هل ابن الزنا عند وصوله الى درجة الاجتهاد،ما الحكمة من عدم الصلاة خلفه؟ اليس فيه ظلم له ومساواته مع المجنون وغيره ممن لا تصح الصلاة خلفه،ولماذا يؤاخذ بجرية والديه بحجة عدم طهارة مولده
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنَّ ترتيبَ الآثارِ على الفردِ يكونُ بلحاظين : 1 ـ بلحاظِ الفردِ نفسِه كامتلاكِه بعضَ المهاراتِ المُعيّنةِ مِن قبيلِ النّجارةِ والحدادةِ والسّباحةِ وغيرِها. 2 ـ بلحاظِ المُجتمعِ : كما لو اشترطَ مجموعةٌ منَ النّاسِ وجودَ مواصفاتٍ مُعيّنةٍ في شخصٍ مُعيّنٍ لتسنّمهِ مسؤوليّةً ما، كاشتراطِ بعضِ الدّولِ أن يكونَ رئيسُ البلادِ مِن سُكّانِها الأصليّينَ أو مِن عرقيّةٍ مُعيّنةٍ، فعلى الرّغمِ أنَّ الفردَ لا دخلَ لهُ في اختيارِ جنسٍ مُعيّنٍ أو عرقٍ مُعيّنٍ لكِن معَ ذلكَ تترتّبُ عليهِ الآثارُ، قِس على ذلكَ مسألةَ إمامةِ ابنِ الزّنا للصّلاةِ، فالصّلاةُ بما أنّها واجبٌ عباديٌّ يؤدّيهِ العبدُ لربّهِ، فالرّبُّ تباركَ وتعالى إشترطَ مواصفاتٍ خاصّةً فيمَن يتقدّمُ عبادَهُ لأداءِ حقِّ الطّاعةِ، منها أن يكونَ الإمامُ طاهرَ المولدِ، فإبنُ الزّنا بالنّسبةِ لهذا الفرضِ يفقدُ مُؤهِّلاً تكوينيّاً لم يكُن هوَ سبباً في صيرورتِه، لكِن بما أنَّ التّصرّفَ يكونُ على قسمين : 1ـ إعتباريّ : كتصرُّفِ العبدِ في أملاكِ سيّدِه مع إذنِه. 2 ـ حقيقيّ : وهوَ فيما لَو كانَ المُتصرِّفُ مالِكاً لشيءٍ مُعيّنٍ فإنَّ لهُ التّصرّفَ بما يملكُه، فنقولُ : إنَّ مُلكيّةَ اللهِ تعالى لعبادِه هيَ مُلكيّةٌ حقيقيّةٌ، وأمّا مُلكيّةُ العبدِ لكُلِّ ما وقعَ تحتَ تصرُّفِه بما في ذلكَ بدنُه فهيَ مُلكيّةٌ إعتباريّةٌ، ولذلكَ حرّمَ الإنتحارَ، لأنَّ العبدَ أتلفَ ما لا يملكُه، وبما أنّهُ تعالى هوَ المالكُ لعبادِه فلهُ أن يشترطَ عليهم ما يشاءُ للتّسليمِ بحكمتِه وعدلِه، حتّى معَ جهلِنا لحكمةِ هذا الأمرِ، فنحنُ نقطعُ أنَّ عللَ الأحكامِ والمصلحةَ مِن جعلِها مجهولةً بالنّسبةِ لنا خصوصاً فيما لَو كانَ الحُكمُ ظاهريّاً، فإنَّ المصلحةَ المُترتّبةَ على تطبيقِه هيَ مُجرّدُ الإمتثالِ.
وليسَ في ذلكَ تسويةٌ بينَ ابنِ الزّنا والمجنونِ، فالعلّةُ مُختلفةٌ، فسببُ عدمِ جوازِ الصّلاةِ خلفَ ابنِ الزّنا حكمةٌ نجهلُها، بينَما سببُ عدمِ الصّلاةِ خلفَ المجنونِ عدمُ تكليفِه.
اترك تعليق