هل تحصل الكرامات لغير المؤمن؟

السؤال: ما هو تفسيركم للكرامات والأمور الخارقة التي تحدث لدى بعض الأشخاص مع عدم انتمائهم إلى الإسلام؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

قدّم علماء الكلام تصنيفات متعدّدة للظواهر الخارقة للعادة، وقد اعتمدوا في ذلك على السياقات الظرفيّة والتاريخيّة المصاحبة لتلك الظواهر، ويبدو أنّ دافع هذه التصنيفات هو السؤال عن إمكانية ظهور هذه الظواهر الخارقة للعادة على أيدي غير الصالحين؟

فمضافاً للمعجزة - التي أجمع المتكلمون على حصرها في الأنبياء - تحدّثوا أيضاً عن ظواهر خارقة للعادة قد تظهر لأسباب أخرى، وهي على النحو التالي:

1- الكرامة: وهي حدوث أمر خارق للعادة على أيدي الأولياء والصالحين، فالله قد يظهر على أيدي أوليائه أموراً خارقة للعادة لحِكمة تستوجب ذلك.

2- الإرهاص: وهو ظهور أمور خارقة للعادة على يد النبيّ قبل بعثته بهدف تهيئة الناس لقبول دعوته، وقد روي في ذلك الكثير عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) مثل الغمامة التي كانت تظلله في سفرة إلى الشام مع عمّه أبي طالب.

3- الإهانة أو المعجزة المقلوبة: وهي أمور خارقة للعادة يجريها الله على أيدي مدّعي النبوّة كذباً بغية الكشف عن كذبهم، ومثال على ذلك ما حدث مع مسيلمة عندما أخبروه بأن النبيّ بصق في بئرٍ جافّ فخرج الماء، فذهب مسيلمة إلى بئر فيه ماء قليل فبصق فيه فجفّ، فمع أنه أمر خارق للعادة إلا أنّه جاء بالشكل الذي يعاكس دعواه.

4- المغوثة أو المعونة أو الإعانة: وهو أمر خارق للعادة يظهره الله لمصلحة شخص غير صالح بهدف تبرئته من تهمة باطلة منسوبة إليه، وفي ذلك يقول عبد القاهر البغداديّ الأشعريّ: « إن أظهر الله له (يقصد للفاسق) علامةً تدلّ على صدقه وبراءة ساحته مما يُقذف به، جاز ذلك وسمّيناها حينئذ مغوثة (معونة). فالمعجزات للأنبياء والكرامات للأولياء والمغوثات (المعونات) لسائر العباد ».

5- الاستدراج: وهو أن يجري الله الأمر الخارق للعادة على يد غير الصالح بقصد استدراجه، وقد استدلّوا على ذلك بقوله تعالى: (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ)، ويفهم من ذلك أنّ مجرّد ظهور الأمر الخارق للعادة ليس كافياً للحكم بصلاح وإيمان صاحبه.

وبناءً على هذا التقسيم نفهم أن الكرامة هي أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على أيدي الأولياء الصالحين دون غيرهم.

فمجرد ظهور الأمر الخارق للعادة لا يكون دليلاً على أنّ صاحبه من أولياء الله الصالحين، وإنّما يجب توفّر مجموعة من الشروط والقرائن الأخرى التي تدلّ على أنّه فعلاً من أولياء الله الصالحين حتّى نحكم بأنّ الامر الخارق الذي صدر منه هو كرامة له.

قال تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا..) فأولياء الله - بحسب هذه الآية - يجب أن يتّصفوا بالإيمان والتقوى، ثم تأتي بعد ذلك البشرى لهم في الحياة الدنيا، والكرامة واحدة من تلك البشريات.

وفي المحصلة: إذا صدر خارق العادة من شخص فإنْ صَدَقَ عليه عنوان الوليّ من خلال العنصرين المشار إليهما في الآية، فهي كرامة، وإلّا فليست كرامة، بل ربما تكون استدراجاً؛ لأنّ المفروض أنّ الكرامة قد أُخذ في تعريفها صدورها من الوليّ الصالح. ويُنقل عن الشافعي قوله: «إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغترّوا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنّة ».