لِماذا طلبَ الرّبُّ مِنهُم أن يأتوا بسورةٍ مَشروطةٍ مِن مِثلهِ وهوَ يعلمُ بأنّهُم عاجِزونَ عَنِ الإتيانِ وهوَ طلبٌ للمُحالِ؟ ما سببُ وجودِ الحجارةِ في نارِ جهنّم المُعدّةِ للكافرين؟

صلاح الفرطوسي/ العراق أنا طالبٌ في المرحلةِ الثّانويّةِ وقَد اِستوقفتني آيةٌ في (القرآنِ الكريم) تقولُ: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) الآيةُ (23) مِن سورةِ البقرة، وكذلكَ الآيةُ: (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) الآيةُ (24) مِن سورةِ البقرة. أ- لِماذا طلبَ الرّبُّ مِنهُم أن يأتوا بسورةٍ مَشروطةٍ مِن مِثلهِ وهوَ يعلمُ بأنّهُم عاجِزونَ عَنِ الإتيانِ وهوَ طلبٌ للمُحالِ؟ ب- ما سببُ وجودِ الحجارةِ في نارِ جهنّم المُعدّةِ للكافرين؟

: اللجنة العلمية

الأخ صلاح الفرطوسي السلام عليكم ورحمة الله وركاته

 سؤالكم الأوّلُ يتنافى ومفهومَ المُعجزةِ، والتي تعني عندَ المَشهورِ: «أمرٌ خارقٌ للعادةِ ، مَقرونٌ بالتّحدّي ، معَ عدمِ المُعارضةِ». الإلهيّاتُ على هُدى الكتابِ والسّنّةِ والعقلِ : للشّيخِ جعفرٍ السّبحانيّ ، ج۳ ، ص69، وبما أنَّ القُرآنَ هوَ أعظمُ معاجزِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ، فلابُدَّ أن يكونَ خارجَ قُدرةِ الآخرينَ، معَ تحدّيهم بالإتيانِ بمثلهِ، وإلّا لَم يكُن مُعجزةً، وبعبارةٍ أُخرى: هذا التّساؤلُ لا يختصُّ بإعجازِ القُرآنِ، بَل هوَ شاملٌ لجميعِ المُعجزاتِ، فلِماذا أحيى اللهُ تعالى الموتى على يدِ عِيسى بنِ مَريم عليهما السّلام معَ عِلمه بعجزِ الآخرينَ عَن ذلكَ، فالتّحدّي موجودٌ في كلِّ معاجزِ الأنبياءِ عليهم السّلام.

وعِلّةُ تأييدِ اللهِ تعالى للأنبياءِ بالمعاجزِ هوَ طريقٌ للكشفِ عَن صِدقِ دعواهم، لأنَّ اللهَ تعالى هوَ مَن بيديهِ نواميسُ الكونِ، وتأييدُه أحدَ أوليائِه بإمكانيّةِ خرقِ تلكَ النّواميسِ (المُعجزةِ) يُفيدُ القطعَ بكونِ صاحبِ هذهِ المَزيّةِ هوَ واسطةٌ بينَ الرّبِّ والخلقِ.

وأما سؤالكُم الآخرُ، فجوابُه: قيلَ: المُرادُ مِنَ الحِجارةِ في الآيةِ هيَ الكبريتُ، لأنّها أحرُّ شيءٍ، فتكونُ هذهِ الحِجارةُ بمعيّةِ أجسادِ الكُفّارِ حطباً لجهنّمَ، قالَ الشّيخُ الطّوسيّ في تفسيرِ الآيةِ مَا نصّهُ: قيلَ: إنّها حجارةُ الكبريتِ لأنّها أحرُّ شيءٍ إذا حميَت ورويَ ذلكَ عَن إبنِ عبّاسٍ وإبنِ مسعودٍ والظّاهرُ أنَّ النّاسَ والحِجارةَ: وقودُ النّارِ وحطبُهَا كمَا قالَ: (إنّكُم وما تعبدونَ مِن دونِ اللهِ حصبُ جهنّم) هيبةً وتعظيماً بأنّها تحرقُ الحجارةَ والنّاسَ وقيلَ: إنَّ أجسادَهُم تبقى على النّارِ بقاءَ الحجارةِ التي توقدُها النّارُ بالقدحِ وقالَ قومٌ معناهُ: إنّهُم يُعذّبونَ بالحِجارةِ المُحمّاةِ معَ النّارِ والأوّلُ أقوى وأليقُ بالظّاهرِ.

ودمتم سالمين.