"والشعراء يتبعهم الغاوون" ... من هم الشعراء ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
الشُّعراءُ جمعٌ, مُفردُه شاعر, والشّاعرُ معروفٌ , وهوَ الذي ينظمُ شِعراً مُعيّناً لغرضٍ مُعيّنٍ, والشّعرُ عندَ ذوي الإختصاصِ نوعانِ: أحدُهما: يهدفُ إلى نشرِ الفسادِ, ودعمِ الظُّلمِ, وتوطيدِ أركانِه إلى غيرِ ذلكَ منَ الغاياتِ الرّذيلةِ, والآخرُ: يهدفُ إلى بثِّ الأخلاقِ الحميدةِ, وإنهاضِ الهممِ ، لبسطِ العدلِ ونشرِه، وكبحِ جماحِ الظّلمِ ، والدّعوةِ إلى الحقّ.
فإذا عرفتَ ذلكَ تعرفُ أنَّ المُرادَ منَ الشّعراءِ في هذهِ الآيةِ إنّما هُم منَ النّوعِ الأوّلِ, وهُم مجموعةٌ منَ الأفّاكينَ مِن مُشركي قُريشٍ مِـمّنْ كانوا ينتحلونَ مهنةَ الشّعرِ, فيصيغونَ أبياتاً شعريّةً يهجونَ بها النّبيّ (صلّى اللهُ عليه وآله) فيرمونَه بالكذبِ في دعوتِه فيزعمونَ أنَّ القُرآنَ العظيمَ مِن قبيلِ الشّعرِ, فجاءَ القُرآنُ العظيمُ فعبّرَ عنهُم بالشّعراءِ ليدلَّ على أنّهُم كاذبونَ, وأنّهم لا يتّبعُهم إلّا أهلُ الغيّ والضّلالِ, لأنَّ الشّعرَ يُعبّرُ بهِ عنِ الكذبِ, والشّاعرِ الكاذبِ, حتّى سمّى قومٌ الأدلّةَ الكاذبةَ الشّعريّةَ, ولكونِ الشّعرِ مقرُّ الكذبِ, قيلَ: أحسنُ الشّعرِ أكذبُه (يُنظَر: كتابُ مفرداتِ ألفاظِ القُرآنِ للرّاغبِ الأصفهانيّ, في الصّفحةِ 456: مادّة شعر), وقَد نقلَ الطّبرسيّ صاحبُ كتابِ مجمعِ البيانِ عَن مُقاتلٍ بنِ سُليمان أسماءَ الشّعراءِ مِـمّنْ كانوا يهجونَ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله), فقالَ: منهُم عبدُ اللهِ بنُ الزّبعريّ السّهميّ, وأبو سفيانَ بنُ الحارثِ, وهبيرةُ بنُ أبي وهبٍ المخزوميّ ومسافعُ بنُ عبدِ منافٍ الجمحيّ وأبو عزّةَ عمرو بنُ عبدِ الله وأميّةُ بنُ الصّلتِ الثّقفيّ, تكلّموا بالكذبِ , وقالوا: نحنُ نقولُ مثلَ ما قالَ مُحمّدٌ (صلّى اللهُ عليه وآله) , وقالوا الشّعرَ, واجتمعَ إليهم غواةٌ مِن قومِهم يستمعونَ أشعارَهُم, ويروونَ عنهُم حينَ يهجونَ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) , وأصحابَه, فذلكَ قولُه: ((يتّبعُهمُ الغاوونَ)). ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق