كيفَ أجيبُ إبنتي الصّغيرةَ عَن سؤالهَا: مَن خلقَ اللهَ؟
أمّ مصطفى: إحدى الأخواتِ تقولُ إنَّ إبنتهَا تسألُهَا أسئلةً لا تستطيعُ الإجابةَ عليهَا. مثلاً: إذا كانَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى هوَ الذي خَلقنَا فمَنِ الذي خلقهُ؟ أرجو مِن حَضرتِكم أن تُجيبونِي إجابةً وافيةً كيفَ أستطيعُ إفهامهَا أنَّ اللهَ سبحانهُ وتعالى أزليٌّ ولَم يخلقهُ أحدٌ فهوَ مفهومٌ صعبٌ عليهَا وأجدُ صعوبةً فِي إفهامهَا عِلماً أنَّ الفتاةَ فِي المَرحلةِ المُتوسّطةِ وتسألُ أسئلةً كثيرةً مِن هذا النّوعِ. جزاكمُ اللهُ خيرَ الجزاءِ.
الجواب:
الأختُ أمُّ مصطفى المُحترمةُ، السّلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
الطَّريقةُ المُثلى فِي الإجابةِ على مثلِ هكذا أسئلةٍ هي الاِستعانةُ بِطريقةِ التّشبيهِ والتّقريبِ للمَعنى، أيِ الاِستعانةُ بالمَحسوساتِ للإستدلالِ على المَعقولاتِ، فالفِكرةُ التي أمرُهَا عقليٌّ مَحضٌ نُقرُّ بِهَا بواسطةِ أمرٍ حِسِّيٍّ يُدركهُ ذِهنُ الطّفلِ أو الصّبيِّ والصّبيّةِ.
وفِي الإجابةِ على سُؤالِ: مَن خلقَ اللهَ، يُمكنُ الإجابةُ بهذا الشّكلِ، تقولينَ للبِنتِ: أنَا الآنَ أمامكِ شيءٌ مخلوقٌ، لم أكنْ موجودةً قبلَ مائةِ عامٍ. صحيحٌ؟ فتقولُ: صحيحٌ، فمَن خلقنِي؟ ستقولُ: اللهُ، فلو فرضنَا أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ خلقهُ خالِقٌ يأتِي السّؤالُ عَن خالقهِ أيضاً: مَن خلقهُ؟ لنفرِضْ أنَّهُ خَلقهُ خالِقٌ ثانٍ، فيأتي السُّؤالُ عنِ الخالقِ الثّانِي: مَن خَلقهُ؟ نقولُ: خلقهُ خالقٌ ثالثٌ، فيأتي السّؤالُ أيضاً عنِ الخالقِ الثّالثِ: مَن خلقهُ؟ نقولُ: خلقهُ خالقٌ رابعٌ، وهكذا تَستمرُّ سِلسلةُ الأجوبةِ والأسئلةِ ولا تَنتهي أبداً فلا نصلُ إلى نتيجةٍ فِي موضوعِ الخلقِ مُطلقاً، فمَا هوَ الحلُّ؟
فإذا كانَ الموضوعُ أنَّهُ لا بُدَّ لكلِّ مخلوقٍ خالقٌ فبالنّتيجةِ لا يوجدُ خالقٌ حقيقيٌّ فِي هذا الكونِ لأنَّ الجميعَ سيكونونَ مخلوقينَ، ومِن هُنا لابُدَّ أنْ تنتهيَ سِلسلةُ الخلقِ إلى خالِقٍ لَم يخلقهُ أحدٌ، هوَ خالقُ كُلِّ شيءٍ، سُبحانهُ وتعالى.
ودمتُم سالِمينَ.
اترك تعليق