مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إلَى هذِهِ النَّظَائِرِ؟

السؤال: ما معنى قول الامام علي عليه السلام (مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إلَى هذِهِ النَّظَائِرِ؟)

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جاء في خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) المعروفة بـ(الشقشقيّة) و(المقمّصة)، ذكر تقمّص أبي بكر الخلافة، ثـمّ توليتها لعمر بن الخطّاب، ثـمّ جعلها عمر شورى بين جماعةٍ ومن جملتهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): « حتّى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعةٍ زعم أنّي أحدهم، فيا لله وللشورى، متى اعترض الريب فيَّ مع الأوّل منهم حتّى صرت أقرن إلى هذه النظائر » [نهج البلاغة ج1 ص35].

يبيّن الإمام (عليه السلام) في هذه الفقرات: أنّه لـمّا تيقّن الثاني من الموت، جعل الخلافة شورى بين جماعة، ومن جملتهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيستغيث الإمام لله تعالى من نوائب الدهر ومن هذه الشورى التي تقتضي أن يكون أولئك الأربعة أو الخمسة – وهم عثمان بن عفّان، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوّام، وطلحة بن عبيد الله – مقارنين له، مع أنّهم لا يدانوه في الفضائل، ولا يستحقّون الخلافة أصلاً، فيستفهم (عليه السلام) على سبيل الإنكار: متى حصل الريب والشكّ في مساواة أبي بكر بن أبي قحافة لي حتّى صرت أقارن مع هؤلاء الذي هم دون أبي بكر في الرتبة والمنزلة؟! أي: لا مجال أصلاً للموازنة والمساواة بيني وبين أبي بكر، فكيف أساوى وأُقارن مع هؤلاء وأُعدّ نظيراً لهم؟!

وإليك بعضُ كلمات العلماء:

قال ابن ميثم البحرانيّ: (والاستفهام عن وقت عروض الشكّ لأذهان الخلق في أنّ الأوّل هل يساويه في الفضل أو لا يساويه استفهاماً على سبيل الإنكار والتعجّب من عروضه لأذهانهم إلى غاية أن قاسوه بالخمسة المذكورين وجعلوهم نظراء وأمثالاً له في المنزلة واستحقاق هذا الأمر) [شرح نهج البلاغة ج1 ص262].

وقال ابن أبي الحديد المعتزليّ: (يقول عليه السلام: إنّ عمر لـمّا طعن جعل الخلافة في ستّة، هو عليه السلام أحدهم، ثمّ تعجّب من ذلك فقال: متى اعترض الشكّ فيَّ مع أبي بكر، حتّى أقرن بسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وأمثالهما؟!) [شرح نهج البلاغة ج1 ص184].

وقال الشيخ محمّد رضا الحكيميّ: ( « فيا لله » أنت الناصر والمعين والمغيث، أستغيثُ بك لِـما أصابني منه، أو لنوائب الدهر عامّة « وللشورى » خاصّة، والاستغاثة للتألّـم، من الاقتران بمَن لا يدانيه في الفضائل، ولا يقارنه في الفواضل، ولا يستأهل الخلافة، ولا يليق بالولاية، ولذلك أتبعه – عليه السلام – بالاستفهام على سبيل الإنكار والتعجّب بقوله: « متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم » واعتراض الشيء: إذا صار عارضاً كالخشبة المعترضة في النهر، والريب أي الشكّ، يُقال: ارتاب فلان بفلان: إذا شكّ فيه أو ظنّ التهمة، يعني: متى صار الشكّ عارضاً لأذهانهم في مساواة الأوّل منهم وهو أبو بكر « حتّى صرت أُقرن »، وأقرن للبناء على المجهول، أي: إهانة حتّى أُجمع وأُجعل قريناً « إلى هذه النظائر » الخمسة أو الأربعة، فكيف يجمع عمر بيني وبينهم ويجعلهم نظائر لي مع كونهم أدنى من الأوّل رتبة وأخسّ منزلة، فكيف بقياسهم إليّ وتناظرهم بي) [شرح الخطبة الشقشقية ص215].