شبه المولود لأخواله أو أعمامه

سؤال: • أحاديث حول دور ماء احتلام المرأة في تكوين الجنين 1 - سَأَلَتْ (أمّ سُلَيم) نَبِيَّ اللهِ عَنِ المَرْأَةِ تَرَى في مَنَامِهَا ما يَرَى الرَّجُلُ، فَقالَ رَسولُ الله: إذَا رَأَتْ ذلكَ المَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ فَقالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: واسْتَحْيَيْتُ مِن ذلكَ، قالَتْ: وهلْ يَكونُ هذا؟ فَقالَ نَبِيُّ الله: نَعَمْ، فَمِنْ أيْنَ يَكونُ الشَّبَهُ؟ إنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أبْيَضُ، ومَاءَ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أصْفَرُ، فَمِنْ أيِّهِما عَلَا، أوْ سَبَقَ، يَكونُ منه الشَّبَهُ. (مسلم 311) 2 - جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ الله فَقَالَتْ: يا رَسولَ الله إنَّ الله لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ قَالَ النبيُّ: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا. (البخاري 130) 3 - أنَّ امْرَأَةً قالَتْ لِرَسولِ الله: هلْ تَغْتَسِلُ المَرْأَةُ إذَا احْتَلَمَتْ وأَبْصَرَتِ المَاءَ؟ فَقالَ: نَعَمْ فَقالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: تَرِبَتْ يَدَاكِ وأُلَّتْ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ الله: دَعِيهَا. وهلْ يَكونُ الشَّبَهُ إلَّا مِن قِبَلِ ذَلِكِ، إذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ، أشْبَهَ الوَلَدُ أخْوَالَهُ، وإذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أشْبَهَ أعْمَامَهُ. (مسلم 314) ← التعليق: هذا الحديث ليس فقط خالياً من الإعجاز، بل هو أوضح خطأ علمي في الإسلام على الإطلاق. نحن نعلم يقيناً أنّ المسؤولَ عن شبه الولد بأمه (الصفات الوراثية) ليس ماءُ المرأة أو أيّ نوع من السوائل المهبلية، بل هو الجينات وليس أيّ شيء آخر، ونعلم الكيفية التفصيلية لهذا الأمر. - سؤال ظريف: طيب يا كافر ماذا لو اكتشف العلم في المستقبل أنّ السوائلَ المهبلية لها دورٌ خفي في شبه الولد بأمه؟ جوابٌ للسؤال الظريف: حتى لو أطلقنا العنانَ لخيالنا وسلمنا جدلاً أنّ العلم اكتشفَ مثل هذا "الدور الخفي" فسيكون دوراً ثانوياً جداً وهامشياً، لأننا نعرفُ ما هو الشيء الذي يضطلعُ بالدور الأساسي: إنهُ الجينات. - طيّب يا كافر الرسول يشيرُ إلى هذا الدور الهامشي، أين المشكلة؟ جواب: المشكلة أنّ عبارات الرسول تدلّ على أنه يقصدُ دوراً أساسياً إن لم نقل دوراً حصرياً. لاحظ العباراتِ والنبرة الإنكارية: فَمِنْ أيْنَ يَكونُ الشَّبَهُ؟ بِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا؟ وهلْ يَكونُ الشَّبَهُ إلَّا مِن قِبَلِ ذَلِكِ؟ المخرجُ الوحيدُ لهم هذه المرة أن يقطّعوا أوصال الحديث فيقولوا إنّ الماءَ المذكور في أوّل الحديث غير الماء المذكور في آخره، وهذه مخالفةٌ لأبسط قواعد السياق، بل سيجعلون محمداً يبدو كأنه لا يعرف كيف يتكلم أو يضلل الناس عمداً. إذا كانت هذه النتيجة التي يريدها المرقعون فأنا أهنئهم عليها.

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

أولاً: كلّ الرواياتِ المذكورة من رواياتِ أهل السّنة والجماعة وليس فيها روايةٌ واحدةٌ من مرويات أهل البيت عليهم السلام.

ثانياً: هناك بعضُ روايات أهلِ البيت عليهم السلام قد توضح المقصودَ من مروياتِ أهل السّنة والجماعة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "تعتلجُ النطفتان في الرّحم فأيتهما كانت أكثر جاءت تشبهها، فإن كانت نطفةُ المرأة أكثر جاءت تشبهُ أخواله وإن كانت نطفة الرجل أكثر جاءت تشبهُ أعمامه".

فالرواية واضحة في أنّ منشأ الإنسان من نطفتين إحداهما من المرأة (البويضة) والأخرى من الرجل (المني)، وهذا بحدّ ذاته إعجاز لأمير المؤمنين (عليه السلام)؛ وذلك لأنّ اكتشاف بويضة المرأة من الأمور الحديثة ولم يكن معروفا أبداً لا من قريب ولا من بعيد في تلك العصور، كما أنّ كلمة " تعتلج" والتي تدلّ على نوع من المغالبة تعدّ وصفاً دقيقاً لما يسمّى حالياً بقوانين مندل في علم الوراثة، حيث قسمت الصفات الوراثية إلى صفاتٍ مهيمنة DOMINANT وهي الصفاتُ الفعلية، وإلى صفاتٍ كامنة RECESSIVE وهي التي لا تظهرُ فعلياً في المولود، وقد تظهر في الأجيال الأخرى بقلّة، وعليه فإنّ الصفاتِ تتغالبُ فإذا كانت الصفة المهيمنةُ للصفة الموروثة موجودةً في النطفة الرجالية، فإن الولد سيشبه أبيه في تلك الصفة. وإذا كانت الصفة المهيمنة للصفة الموروثة موجودة في النطفة النسائية، فإنّ الولد سيشبه أمّهُ في تلك الصفة.

وفي رواية أخرى عن الإمام الحسن (عليه السلام) قال: "فإنّ الرجل إذا أتى أهلهُ بنفس ساكنةٍ وجوارحَ غير مضطربة اعتلجت النطفتان كاعتلاج المتنازعين؛ فإن علت نطفة الرجل نطفة المرأة جاء الولدُ يشبه أباه، وإن علت نطفة المرأة نطفة الرجل أشبهَ أمه"

وقد عبّرت رواياتٌ أخرى بعبارة، سبق، وغلب، وأكثر، مثل قول أمير المؤمنين (عليه السلام): "وأما شبه الولد أعمامه وأخواله فإذا سبقَ نطفة الرجل نطفة المرأة إلى الرحم خرج شبه الولد إلى أعمامه"، فالتعبيراتُ مختلفة والمضمونُ واحد، والسببُ في ذلك قد يكون صعوبةَ بيان بعض المطالب من ناحيةِ المتلقي لعدم قدرتهِ على استيعابِ بعض المفاهيم.

وعليه: لا يتعلقُ الأمرُ بالسوائل والافرازاتِ المهبلية وإنما يتعلق بمنيّ الرجلِ وبويضة المرأة وهما مصدرا كلّ الجينات الوراثية للمولود.

ثالثاً: حتى لو صحّحنا مرويات أهل السنة فإنها لا تقود إلى ما ذهب إليه صاحبُ الإشكال، فحديث أم سلمة يتحدثُ عن الماء التناسليّ للمرأة ولا يتحدثُ عن ماء الشهوة عندها، حيث وصفتهُ الروايةُ بالماء الأصفر وهو غير ماء الشهوة الذي يتصفُ بالبياض واللزوجة، فكلّ ما في الأمر أنّ أم سلمة رضي الله عنها استغربت وجود ماء شهوة للمرأة فأخبرها النبيّ عليه وآله الصلاة والسلام أنه اذا لم يكن للمرأة سوائل وافرازات مثل الرجل فكيف سيشبهها ولدها، فطبيعة الماء التناسلي للمرأة والمقابل لماء الرجل التناسلي هو ماء أصفر رقيق وهذا الوصفُ لا ينطبق على أيّ من افرازات المرأة غير الماء الأصفر الذي يتدفقُ حاملاً البويضة مرة واحدة في الشهر، وبذلك يكونُ في الحديث إعجازٌ نبوي إذ كيف عرف النبيّ (صلى الله عليه وآله) طبيعة ماء المرأة التناسلي الذي يكون منه الشبهُ والصفاتُ الوراثية بأنه أصفر في حين أنّ الغالب على افرازات المرأة انها بيضاء شفافة أو بيضاء بلون الحليب؟