بعد وجود الانسان في هذه الدنيا بصعوباتها ومحنها بكل المجالات لو رغب او اراد الانسان الانسحاب.. لا يريد لا جنة ولا نار كيف له الانسحاب؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإنسانُ ليسَ بحاجةٍ إلى مَن يخبرُه بأنّهُ لا يملكُ خيارَ الإنسحابِ؛ فمنَ الواضحِ أنَّ ذلكَ مُستحيلٌ لكونِه خارِجاً عَن إرادةِ الإنسانِ واختيارِه، فكلُّ واحدٍ يشعرُ بذلكَ في عُمقِ وعيهِ وشعورِه، وعليهِ فمنَ العقلِ والحِكمةِ أن يتعاملَ الإنسانُ معَ واقعِ الحالِ الذي وُجدَ فيهِ، حتّى لو إفترضنا إمكانيّةَ ذلكَ فإنَّ خيارَ الإنسحابِ خيارٌ خاسرٌ بكلِّ المقاييسِ؛ لأنَّ الإنسحابَ يعني العدمَ المحضَ والخُسرانَ الأكيدَ، في حينِ أنَّ فوائدَ الإستمرارِ والعملِ بما أرادَ اللهُ تعالى نتيجتُه الحياةُ الأبديّةُ في جنّاتٍ عرضُها السّماواتُ والأرضُ، والقولُ: (إنّني لا أريدُ الجنّةَ)، قولٌ يُعبّرُ عَن نفسيّةٍ مُنهزمةٍ وإرادةٍ مُحبطَةٍ ولا يُعبّرُ عَن موقفِ العقلِ المسؤولِ والإرادةِ الصّلبةِ، ومثلُ هذا الإنسانِ لا يتمُّ تغييرُ موقفِه بالأدلّةِ والبراهينِ العقليّةِ وإنّما مِن خلالِ مُعالجتِه نفسيّاً، حالهُ حالُ الذي يُقدِمُ على الإنتحارِ، حيثُ لا يُقدِمُ الإنسانُ على ذلكَ مِن وحي ما يُمليهِ عليهِ العقلُ وإنّما نتيجةَ مرضٍ نفسيّ ورؤيةٍ ظلاميّةٍ ولِذا يتمُّ عرضُه على الأطبّاءِ النّفسانيّين.
ومنَ الواضحِ أنَّ اِلتزامَ الإنسانِ بقيمِ الدّينِ وأحكامِ الشّريعةِ لا يحرمُ الإنسانَ منَ الحياةِ الهنيّةِ والسّعيدةِ، فبإمكانِ الإنسانِ أن يستمتعَ بكُلِّ ما في الحياةِ مِن نِعمٍ فيكسبُ بذلكَ الحياةَ الدّنيا ويكسبُ الجنّةَ والحياةَ الخالدةَ فيها، قالَ تعالى: (مَن عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَو أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجزِيَنَّهُم أجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ) والإنسحابُ عنِ الحياةِ لَو كانَ مُمكِناً يُضيّعُ على الإنسانِ نِعمَ الحياةِ الدّنيا ونِعمَ الآخرةِ، وعدمُ فهمِ الإنسانِ لصعوباتِ الحياةِ يجعلُه يتصوّرُها وكأنّها عذابٌ يُلاحقُه، في حينِ أنَّ تلكَ العقباتِ تجعلُ منَ الحياةِ مُغامرةً سعيدةً يختبرُ الإنسانُ فيها مقدراتِه، كما أنَّ الرّضا والقناعةَ هي التي تُحقّقُ للإنسانِ توازُناً نفسيّاً يُمكّنُه مِن فهمِ الحياةِ واستيعابِها، وهذا يتحقّقُ مِن خلالِ الإيمانِ باللهِ والعملِ الصّالحِ، أمّا الكافرُ والجاحدُ لأنعُمِ اللهِ مهما توفّرَت لهُ الفُرصُ فلَن يشعُرَ بالسّعادةِ، قالَ تعالى: (وَمَن أعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيَامَةِ أعمَىٰ) وعليهِ يجبُ على الإنسانِ أن يعيشَ الأملَ في اللهِ تعالى لكَي يتمكّنَ مِن تحقيقِ السّعادةِ في الدّنيا وفي الآخرةِ.
اترك تعليق