هل يصحّ ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال (أنا أصغر من ربّي بسنتين)؟

: السيد أبو اَلحسن علي الموسوي

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يخفى على كلّ متتبّع للآثار أنَّ هذه المقولة المنسوبة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) لم ترد في كتبنا الحديثيّة المعتبرة وإنّما نُقلت مرسلة في كتب المتأخّرين مثل كتاب: (مشكلات العلوم لملّا محمّد مهديّ النراقيّ ص20) وكتاب: (مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار للسيّد عبد الله شبّر ج2 ـ ص319 حديث رقم 171). وكتاب: (تفسير الصّراط المستقيم للسيّد حسين البروجرديّ ج3ص146). وقد وجدنا في بعض كتب العامّة أنّها نُسبت للصوفيّ ابن عربي مثل: كتاب (كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم للتهانويّ ج1 ص1028).

وأمّا معناها فقد وجّهها السيّد عبد الله شبّر بوجهين:

أحدهما: أنَّ المراد بالربّ، الحقيقيّ. والمراد بسنتين: رتبتين والمعنى أنّ جمَيع مراتب كمالات الوجوَد المطلق حاصلة لي سوى مرتبتين هما مرتبة الألوهيّة ووجوب الوجوَد ومرتبة النبوّة.

والآخر: أنّ المراد بالربّ، المجازيّ. أي مربّيه ومعلّمه وهو النبيّ (صلّى الله عليه وآله).

والحاصل: أنّه عليه السلام أثبت لنفسه القدسيّة مرتبة الولاية المطلقة التي هي جامعة لجميع مراتب الكمالات سوى مرتبة الألوهيّة ووجوب الوجود، ولا ريب في أنّه كان جامعا لكلّ مرتبة وجوديّة وكماليّة سوى هاتين المرتبتين) [انتهى].

وقد أنكر السيّد البروجرديّ المعنى الأوّل ورجّح الثاني إذْ قال: والمراد من الربّ، هو المربّي وهو رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والسنَة هي المرتبة .. لا كما يزعمون من أنَّ الربّ هو الله والمرتبتان هي الألوهيّة والنبوّة فإنّ هذا الكلام باطل .. [انتهى].

والذي يؤيّد ما ذهب إليه السيّد أنّ كلمة الربّ في اللّغة صفة مشبّهة للموصوف بالربوبيّة، وتطلق على المالك والسيّد والمدبّر والمربّي والقيّم والمنعم، ومنه قوله تعالى: {قال معاذ الله إنّه ربّي أحسن مثواي} (يوسف:23).

وتأتي: بمعنى الكفيل والرقيب، كقوله تعالى: {فإنّهم عدوّ لي إلّا ربّ العالمين} (الشعراء:77).

وتأتي: بمعنى السيّد المطاع، كقوله تعالى: {اذكرني عند ربّك فأنساه الشيطان ذكر ربّه} (يوسف:42).

وتأتي: بمعنى المعبود كقوله تعالى: {ذلكم الله ربّكم فاعبدوه} (يونس:3). وغيرها.

فيتحصّل ممّا تقدّم أمران:

أحدهما: عدم ثبوت نسبة الخبر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بطريق معتبر، بل نسبته إلى الصوفيّ ابن عربيّ أرجح لاستخدام المتصوّفة مثل هكذا عبائر، والله أعلم.

والثاني: فُسِّرت السنَة بالمرتبة بمعنى أنّه أصغر بمرتبتين وهما النبوّة والرسالة وفسِّرت بلحاظ العمر، فإنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) توفّي وهو في السادسة والستّين، في حين توفّي أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو في الرابعة والستّين.

نكتفي بهذا القدر والحمد لله أوّلا وآخرا.