ماهي الاية الدالة من القران الكريم على عظمة وسعة علم الامام علي عليه السلام

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله

هناكَ آياتٌ كثيرةٌ تدلُّ على سعةِ علمِ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام ، إمّا مُطابقَةً أو تضمّناً أو إلتزاماً ، ونقتصرُ على ذكرِ بعضِها : 

الآيةُ الأولى : قوله تعالى : ﴿وَيَقولُ الَّذينَ كَفَروا لَستَ مُرسَلًا قُل كَفى بِاللَّهِ شَهيدًا بَيني وَبَينَكُم وَمَن عِندَهُ عِلمُ الكِتابِ﴾ [الرّعد: ٤٣] . 

حيثُ وردَ في كثيرٍ منَ الرّواياتِ مِن طُرقِ الفريقينِ - ولا يبعدُ تواترُها - أنَّ المُرادَ منَ الذي عندَهُ علمُ الكتابِ هوَ أميرُ المؤمنينَ (عليه السّلام) فمِن تلكَ الرّواياتِ :  

روى الكُلينيُّ في الكافي والصّفّارُ في البصائرِ بسندِه عَن بريدٍ بنِ معاويةَ قالَ: قلتُ لأبي جعفرٍ عليهِ السّلام : { قُل كفى باللهِ شهيداً بيني وبينَكم ومَن عندَهُ علمُ الكتابِ } ؟ قالَ : إيّانا عنى ، وعليٌّ أوّلنا وأفضلُنا وخيرُنا بعدَ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه . الكافي للكُلينيّ ج ١ ص ٢٧٧ ، بصائرُ الدّرجاتِ للصّفّارِ ج1 ص383 رقم 12 . 

وروى الصّدوقُ في الأماليّ بسندِه عَن أبي سعيدٍ الخُدريّ، قالَ: سألتُ رسولَ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآلِه ) عَن قولِ اللهِ جلَّ ثناؤه : ( قالَ الذي عندَهُ علمٌ منَ الكتابِ ) قالَ: ذاكَ وصيُّ أخي سُليمانَ بنِ داود . فقلتُ لهُ : يا رسولَ اللهِ ، فقولُ اللهِ عزَّ وجلَّ : ( قُل كفى باللهِ شهيداً بيني وبينكم ومَن عندَهُ علمُ الكتابِ )، قالَ : ذاكَ أخي عليٌّ بنُ أبي طالب . الأمالي للشّيخِ الصّدوقِ ص ٦٥٩ ، شواهدُ التّنزيلِ للحاكمِ الحسكانيّ ص307 .  

وروى الثّعلبيّ بسندِه عَن عبدِ اللهِ بنِ عطاءٍ قالَ: كنتُ جالِساً معَ أبي جعفرٍ (يعني الإمامَ الباقر) في المسجدِ فرأيتُ إبنَ عبدِ اللهِ بنِ سلامٍ جالِساً في ناحيةٍ، قلتُ لأبي جعفرٍ: زعموا أنَّ الذي عندَهُ علمُ الكتابِ عبدُ اللهِ بنُ سلّام. فقالَ: إنّما ذلكَ عليٌّ بنُ أبي طالب -رضيَ اللهُ عنه- .  

وبسندِه أيضاً عَن مُحمّدٍ بنِ الحنفيّةِ : {وَمَن عِندَهُ عِلمُ الكِتَابِ} قالَ: هوَ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ - رضيَ اللهُ عنه . تفسيرُ الثّعلبيّ المُسمّى بالكشفِ والبيان ج15 ص345 - 346 رقم 1605 . 

وروى الحاكمُ الحسكانيّ بسندِه عَن سعيدٍ بنِ جبيرٍ عَن عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ في قولِه تعالى { ومَن عندَهُ علمُ الكتابِ } قالَ: عليٌّ بنُ أبي طالب . شواهدُ التّنزيل ص308 . 

وغيرُها منَ الرّواياتِ الكثيرةِ ، ويمكنُكم مراجعةُ تفسيرِ البُرهانِ ذيلِ الآيةِ ، وبصائرِ الدّرجاتِ للصّفّارِ ، وشواهدِ التّنزيلِ للحاكمِ الحسكانيّ .  

أقولُ: إنَّ آصفَ بنَ برخيا وصيَّ سُليمانَ كانَ عندَهُ علمٌ منَ الكتابِ، يعني جُزءاً بسيطاً ويسيراً مِن علمِ الكتابِ، كالقطرةِ أمامَ البحرِ، واستطاعَ بهِ نقلَ عرشِ بلقيس منَ اليمنِ إلى فلسطينَ بأقلِّ مِن طرفةِ عينٍ!

فكيفَ سيكونُ حالُ مَن عندَهُ علمُ الكتابِ كُلِّه ؟  

وإذا أردتَ معرفةَ أوصافِ الكتابِ ، فراجِع القرآنَ نفسَه ، وسأعطيكَ بعضَ الآياتِ المفتاحيّةِ قالَ تعالى : (فيهِ تبيانُ كلِّ شيءٍ) و (ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلّا في كتابٍ مُبين) وسيأتي . 

هذهِ الآيةُ مِن أعظمِ الآياتِ في القرآنِ الكريمِ الدّالّةِ على سعةِ علمِ أميرِ المؤمنينَ عليهِ السّلام . 

 

الآيةُ الثّانيةُ: قولُه تعالى : ﴿إِنَّهُ لَقُرآنٌ كَريمٌ ۝ في كِتابٍ مَكنونٍ ۝ لا يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرونَ﴾ [الواقعةُ: ٧٧-٧٩] . 

القرآنُ الكريمُ في كتابٍ مكنونٍ لا يمسُّهُ ( القرآنُ أو الكتابُ المكنونُ ) إلّا المُطهّرونَ . 

لا : نافيةٌ ، وليسَت ناهيةً ، فالآيةُ إخبارٌ ، وليسَت إنشاءً لحُكمٍ شرعيٍّ ، بمعنى : أنَّ اللهَ يُخبرُنا بأنَّ القُرآنَ أو الكتابَ المكنونَ لا يمسّهُ بمعنى لا يطّلعُ عليهِ ولا يعلمُ بهِ ولا يحيطُ بهِ ، إلّا المُطهّرونَ . 

وأصحابُ الكساءِ ومنهُم أميرُ المؤمنينَ (عليه السّلام) قَد طهّرَهُم اللهُ في مُحكمِ كتابِه ، قالَ اللهُ فيهم : ﴿إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرًا﴾ [الأحزابُ: ٣٣]  

فأميرُ المؤمنينَ (عليه السّلام) منَ المُطهّرينَ الذينَ يمسّونَ ويطّلعونَ ويُحيطونَ بالقُرآنِ أو الكتابِ المكنونِ . 

 

الآيةُ الثّالثةُ : قولُه تعالى : ﴿فَمَن حاجَّكَ فيهِ مِن بَعدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُل تَعالَوا نَدعُ أَبناءَنا وَأَبناءَكُم وَنِساءَنا وَنِساءَكُم وَأَنفُسَنا وَأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَعنَتَ اللَّهِ عَلَى الكاذِبينَ﴾ [آلُ عمران: ٦١] . 

أجمعَ المُسلمونَ على أنَّ المُرادَ مِن أنفسِنا في هذهِ الآيةِ هوَ أميرُ المؤمنينَ (عليه السّلام) ، فهوَ نفسُ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) .  

فإذا كانَ النّبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) يحملُ علوماً لا يحملُها أحدٌ منَ العالمينَ ، فكذلكَ نفسُه . 

 

وغيرُها منَ الآياتِ الكثيرةِ الدّالّةِ على سعةِ علمِ أميرِ المؤمنينَ (عليه السّلام) وأبنائهِ الأئمّةِ المعصومينَ صلواتُ اللهِ عليهم أجمعينَ .