هل قصة الخلق في الديانات الابراهيمية مأخوذة من الأساطير البابلية؟

السؤال: عند قراءة اسطورة الخلق البابلية نجد انها تسبق التوراة بفكرة خلق الارض والسماوات والكون في ستة ايام فتقول الاسطورة البابلية ان الاله مردوخ خلق الارض والسماوات في ستة ايام ثم جلس ليستريح في اليوم السابع.

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

إنّ مَن يتحدّث عن وجود تشابه في قصّة الخلق بين التوراة وبين الاسطورة البابليّة لا يتحدث عن وجود تشابه أو تطابق بين القصتين وإنّما يتحدث عن اشتغالهما جميعاً بتفسير قصة الخلق ونسبتها إلى الإله.

فقد تحدّثت تلك الأساطير عن مسألة الخلق الأولي، وهي في مجملها عبارة عن صراع و حروب بين الآلهة المتعددة انتهى بخلق الأرض والسماء والإنسان فيما بعد، الأمر الذي جعل بعضهم يتصوّر أنّ ما جاءت به الدّيانات الإبراهيميّة هي تفسيرات لنفس المسألة وهذا في نظرهم يمثل سيرورة متواصلة لِما كان موجوداً من معارف بشرية.

وبعيداً عن قبول ما جاء في التوراة أو رفضه فإنّ هذه المقارنة لا تخلو من التعسّف والابتعاد عن الموضوعيّة، فإذا نظرنا إلى ما جاء في تلك الأسطورة في موضوع الخلق نجد أنّها تقول: "كان العالم مجرد فوضى تتمثل بغمر مائي ومنها انبثقت الآلهة، ثم بدأت هذه الآلهة الجديدة بالدعوة إلى تنظيم العالم فغضبت الفوضى المائية على هذا الإتفاق (الفوضى المائية تمثلها الآلهة "تيامات – Tiamat" أو المياه المالحة بينما يمثل زوجها "أبسو – Apsu المياه العذبة"، وبعد صراع أدى لمقتل أبسو بدأت الآلهة تيامات معركة الانتقام لمقتل زوجها، كان التقدم في هاته المعركة للإلهة تيامات حتى جاء الإله "مردوخ – Marduk" حفيد أبسو وتيامات نفسهما وأصبح قائد التمرد بقوته وإمكانياته التي لا تشبه أيا من الآلهة الأخرى، وقام بشق تيامات "المياه المالحة" إلى نصفين، فجعل نصفها السفلي هو الأرض والعلوي هو السماء" (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة صفحة 453).

ويتضح من ذلك أنّ المقارنة قائمة فقط على أنّ تلك الأساطير تحدّثت أيضاً عن خلق السماء والأرض كما هو الحال في الديانات الابراهيمية، وهذا لوحده لا يكفي لعقد مقارنة بينهما، فالمقارنة يجب أنْ ترصد التشابه بين تفسير كلّ منهما لعمليّة الخلق، وهذا غير موجود، وما جاء في السؤال بأنّ الإله مردوخ خلق الأرض والسماوات في ستة أيام ثم جلس ليستريح في اليوم السابع، فإنّ ذلك يصلح فعلاً للمقارنة بينهما إلا أنّ هذا القول ليس له أيّ أثر في تلك الأساطير، بل هو نصّ توراتي ورد في الإصحاحين الأول والثاني من سفر التكوين.

ومن أراد أنْ يقف على تلك الأسطورة ليقف بنفسه على الفرق الكبير بينها وبين التوراة - فيما يتعلق بقصة الخلق - يمكنه الرجوع إلى موقع الويكيبيديا ففيها تفصيل لما جاء في تلك الاساطير.

اضغط هنا