حب الله وحب أهل البيت ع

السؤال : اذا كان حب الشخص لآل بيت الرسول عليهم افضل الصلاة والسلام أكثر من حبه لله هل يعتبر هذا الفعل معصية للخالق ؟ اذا كان نعم فما هو الدليل واذا كان الجواب لا أيضاّ ما هو الدليل ؟

: الشيخ مروان خليفات

الجواب :

هذا الشخص الذي يحبُّ أهلَ البيت عليهم السلام أكثر من حبّه لله عزّ وجلّ لديه خللٌ في منظومته الدينية، فحبُّ الله هو الأساسُ فأوّلُ الدين معرفته، فيجبُ تقديم حبّ الله على كلّ شيء، وهذا هو نهجُ الأئمّة عليهم السلام، والناظرُ في أدعيتهم ومناجاتهم يلحظ ذوبانهم وعشقهم لله عزوجلّ وتقديمهُ على كلّ شيء، فهم قدوتنا، فلولا الله لما كانت هناك حياةٌ ولما وُجِدَ أئمّةُ الآل عليهم السلام، فمنه عزّ وجلّ الوجودُ وإليه منتهى كلّ شيء.

روى الحسينُ بن سعيد الأهوازي : ( فضالة عن أبان عن عبد الله بن طلحةَ عن أبي عبد الله عليه السلام قال استقبلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله رجلاً من بني فهد وهو يضربُ عبداً له والعبدُ يقول أعوذ بالله فلم يقلع الرجلُ عنه فلما أبصرَ العبد برسول الله صلى الله عليه وآله قال : أعوذ بمحمّد فاقلع الرجلُ عنه الضّرب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله

: يتعوّذُ بالله فلا تعيذه ويتعوّذُ بمحمّدٍ فتعيذه واللهُ أحقُّ أن يجار عايذهُ من محمّد؟ )

فهنا يستنكرُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الرجل إقلاعهُ عن ضرب عبده حين استعاذ برسول الله ولم يقلع عن ضربِ العبد حين استعاذ بالله .

وفي تكملة الرواية : ( فقال الرجلُ : هو حرٌّ لوجه الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله والذي بعثني بالحقّ نبياً لو لم تفعل لواقع وجهك حرّ النار ) ! الزهد، 44 ــ 45

وفي القرآن تأكيداتٌ عديدة على حبّ الله وكونه الأساس، قال تعالى :

{وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة١٦٥]

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران٣١]

{فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ} [المائدة٥٤]

وعن أمير المؤمنين (ع) في بعض أدعيته :

( وَاعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ ) إقبال الأعمال، ج ٣، السيد ابن طاووس، ص ٣٣٤

ورويَ في المناجاة المنظومة عنه (ع ) :

تعصي الإله وأنت تظهرُ حبَّه

هذا محالٌ في الفعال بديعُ

لو كان حبُّك صادقاً لأطعتَه

إنّ المحبَّ لمن يحبُّ مطيعُ .

وروي أنّ الإمام الصادق (ع) تمثّلَ بها. الأمالي، الشيخ الصدوق، ص ٥٧٨.

وعن الإمام السّجّاد (ع) في بعض أدعيته :

( ولئنْ أدخلتني النارَ لأخبرنَّ أهلَ النار بحبي لك ) الاختصاص، الشيخ المفيد، ص53، إقبال الأعمال، ج ١، السيد ابن طاووس، ص ١٧٣

ومن دعاء الإمام السّجّاد عليه السلام قوله : اللهمّ إنّي أسألك أن تملأ قلبي حباً لك . الصحيفة السجادية، الإمام زين العابدين ( ع )، ص ٢٣٢

وروى الصدوقُ في العلل: ج١ ب٥١ ص٥٧ ح١

بسنده عن رسولِ الله (ص) قال : بكى شعيب (ع) من حبِّ الله (عز وجلّ) حتى عمي! فردَّ الله (عز وجلّ) عليه بصره، ثم بكى حتى عمي! فردَّ الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمي! فردَّ الله عليه بصره. فلما كانت الرابعة، أوحى الله إليه: يا شعيب، إلى متى يكون هذا أبداً منك؟ إن يكن هذا خوفاً من النار فقد أجرتك، وإن يكن شوقاً إلى الجنة فقد أبحتك! قال: إلهي وسيدي، أنت تعلمُ إنّي ما بكيتُ خوفاً من نارك، ولا شوقاً إلى جنتك، ولكن عقد حبُّك على قلبي، فلستُ أصبر أو أراك! فأوحى الله (جلّ جلاله) إليه: أما إذا كان هكذا، فمن أجل هذا سأخدمكَ كليمي موسى بن عمران (ع)).

تؤكّدُ هذه النصوصُ جميعها على أهميّةِ حبّ الله وتقديم حبّه على حبّ سائر ما خلق .