كيفَ نستدلُّ منطقيّاً على أنَّ القرآنَ كلامُ الله؟
السّلام عليكم، كيفَ نستدلُّ منطقيّاً على أنَّ القرآنَ كلامُ الله؟ لا إشكالَ لديَّ في أنّهُ ليسَ مِن كتابةِ النبيّ ولا مِن كتابةِ البشرِ أو الجنّ, ولكنَّ الإشكالَ يكمنُ في السّؤالِ التالي: كيفَ لنا أن نستنتجَ أنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ لمجرّدِ أنّنا أثبَتنا أنّهُ ليسَ كلامَ بشرٍ؟ لمَ لا يكونُ مِن كتابةِ مخلوقاتٍ لا نعلمُ عنها شيئاً؟ وكيفَ نعلمُ أنَّ جبريلَ الذي رآهُ النّبيُّ صدقَ بقولِه أنّهُ مُرسلٌ منَ الله؟ بحثتُ في كتبِ الإعجازِ فوجدتُها تناقشُ أربعةَ احتمالاتٍ لمصدرِ القرآنِ إمّا مِن كتابةِ النّبي أو مِن كتابةِ أحدٍ غيرِه منَ البشر أو منَ الله ولم أجِد مَن يناقشُ الاحتمالَ الذي ذكرتُه في سؤالي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإجابةُ على ذلكَ بسيطةٌ وهيَ أنّهُ لا يمكنُ نسبةُ شيءٍ معلومٍ إلى شيءٍ مجهول؛ وذلكَ لأنَّ المجهولَ في منزلةِ المعدومِ، فإذا كانَ مجهولاً في ذاتِه فهوَ مجهولٌ أيضاً في صفاتِه، ونسبةُ شيءٍ إليه يقتضي أن يكونَ معلوماً في ذاتِه وفي صفاتِه، وإذا كانَ منَ المنطقيّ أن يكونَ للقرآنِ مصدرٌ فلابدَّ أن يكونَ مصدرُه معلوماً وإلّا أصبحَ من دونِ مصدرٍ وحينَها نقعُ في التناقضِ المنطقي، صحيحٌ هناكَ فرقٌ بينَ أن يكونَ الشيءُ بذاتِه مجهولاً في منزلةِ الثبوتِ والواقعِ بمعنى غيرِ موجود، وبينَ أن يكونَ الشيءُ مجهولاً بالنّسبةِ لكَ حتّى لو كانَ في الواقعِ موجوداً، وبحسبِ ما جاءَ في إفتراضِك فإنَّ ذلكَ الشّيءَ المزعومَ هوَ مجهولٌ في مرتبةِ الواقعِ والتحقّقِ، ومَن يكونُ في هذهِ المرتبةِ فهوَ معدومٌ إلّا إذا كانَ عندَك شواهد على إمكانيّةِ وجودِه، وعليكَ حينَها أن تُبيّنَ لنا تلكَ الشواهد، وعليهِ فإنَّ القرآنَ حقيقةٌ موضوعيّةٌ ماثلةٌ بينَ أيدينا ومَن أوجدَ ذلكَ القرآنَ لابدَّ أن يتّصفَ بأن يكونَ موجوداً وقادراً وحكيماً وكلُّ ذلكَ لا يمكنُ أن نصفَ بهِ العدم.
اترك تعليق