« ونصرتي لكم معدّة »

السؤال: ورد في زيارة الأربعين: « وَنُصْرَتي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يَأذَنَ اللهُ لَكُمْ »، فهل الإمام الحسين (عليه السلام) يقاتل في الرجعة حتى نقول: « ونصرتي لكم معدّة »؟ ومع مَن سيقاتل؟

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وردت هذه الفقرة: « ونصرتي لكم معدّة » في جملة من الزيارات، نذكر بعضاً منها:

1ـ الزيارة الجامعة الكبيرة المرويّة عن الإمام الهادي (عليه السلام): « .. ونصرتي لكم معدّة حتّى يحيي الله تعالى دينه بكم، ويردّكم في أيامه، ويظهركم لعدله، ويمكنكم في أرضه » [عيون أخبار الرضا ج2 ص308، الفقيه ج2 ص614، التهذيب ج6 ص99].

2ـ زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) المرويّة عن الإمام الكاظم (عليه السلام) والإمام الصادق (عليه السلام): « أتيتك انقطاعاً إليك وإلى ولدك الخلف من بعدك على بركة الحقّ، فقلبي لكم مسلّم، وأمري لكم متبع، ونصرتي لكم معدّة » [كامل الزيارات ص101، الفقيه ج2 ص590، التهذيب ج6 ص27].

3ـ زيارة سيّد الشهداء (عليه السلام) المطلقة المرويّة عن الإمام الصادق (عليه السلام): « جئتك انقطاعا إليك، وإلى جدّك وأبيك وولدك الخلف من بعدك، فقلبي لكم مسلّم، ورأيي لكم متبع، ونصرتي لكم معدّة، حتّى يحكم الله بدينه ويبعثكم » [كامل الزيارات ص403].

4ـ زيارة النبيّ والأئمة (صلوات الله عليهم) يوم الجمعة المرويّة عن الإمام الصادق (عليه السلام): « ونصرتي لكم معدّة حتّى يحكم الله بدينه » [مصباح المتهجد ص289].

5ـ زيارة الأربعين لسيّد الشهداء (عليه السلام) المرويّة عن الإمام الصادق (عليه السلام): « وقلبي لقلبكم سلم، وأمري لأمركم متبع، ونصرتي لكم معدّة حتّى يأذن الله لكم » [التهذيب ج6 ص114، مصباح المتهجد ص789].

والخطاب في قوله: « ونصرتي لكم معدّة » للمعصومين (عليهم السلام)، فالمراد بالضمير في « لكم » أي للمعصومين (عليهم السلام)، لا خصوص سيّد الشهداء (عليه السلام).

وقد جاء في الزيارات المتقدّمة بعد هذه العبارة عباراتٌ متفاوتة، وهي: « حتّى يحيي الله تعالى دينه بكم، ويردّكم في أيامه، ويظهركم لعدله، ويمكنكم في أرضه » - كما في الزيارة الجامعة -، و « حتّى يحكم الله بدينه ويبعثكم » - كما في زيارة سيّد الشهداء المطلقة -، و « حتّى يأذن الله لكم » - كما في زيارة الأربعين -.

فهذه العبارات وإنْ تفاوتت ألفاظها ومعانيها، إلّا أنّه يجمعها جامع، وهو أنّ إعداد النصرة مغيّاة بإحيائهم الدين ورجعتهم للدنيا وإذن الله لهم ونحوها، وهي من ظهور المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) المستعقب لرجعة آبائه الطاهرين (عليهم السلام).

ولا إشكال في أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) سيرجع إلى الدنيا في حياة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، وسيكون هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ودفنه، وفي ذلك روايات مستفيضة، قال الحرّ العامليّ: (رويَ من طرق كثيرة إنّ أوّل من يرجع إلى الدنيا الحسين (عليه السلام) في آخر عمر المهدي فإذا عرفهُ الناس ماتَ المهدي وغسّلهُ الحسين (عليه السلام)) [الإيقاظ من الهجعة ص379]، وقد كتبنا في ذلك بعض الأجوبة، فيمكن مراجعتها.

والمستفاد من الروايات: أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) يرجع مع أصحابه، كما يرجع يزيد بن معاوية وأصحابه، فيقتلهم الإمام الحسين (عليهم السلام)، وينتقم منهم.

روى ابن قولويه بالإسناد عن بريد العجليّ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال – في إسماعيل صادق الوعد -: « فأوحى الله إليه فما حاجتك يا إسماعيل ، فقال : يا ربّ إنّك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ولمحمّدٍ بالنبوّة ولأوصيائه بالولاية وأخبرت خير خلقك بما تفعل أمته بالحسين بن علي (عليهما السلام) من بعد نبيها ، وإنّك وعدتَ الحسين (عليه السلام) أن تكرّهُ إلى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممّن فعل ذلك به ، فحاجتي إليك يا ربّ أن تكرّني إلى الدنيا حتى أنتقم ممّن فعل ذلك بي كما تكرّ الحسين (عليه السلام) ، فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك ، فهو يكرّ مع الحسين (عليه السلام) » [كامل الزيارات ص138-139].

وروى الشيخ العياشيّ عن رفاعة بن موسى قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): « إنّ أوّل من يكرّ إلى الدنيا الحسين بن علي (عليه السلام) وأصحابه، ويزيد بن معاوية وأصحابه، فيقتلهم حذوَ القذة بالقذة، ثمّ قال أبو عبد الله (عليه السلام): {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} » [تفسير العياشي ج2 ص282].

وروى الحسن الحليّ عن جابر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: « إنّ لعلي (عليه السلام) في الأرض كرّةً مع الحسين ابنه (صلوات الله عليهما)، يقبل برايته حتّى ينتقم له من أمية ومعاوية وآل معاوية ومن شهد حربه، ثمّ يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذٍ من أهل الكوفة ثلاثين ألفاً ومن سائر الناس سبعين ألفاً فيلقاهما بصفين مثل المرّة الأولى حتّى يقتلهم ولا يبقى منهم مخبرٌ، ثم يبعثهم الله عزّ وجلّ، فيدخلهم أشدّ عذابه مع فرعون وآل فرعون » [مختصر بصائر الدرجات ص33].

وأمّـا معنى: « ونصرتي لكم معدّة »: فهو أنّ النصر بمعنى الإعانة، والإعداد بمعنى التهيئة، فالمعنى: أنتظر خروجكم والجهاد في خدمتكم مع أعدائكم، أو أعددت نصرتي لإعلاء دينكم صورةً ومعنىً بالبراهين والأدلّة مع الأعادي ما أمكن، كما ذكر التقيّ المجلسيّ في [روضة المتقين ج5 ص489].

وقال الشيخ جواد الكربلائيّ: (فالزائر المحبّ المعترف بحقّهم يكون عاملاً بطاعتهم، تاركاً لمحرّماتهم، مقرّاً بالتقصير في أداء حقوقهم، عازماً على نفسه بأن يكون متحمّلاً للمشاقّ في نصرتهم في مواضعها، ومروّجاً لدينهم ولشيعتهم. والحاصل: أن يعدّ نفسه لأن يصل منه نفعه حسب إمكانه في أمور الدين إلى إمامه عليه السّلام...) [الأنوار الساطعة ج5 ص13].

والحمد لله ربّ العالمين