أين أهل البيت في هذا العصر؟

في إحدى منشوراتكم أتيتم بحديث الثقلين، سؤالي هو: إنّ القرآن موجود معنا لكن أين العترة؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

يمكن الاجابة عن هذا السؤال بشكل نقديّ، فيقال: إنّ الله أوجب علينا اتّباع القرآن واتّباع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والقرآن موجود معنا لكن أين رسول الله؟

وإذا كانت الإجابة التي يرتضيها جميع المسلمين هي أنّ اتّباع رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، يكون في اتّباع ما روي عنه من أحاديث، كذلك يكون الجواب في ما يتعلّق بالعترة، فاتّباعهم في هذا العصر يعني اتّباعهم فيما روي عنهم.

ولكي نوضّح الأمر بشكل أكثر تفصيلاً نقول: إنّ هناك جانبين فيما يتعلّق بموضوع القيادة الإلهيّة سواءٌ كان القائد رسولاً أم إماماً، الجانب الأوّل تاريخيّ وهو ما يتعلّق بالقيادة السياسيّة والاجتماعيّة بحسب الظرف التاريخيّ الذي كان فيه الرسول أو الإمام، والجانب الثاني هو الجانب الدينيّ والرساليّ وهو ما يتعلّق بالمرجعيّة والقيادة الدينيّة، فإنْ كان الجانب الأوّل محكوماً بالظرف التاريخيّ، فإنّ الجانب الثاني باقٍ ببقاء الدين والرسالة، فالرسول (صلّى الله عليه وآله)، لا تنتهي رسالته بموته وإنّما تظلّ باقية ما بقي الدهر، وكذلك الحال فيما يتعلّق بوظيفة الإمام الدينيّة، وهذا ما نصّ عليه الحديث المتواتر بين جميع الطوائف الإسلاميّة وهو قول النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (إنّي تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)، فخلافة النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، في هذا الحديث تشمل كلا الجانبين؛ القيادة السياسيّة والقيادة الدينيّة، وبذلك لا يكون بحث الإمامة في هذا العصر بقصد تغيير ما وقع بالفعل في التاريخ لكونه أمراً مستحيلاً بالبداهة، وإنّما يكون بحثا عن مسؤوليّة المسلم المعاصر في تحديد مرجعيّته الإسلاميّة وقياداته الدينيّة، وهذا أمر لا يمكن لمسلمٍ الاستغناء عنه بالضرورة.

وممّا لا يخفى على الجميع أنّ الأمّة الإسلاميّة انقسمت إلى شيعة وسنّة، ولكلّ مذهب منظومته الإسلاميّة الخاصّة عقائديّاً وفقهيّاً وفكريّاً، وسبب هذا التباين يعود إلى تباين المرجعيّات والمصادر التي يستقي منها كلّ مذهب أمور دينه، وإنْ كان القرآن الكريم مصدراً مشتركاً بين الجميع إلّا أنّ الاختلاف في فهمه وتفسيره أمراً ممكناً مادام أهل السنّة يحتكمون في تفسيره إلى أقوال الصحابة، والشيعة يحتكمون في تفسيره إلى أقوال أهل البيت (عليهم السلام)، وهكذا يمتدّ الخلاف والتباين عقائديّاً وفقهيّاً بمقدار التباين بين المرجعيّة المعصومة لأهل البيت وبين المرجعيات الاجتهاديّة للصحابة والتابعين والفقهاء.