« بقية السيف أنمى عدداً وأكرم ولداً »

ما معنى الحديث المنسوب لأمير المؤمنين (ع): « السيف أنمى عدداً، وأكرم ولداً » ؟

: - اللجنة العلمية

 الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يعدّ هذا الحديث من جملة الحِكم القصار لأمير المؤمنين (عليه السلام)، والكلام حوله في أمرين:

الأمر الأول: ألفاظه ومصادره:

يعدّ هذا الحديث من جملة حِكم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وله عدّة ألفاظ:

1ـ « بقيّة السيف أبقى عدداً، وأكثر ولداً » ينظر نهج البلاغة ص643، خصائص الأئمة ص95، عيون الأخبار ج1 ص213، التذكرة الحمدونية ج1 ص247.

2ـ « بقية السيف أنمى عدداً، وأكثر ولداً ». ينظر البيان والتبيين ص370، شرح النهج للمعتزلي ج18 ص235، ربيع الأبرار ج4 ص106.

3ـ « بقية السيف أنمى عدداً، وأنجب ولداً ». ينظر درر السمط ص65، زهر الآداب ج1 ص81.

4ـ « بقية السيف أنمى عدداً، وأكرم ولداً ». ينظر: عيون الحكم والمواعظ ص196.

5ـ « بقية السيف أنمى عدداً، وأطيب ولداً ». ينظر العقد الفريد ج1 ص94.

وقد يرد في بعض المصادر بدون كلمة « بقية » كما في خصائص الأئمّة.

وقد أخذ المهلّب بن أبي صفرة [ت78هـ] معنى هذه الكلمة، فقال: « ليس شيء أنمى من بقيّة السيف ». ينظر البيان والتبيين ص370.

الأمر الثاني: دلالته ومعناه:

ذكر ابن عبد البرّ [ت328هـ]: أنّ هذه الكلمة الشريفة من جملة توقيعات أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال في توقيعات الخلفاء: (ووقع – يعني أمير المؤمنين عليه السلام – في كتاب الحصين بن المنذر إليه يذكر أنّ السيفَ قد أكثر في ربيعة: « بقية السيف أنمى عدداً ») [العقد الفريد ج4 ص288].

وهذه كلمات بعض العلماء في بيان معنى هذا الحديث:

قال الجاحظ [ت255هـ] – بعد ذكر هذه الحكمة –: (ووجد الناس ذلك بالعيان للذي صار إليه ولده من نهك السيف وكثرة الذرء وكرم النجل( [البيان والتبيين ص370].

وقال ابن أبي الحديد نقلاً عن الجاحظ: (قال شيخنا أبو عثمان: ليته لمّا ذكر الحكم ذكر العلّة. ثمّ قال: قد وجدنا مصداق قوله في أولاده وأولاد الزبير وبني المهلب وأمثالهم ممّن أسرع القتل فيهم) [شرح نهج البلاغة ج18 ص235].

وقال ابن قتيبة [ت276هـ]: (وقال عليّ - رضي اللَّه عنه -: « بقيّة السيف أبقى عدداً وأكثر ولداً ». وفي الحديث: « بقيّة السيف مباركة »، يعني أنّ مَن نجا من ضربة السيف ينمو عدده ويكثر ولده. وقال المهلَّب: ليس شيء أنمى من سيف. ويقال: لا مجد أسرع من مجد سيف) [عيون الأخبار ج1 ص213].

وقال ابن عبد البرّ [ت328هـ]: (يريد أنّ السيف إذا أسرع في أهل بيت كثر عددهم ونما ولدهم) [العقد الفريد ج1 ص94].

وقال الزمخشريّ [ت538هـ]: (وعوين ذلك في ولد عليّ وولد المهلب، فقد قُتل مع الحسين عامّة أهل بيته ولم ينجُ إلّا ابنه عليّ لصغره، فأخرج الله من صلبه الكثير الطيب. وقتل يزيد بن المهلّب وإخوته وذراريهم ثمّ مكث مَن بقي منهم نيفاً وعشرين سنة لا يُولَد فيهم أنثى ولا يموت منهم غلام) [ربيع الأبرار ج4 ص106].

وقال علي بن زيد البيهقيّ [ت565هـ]: (من سنّة الله تعالى أنّ مَن قُتل مظلوماً وقُتلت ذرّيته، ثمّ يبقى واحد منهم، فإنّه يُملَى له ويُمَدّ في إملائه، حتّى ربّما ازداد طول إملائه على قرنه وأهل زمانه، كما فعل بزين العابدين عليّ بن الحسين - عليه السّلام -، فإنّه خلق من صلبه ذرّية طيّبة مباركة ينوب نسله عن نسل كثير من الناس، حتّى لو بقي المقتولون من أهله لَمَا وفوا في النسل بنسل هذا الواحد. وحاصل ذلك ما أمضاه الله تعالى وقدّره من العدد أنّه يخلقه، فإنّه يخلقه لا محالة قتل بعضهم أو لم يقتل، لأنّه هو الخالق لجميعهم. فإن شاء خلق الكثير من واحد، وإن شاء خلقهم من الكثير، كما عمّ الأرض من ذرّية آدم - عليه السّلام - ومن ذرّيّة نوح - عليه السلام -) [معارج نهج البلاغة ص411].

وقال ابن ميثم البحرانيّ [ت679هـ]: (لا أرى ذلك إلَّا للعناية الإلهيّة ببقاء النوع وحفظه وإقامته وبإخلاف مَن قتل ممّن بقي) [شرح نهج البلاغة ج5 ص283].

وقال الشيخ محمّد عبده [ت1323هـ]: (بقية السيف هم الذين يبقون بعد الذين قتلوا في حفظ شرفهم ودفع الضيم عنهم ، وفضلوا الموت على الذل ، فيكون الباقي شرفاء نجباء ، وعددهم أبقى ، وولدهم أكثر بخلاف الأذلاء ، فإن مصيرهم إلى المحو والفناء) [شرح نهج البلاغة ج4 ص19]

والحمد لله رب العالمين