ماصحة قول الامام السجاد (سلام الله عليه ) " ليت أمي لم تلدني" ممكن شرح عن هذا القول
السلام عليكم ورحمة الله
وردَت هذهِ العبارةُ في مناجاةِ الخائفينَ ليومِ الأحدِ، عنِ الإمامِ السّجّادِ (سلامُ الله عليه)، ويتّضحُ المقصودُ مِن خلالِ بقيّةِ كلماتِ الدّعاءِ والسّياقِ الذي وردَت فيه، ومنَ الواضحِ أنَّ الدّعاءَ عندَ أهلِ البيتِ يُعدُّ مدرسةً كاملةً تشملُ جميعَ أبعادِ الحياةِ، وأهمُّ ما تشيرُ إليهِ كلماتُ الأدعيةِ هوَ بيانُ فلسفةِ وجودِ الإنسانِ وكيفَ يجبُ أن تكونَ علاقتُه باللهِ تعالى، والنّقطةُ المحوريّةُ التي تُؤكّد عليها الأدعيةُ هيَ إظهارُ الإنسانِ لفقرِه وحاجتِه للهِ تعالى، والصّحيفةُ السّجّاديّةُ بما فيها مِن مُناجياتٍ وأدعيةٍ كشفَت عَن عُمقِ تلكَ الحاجةِ بعباراتٍ مُتعدّدةٍ وبمواقفَ مُختلفةٍ تستوعبُ كلَّ مراحلِ حياةِ الإنسانِ، ولو رجعنا لمُناجاةِ يومِ الأحدِ، نجدُ أنَّ الإمامَ (عليه السّلام) بعدَ أن يُبيّنَ بأنَّ الإيمانَ سببٌ للنّجاةِ منَ العذابِ، وأنَّ حُبَّ اللهِ موجبٌ للقُربِ منهُ، وأنَّ الرّجاءَ في رحمةِ اللهِ وصفحِه تُبعدُ الحرمانَ، وأنَّ الإستجارةَ باللهِ تسلّمُ الإنسانَ، يؤكّدُ بعدَها بأنَّ الخيبةَ فيما عندَ اللهِ أمرٌ مُستبعَدٌ، وبذلكَ يلفتُ الإمامُ نظرَ الإنسانِ إلى مسألةٍ مُهمّةٍ وهيَ أنَّ اللهَ خلقَهُ للسعادةِ وليسَ للشّقاءِ، وأنَّ السّعادةَ أمرُها مُتيسّرٌ ومضمونٌ، وبالتّالي مَن يختارُ الشّقاءَ معَ كُلِّ فُرصِ السّعادةِ يكونُ موتُه أولى مِن حياتِه وعدمُه أولى مِن وجودِه، ولسانُ حالِه يقولُ ليتَ أمّي لَم تلِدني. وهذا هوَ نصُّ كلماتِ الدّعاء: "إلهي أتراكَ بعدَ الإيمانِ بكَ تُعذّبُني؟! أم بعدَ حُبّي إيّاكَ تُبعّدُني؟! أم معَ رجائي لرحمتكَ وصفحِكَ تحرمُني؟! أم معَ استجارتي بعفوكَ تُسلِمُني؟! حاشا لوجهكَ الكريمِ أن تُخيّبَني، ليتَ شعري أللشّقاءِ ولدَتني أمّي، أم للعناءِ ربّتني؟! فليتَها لَم تلِدني ولَم تُربّني"
اترك تعليق