً تَخْتَصُّ بِالإِمَاءِ -وَهِيَ لَيْسَتْ مَحَلَّ ابْتِلَاءٍ الآَنَ أَصْلَاً- وَهُوَ تَحْلِيْلُ نِكَاحِ مُلْكِ اليَمِيْنِ مِنْ قِبَلِ مَالِكِهَا لِمَنْ يُحِبُّ مَعْ بَقَائِهَا عَلَى مُلْكِهِ وَتُسَمَّى (التَّحْلِيْلُ) وَلَيْسَتْ كَمَا يُسَمُّوْنَهَا  (إِعَارَةُ الفُرُوْجِ) وَالعِيَاذُ بِاللهِ المَرْفُوْضَةُ جُمْلَةً وَتَفْصِيْلَاً وَنَحْنُ نُفَرِّقُ بَيْنَ المُصْطَلَحَيْنِ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَدَارُ أَحْكَامِهِ عَلَى عَنَاوِيْنِ المَوْضُوْعَاتِ وَلَيْسَ عَلَى صُوْرَتِهَا وَشَكْلِهَا.

حَيْثُ إنَّ اللهَ تَعَالَى أَحَلَّ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا وَكَذَلِكَ أَحَلَّ الزَّوَاجَ وَحَرَّمَ الزِّنَا مَعَ كَوْنِ صُوْرَتَيْهِمَا وَاحِدَةً وَمُؤَدَاهُمَا وَاحِدَاً، وَكَذَا نِكَاحُ الحُرَّةِ وَالأَمَةِ فَكِلَاهُمَا نِكَاحٌ وَلَكِنَّ نِكَاحَ الأَمَةِ يَحِلُّ بِمُجَرَّدِ المُلْكِ أَمَّا الحُرَّةُ فَلَا يَجُوْزُ نِكَاحُهَا إِلَّا بِوَاسِطَةِ العَقْدِ وَالمَهْرِ.

وَهَكَذَا (تَحْلِيْلُ الأَمَةِ) يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ عَمَّا يُشِيْعُوْنَهُ كَذِبَاً وَزُوْرَاً بِمَا يُسَمُّوْنَهُ (إِعَارَةُ الفُرُوْجِ) بِلَا حَيَاءٍ بَلْ بَلَغَتْ بِهِمُ الوَقَاحَةُ وَتَجَاوَزُوا حُدُوْدَ الدِّيْنِ وَالأَخْلَاقِ وَالذَّوْقِ لِيَشْمُلُوا بِكِذْبَتِهِمْ كِذْبَةَ جَوَازِ إِعَارَةِ فُرُوْجِ الزَّوْجَاتِ وَالبَنَاتِ بَلْ وَتَأْجِيْرِ وَتَأْمِيْنِ الزَّوْجَةِ عِنْدَ الجَارِ لَيَنْكَحَهَا عِنْدَ سَفَرِ الشِّيْعِيِّ وَالعِيَاذُ بِاللهِ (سُبْحَانَكَ هَذَا إِفْكٌ مُبِيْنٌ)!!

ثُمَّ إِنَّ الإِمَامِيَّةَ أَعَزَهُمْ اللهُ لَمْ يَنْفَرِدُوا بِهَذَا النَوْعِ مِنَ النِّكَاحِ مِنْ تَحْلِيْلِ الأَمَةِ فَلِمَاذَا هَذَا التَّهْرِيْجُ عَلَيْنَا إِنْ كَانُوا يُؤْمِنُوْنَ بِالمَعَادِ؟! مَعْ كَوْنِهَا كَمَا قَدَّمْنَا أَنَّهَا أَصْلَاً لَيْسَتْ مَحَلَّ ابْتِلَاءٍ الآَنَ حَيْثُ انْقَرَضَتِ الإِمَاءُ وَلَا وُجُوْدَ لَهَا!

فَقَدْ قَالَ إبْنُ حَزْمٍ فِي المُحَلَّى (11/ 257- 258): مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَحَلَّ فَرْجَ أَمَتِهِ لِغَيْرِهِ، كَذَلِكَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعَانِيُّ فِي مُصَنَّفِهِ قَالَ: بَابُ الرَّجُلِ يُحِلُّ أَمَتَهُ لِلرَّجُلِ، وَكَذَلِكَ إبْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ فِي مُصَنَّفِهِ: مَا قَالُوا فِي المَرْأَةِ أَوِ الرَّجُلِ يُحِلُّ لِرَجُلٍ جَارِيَتَهُ يَطَأهَا.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ، وَنَقَلَ القَوْلَ بِالجَوَازِ عَنْ بَعْضِهِمْ... قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا أَحَلَّتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ أَو ابْنَتُهُ أَو أُخْتُهُ لَهُ جَارِيَتَهَا فَلْيُصِبْهَا وَهِيَ لَهَا، فَلْيَجْعَلْ بِهِ بَيْنَ وَرِكَيْهَا، وَهُوَ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ(7: 216).

ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ بَعْدَهُ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُوْسٍ عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسَاً وَقَالَ: هُوَ حَلَالٌ فَإِنْ وَلَدَتْ فَوَلَدُهَا حُرٌّ وَالأَمَةُ لِامْرَأَتِهِ لَا يُغَرَّمُ الزَّوْجُ شَيْئَاً ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ... عَنْ طَاوُوْسٍ، أَنَّهُ قَالَ: هُوَ أَحَلُّ مِنَ الطَّعَامِ... وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضَاً. 

ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عَطَاءُ بن أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: كَانَ يُفْعَلُ؛ يُحِلُّ الرَّجُلُ وَلِيْدَتَهُ لِغُلَامِهِ وَابْنِهِ وَأَخِيْهِ، وَتُحِلُّهَا المَرْأَةُ لِزَوْجِهَا... 

قَالَ عَطَاء: وَمَا أُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ، وَمَا بَلَغَنِي عَنْ ثَبْتٍ. قَالَ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُرْسِلُ بِوَلِيْدَتِهِ إِلَى ضَيْفِهِ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضَاً.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: فَهَذَا قَوْلٌ، وَبِهِ يَقُوْلُ سُفْيَانٌ الثَّوْرِيُّ, وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ أَصْلَاً. ثُمَّ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الحُكْمِ فِي ذَلِكَ، فَمَرَّةً قَالَ: هِيَ لِمَالِكِهَا المُبِيْحِ مَا لَمْ تَحْمَلْ... 

مَعَ أَنَّ القَوْلَ بِتَحْرِيْمِهِ وَعَدَمَ جَوَازِهِ لَمْ يُنْقَلْ إِلَّا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَطْ، وَلَمْ يُسْنِدُوا فِي ذَلِكَ شَيْئَاً عَنْ رَسُوْلِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ) البَتَةَ!

ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: أَمَّا قَوْلُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَهُوَ عَنْهُ وَعَنْ طَاوُوسٍ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ!

فَتَبَيَّنَ أَنَّ الجَهَلَةَ الَّذِيْنَ هَرَّجُوا بِهِ عَلَيْنَا دُوْنَ أَنْ يَعْلَمُوا بِأَنَّهُ عِنْدَ أَسْلَافِهِمْ! وَلَيْسَ قَوْلَاً شَذَّ بِهِ الشِّيْعَةُ ثُمَّ لَمْ يَكْتَفُوا بِذَلِكَ حَتَّى زَادُوا عَلَيْهِ افْتِرَاءَاتٍ شَنِيْعَةً مَكْرَاً وَظُلْمَاً وَعُدْوَانَاً!

وَدُمْتُمْ سَالِمِيْنَ.