هل يمكن أن يأتي الكون بالصدفة؟
وردنا سؤال : يقول الملحدون ماهي المشكلة في الاعتقاد القائل بأنّ الكون وُجد صدفة؟ ولماذا تعتبرون وجد الله هو التفسير الأصح لوجود الكون وليس الصدفة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
كلمة صدفة من الكلمات الشائعة في المخاطبات العرفية، حيث اعتاد الناس على استخدامها في الحالات التي تحدث فيها الأمور اتفاقاً من غير اعداد مسبق، مثل ان يلتقي إنسان بصديقه في مكان ما فيقول رأيته صدفة أي بدون قصد، ومن المعلوم أن العرف لا يلتفت كثيراً إلى الدقة العقلية في محاكمة الدلالات المفهومية للكلمات، وإنما يكتفي بالإشارة العامة من دون إرادة المعنى الدقيق للكلمة، ومن هنا جاء التفريق بين الدلالات العرفية والدلالات الاصطلاحية، حيث يتم الاعتماد على الدلالة الإصلاحية في البحوث العلمية دون الدلالات العرفية، وعليه فإن كلمة صدفة لا تحمل أي دلالة علمية منضبطة يمكن الاعتماد عليها في البحوث العلمية، ومن هنا نكتشف المخادعة التي يمارسها الإلحاد عندما يستخدم نفس الكلمة لتفسير نشوء الكون، في حين أن كلمة صدفة ضمن الدلالة التي يقصدها الإلحاد لا علاقة لها بالمعنى العرفي للكلمة، فالصدفة ضمن المفهوم الإلحادي حالة عدمية محضة، فعندما يقول جاء الكون بالصدفة هو تعبير مخفف للقول جاء الكون من العدم، أي أن العدم هو الذي كان سبباً في وجوده، وهذا مخالف لأبسط البديهيات العقلية، إذ كيف يمكن لعاقل أن يصدق أن هناك شيء جاء من العدم إلى الوجود وكان السبب في وجوده هو العدم، وعليه فإن التباين بين الإلحاد والإيمان يعود في حقيقة الأمر إلى التباين بين العقل والجنون، فالإيمان يقول أن هناك موجود واجب الوجود هو الذي أوجد هذا الخلق، والإلحاد يقول أن هناك عدم هو الذي أوجد المخلوق، وبما أن ذلك جنون واضح لا يمكن التصديق به نجده يحاول التستر بكلمة صدفة بوصفها كلمة مستخدمة في العرف، وهذا المخادعة مكشوفة لأن الصدفة في العرف تعني حودث الشيء من غير قصد، في حين أن الصدفة عند الملحد تعني حدوث الشيء من العدم. يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر في كتابه: (العقيدة في الله): "يبدو القول: إنّ هذا الكون خلق مصادفة من غير خالق ليس قولاً بعيدًا عن الصواب فحسب، بل قول بعيد عن المعقول، يُدخل صاحبه في عداد المخرفين الذين فقدوا عقولهم أو كادوا)
اترك تعليق