إمامة الإمام الحسين (عليه السلام)

السؤال: ما هو الدليل على إمامة الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام)؟

: الشيخ نهاد الفياض

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكرنا في جوابٍ سابقٍ تحت عنوان (تواتر النصوص على الأئمة الاثني عشر) أنَّ الأخبار الدالَّة على إمامة الأئمَّة الاثني (عليهم السلام) قد تجاوزت حدَّ التواتر المفيد للعلم واليقين، وقد أشرنا إلى ذكر جملةٍ كبيرةٍ من كتب الأعلام والمحققين الناقلة لتلك الأخبار مما تجعل الباحث المنصِف على درجةٍ عاليةٍ من التصديق والاطمئنان بذلك.

إذا اتَّضح هذا فنقول: إنَّ الأخبار الدالَّة على إمامة الإمام الحسين (عليه السلام) على أقسامٍ عدَّةٍ يتجاوز مجموعها رتبة التواتر المفيد للعلم واليقين كما سيتَّضح ذلك بعد أنْ نذكر شطراً منها حذراً من التطويل.

القسم الأوَّل: النصوص العامَّة:

وهي ما رُوِي عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في حقِّ الأئمَّة الاثني عشر (عليهم السلام) جميعاً، ومنهم الإمام الحسين (عليه السلام)، وهي كثيرةٌ أيضاً نذكر بعضاً منها:

1ـ ما رواه شيخنا الكلينيُّ (طاب ثراه) بسنده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاريّ: إنَّ لي إليك حاجة، فمتى يخفُّ عليك أنْ أخلوَ بك فأسألك عنها؟

فقال له جابر: أيُّ الأوقات أحببته.

فخلا به في بعض الأيام، فقال له: يا جابر: أخبرني عن اللوح الذي رأيتَهُ في يد أمي فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وما أخبرتك به أمّي أنَّه في ذلك اللوح مكتوب؟

فقال جابر: أشهد بالله أنَّي دخلتُ على أمِّك فاطمة (عليها السلام) في حياة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فهنَّيتها بولادة الحسين، ورأيتُ في يديها لوحاً أخضر، ظننتُ أنَّه من زمرُّد، ورأيتُ فيه كتاباً أبيض، شبه لون الشمس... إنِّي لم أَبعث نبيَّاً فأكملتُ أيامه، وانقضتُ مدَّته إلَّا جعلتُ له وصيَّاً، وإنِّي فضَّلتك على الأنبياء، وفضَّلتُ وصيَّك على الأوصياء، وأكرمتُك بشبليك وسبطيك حسنٍ وحسين، فجعلتُ حسناً معدن علمي، بعد انقضاء مدَّة أبيه، وجعلتُ حسيناً خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد، وأرفع الشهداء درجة، جعلتُ كلمتي التامَّة معه، وحجَّتي البالغة عنده، بعترته أثيبُ وأعاقب، أوَّلهم علي سيِّد العابدين وزين أوليائي الماضين، وابنه شبه جدِّه المحمود محمَّد الباقر علمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر، الرادُّ عليه كالراد عليَّ، حقَّ القول منِي لأكرمنَّ مثوى جعفر، ولأسرَّنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، أتيحت بعده موسى فتنة عمياء حندس، لأنَّ خيط فرضي لا ينقطع، وحجَّتي لا تخفى، وأنَّ أوليائي يسقون بالكأس الأوفى، من جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي، ومن غيَّر آيةً من كتابي فقد افترى عليَّ، ويلٌ للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدَّة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في عليٍّ وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوَّة، وأمتحنه بالاضطلاع بها، يقتله عفريتٌ مستكبر، يُدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي، حقَّ القول منِّي لأسرَّنه بمُحمَّدٍ ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو معدن علمي وموضع سرِّي وحجتي على خلقي، لا يؤمن عبدٌ به إلَّا جعلت الجنَّة مثواه، وشفَّعته في سبعين من أهل بيته، كلُّهم قد استوجبوا النَّار، وأختم بالسعادة لابنه عليٍّ ولييِّ وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن وأكمل ذلك بابنه محمَّد رحمة للعالمين....» [الكافي ج1 ص527].

2ـ وما رواه شيخنا الخزَّاز (طاب ثراه) بسنده عن سلمان الفارسيّ قال: «خطبنا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فقال: معاشر الناس! إنّي راحلٌ عنكم عن قريبٍ ومنطلقٌ إلى المغيب، أوصيكم في عترتي خيراً - إلى قوله (صلَّى الله عليه وآله) - أمَّا الشمس فأنا، وأمَّا القمر فعليٌّ (عليه السلام)، فإذا افتقدتموني فتمسَّكوا به بعدي، وأمَّا الفرقدان فالحسن والحسين (عليهما السلام)، فإذا افتقدتُم القمر فتمسَّكوا بهما، وأمَّا النجوم الزاهرة فالأئمَّة التسعة من صلب الحسين، والتاسع مهديُّهم. ثمَّ قال (صلَّى الله عليه وآله): إنَّهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي، أئمَّةٌ أبرار، عدد أسباط يعقوب وحواري عيسى.

قلتُ: فسمِّهم لي يا رسول الله؟

قال: أوَّلهم وسيِّدهم عليُّ بن أبي طالب، وسبطاي، وبعدهما زين العابدين علي بن الحسين، وبعده محمَّد بن علي، باقر علم النبيّين، والصادق جعفر بن محمَّد، وابنه الكاظم سمِيُّ موسى بن عمران، والذي يقتل بأرض الغربة ابنه علي، ثمَّ ابنه محمَّد، والصادقان علي والحسن، والحجَّة القائم المنتظر في غيبته، فإنَّهم عترتي من دمي ولحمي، علمهم علمي وحكمهم حكمي، من آذاني فيهم فلا أناله الله شفاعتي» [كفاية الأثر ص99].

إلى غيرها من الروايات الكثيرة الواردة في هذا المعنى، كما لا يخفى على المطالِع.

القسم الثاني: النصوص الخاصَّة:

وهي ما رُوي من نصِّ جدِّه (صلَّى الله عليه وآله) أو أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) أو أخيه المجتبى (عليه السلام) عليه بالخصوص، نذكر جملة منها:

1ـ ما رواه الصفَّار والصدوق (طاب ثراهما) بالإسناد عن أبي الطفيل عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): أُكتب ما أملي عليك، قال عليٌّ (عليه السلام): يا نبيَّ الله، وتخاف عليَّ النسيان؟ قال: لستُ أخاف عليك النسيان، وقد دعوتُ الله لك أنْ يحفظك فلا يُنسيك، لكن أُكتب لشركائك، قال: قلتُ: ومن شركائي يا نبيَّ الله؟ قال: الأئمَّة من ولدك، بهم تُسقى أمَّتي الغيث، وبهم يُستجاب دعاؤهم، وبهم يُصرف البلاء عنهم، وبهم تنزل الرحمة من السماء، وهذا أوَّلهم وأومأ بيده إلى الحسن، ثمَّ أومأ بيده إلى الحسين، ثمَّ قال: الأئمَّة من ولدك» [بصائر الدرجات ص187، الأمالي ص٤٨٥].

2ـ وما رواه الصدوق (طاب ثراه) بسنده عن سعيد بن المسيَّب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: «قلتُ: يا رسول الله، أرشدني إلى النجاة؟ فقال: يا ابن سمرة، إذا اختلفت الأهواء، وتفرَّقت الآراء، فعليك بعليّ بن أبي طالب، فإنَّه إمام أمَّتي، وخليفتي عليهم من بعدي، وهو الفاروق الذي يُميِّز بين الحق والباطل... يا بن سمرة، إنَّ عليَّاً منِّي، روحه من روحي، وطينته من طينتي، وهو أخي وأنا أخوه، وهو زوج ابنتي فاطمة سيِّدة نساء العالمين من الأوَّلين والآخرين، إنَّ منه إمَامَي أمَّتي، وسيِّدي شباب أهل الجنَّة الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين، تاسعهم قائم أمَّتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً» [الأمالي ص78].

3ـ وما رواه (طاب ثراه) أيضاً عن سُليم بن قيس الهلاليّ قال: «شهدتُ وصيَّة علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين أوصى إلى ابنه الحسن، وأشهد على وصيَّته الحسين ومحمَّداً وجميع ولده ورؤساء أهل بيته وشيعته (عليهم السلام)، ثمَّ دفع إليه الكتاب والسلاح، ثمَّ قال (عليه السلام): يا بُني، أمرني رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) أنْ أوصي إليك، وأنْ أدفع إليك كتبي وسلاحي، كما أوصى إليَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، ودفع إليَّ كتبه وسلاحه، وأمرني أنْ آمرك إذا حضرك الموت أنْ تدفعه إلى أخيك الحسين...» [من لا يحضره الفقيه ج4 ص189].

4ـ وما رواه الكلينيُّ (طاب ثراه) بسنده عن المفضَّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما حضرت الحسنَ بن علي (عليهما السلام) الوفاةُ قال: يا قنبر! انظر هل ترى من وراء بابك مؤمناً من غير آل محمَّد (عليهم السلام)؟ فقال: الله تعالى ورسوله وابن رسوله أعلم به منِّي.

قال: ادع لي محمَّد بن علي .... إلى قوله: يا محمَّد بن علي، أما علمت أنَّ الحسين بن علي (عليهما السلام) بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي، إمامٌ من بعدي، وعند الله (جلَّ اسمه) في الكتاب، وراثة من النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) أضافها الله (عزَّ وجلَّ) له في وراثة أبيه وأمه، فعلم الله أنكم خيرة خلقه، فاصطفى منكم محمَّداً (صلَّى الله عليه وآله) واختار محمَّد عليَّاً (عليه السلام) واختارني علي (عليه السلام) بالإمامة، واخترتُ أنا الحسين (عليه السلام) ...» [الكافي ج1 ص300].

5ـ وما رواه الشيخ الخزَّاز (طاب ثراه) بسنده عن جنادة بن أبي أميد قال: «دخلتُ على الحسن بن علي (عليهما السلام) في مرضه الذي توفِّي فيه.... إلى قوله: ودخل الحسين (صلوات الله عليه) والأسود بن أبي الأسود، فانكبَّ عليه حتَّى قبَّل رأسه وبين عينيه، ثمَّ قعد عنده وتسارَّا جميعاً، فقال أبو الأسود: إنا لله، إنَّ الحسن قد نُعيت إليه نفسه، وقد أوصى إلى الحسين (عليه السلام)» [كفاية الأثر ص226].

إلى غيرها من الروايات الكثيرة الواردة في هذا المعنى.

القسم الثالث: المعاجز والكرامات:

وهي النصوص التي تتضمَّن نقل المعاجز والكرامات التي صدرت من الإمام الحسين (عليه السلام) والتي تكشف عن كونه حُجة لله تعالى وإماماً للخلق، نذكر بعضاً منها:

1ـ ما رواه شيخنا الصفَّار(طاب ثراه) وغيره بالإسناد عن صالح بن ميثم الأسدي قال: «دخلتُ أنا وعباية بن ربعي على امرأة في بني والبة قد احترق وجهها من السجود، فقال لها عباية: يا حَبَابَة، هذا بن أخيك؟

قالت: وأي أخٍ؟ قال: صالح بن ميثم.

قالت: ابن أخي والله حقاً يا بن أخي، ألا أحدِّثك حديثاً سمعتُه من الحسين بن علي (عليه السلام)؟

قال: قلت: بلى يا عمَّه، قالت: كنت زوَّارةً للحسين بن علي (عليهما السلام) قالت: فحَدَث بين عيني وضحٌ [برص] فشقَّ ذلك عليَّ واحتبستُ عليه أياماً، فسأل عنِّي، ما فعلت حَبَابَة الوالبية؟ فقالوا: إنها حَدَث بها حدثٌ بين عينيها، فقال لأصحابه: قوموا إليها، فجاء مع أصحابه حتَّى دخل عليَّ وأنا في مسجدي هذا، فقال: يا حَبَابَة، ما أبطأ بكِ عليَّ؟ قلت: يا بن رسول الله، ما ذاك الذي منعني إنْ لم أكنْ اضطررت إلى المجيء إليك اضطراراً، لكن حَدَث هذا بي.

قالت: فكشفتُ القناع فتفل عليه الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال: يا حَبَابَة، أحدثي لله شكراً، فإنَّ الله قد درأه عنك، قالت: فخررتُ ساجدة، قالت: فقال: يا حَبَابَة، ارفعي رأسك وانظري في مرآتك؟ قالت: فرفعتُ رأسي فلم أحس منه شيئاً، قالت: فحمدت الله» [بصائر الدرجات ص291، دلائل الإمامة ص187، الثاقب في المناقب ص324، دعوات الراوندي ص66].

2ـ وما رواه شيخنا قطب الدين الراونديّ (طاب ثراه) عن أبي خالد الكابليّ، عن يحيى ابن أم الطويل قال: «كنَّا عند الحسين (عليه السلام) إذْ دخل عليه شابٌ يبكي، فقال له الحسين: ما يبكيك؟ قال: إنَّ والدتي توفِّيت في هذه الساعة ولم توص، ولها مالٌ، وكانت قد أمرتني أنْ لا أُحدث في أمرها شيئاً حتَّى أعلمك خبرها.

فقال الحسين (عليه السلام): قوموا بنا حتَّى نصير إلى هذه الحـرَّة. فقمنا معه حتَّى انتهينا إلى باب البيت الذي فيه المرأة وهي مسجَّاة، فأشرف على بيت، ودعا الله ليحييها حتَّى توصي بما تحب من وصيتها، فأحياها الله، وإذا المرأة جلست وهي تتشهد، ثمَّ نظرت إلى الحسين (عليه السلام) فقالت: أُدخل البيت يا مولاي، ومرني بأمرك. فدخل وجلس على مخدَّة، ثمَّ قال لها: أوصي يرحمكِ الله. فقالت: يا بن رسول الله، إنَّ لي من المال وكذا وكذا في مكان كذا وكذا، وقد جعلتُ ثلثه إليك، لتضعه حيث شئت من أوليائك، والثلثان لابني هذا، إنْ علمتَ أنه من مواليك وأوليائك، وإنْ كان مخالفاً فخذه إليك، فلا حقَّ للمخالفين في أموال المؤمنين. ثمَّ سألته أنْ يُصلِّي عليها، وأنْ يتولَّى أمرها، ثمَّ صارت المرأة ميتة كما كانت» [الخرائج والجرائح ج1 ص245].

3ـ وما رواه شيخنا أبو القاسم الطبريُّ (طاب ثراه) بسنده عن أبي الحسن علي بن موسى بن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن جدِّه، عن آبائه (عليهم السلام) عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) قال: «كان ملك الكروبين يقال له: فطرس، وكان من الله (عزَّ وجلَّ) بمكانٍ، فأرسله برسالة فأبطأ، فكسر جناحه فألقاه بجزيرة من جزائر البحر، فلمَّا ولد الحسين بن علي (عليه السلام) أرسل الله (عزَّ وجلَّ) جبرئيل في ألفٍ من الملائكة يهنئون رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بمولود، ويخبرونه بكرامته على ربه (عزَّ وجلَّ)، فمرَّ جبرئيل بذلك الملك، فكان بينهما خُلَّة، فقال فطرس: يا روح الله الأمين، أين تريد؟ قال: إنَّ هذا النبيّ التهامي وهب الله (عزَّ وجلَّ) له ولداً استبشر به أهل السماوات وأهل الأرض، فأرسلني الله تعالى إليه أهنيه وأخبره بكرامته على ربه (عزَّ وجلَّ)، قال: هل لك أنْ تنطلق بي معك إليه يشفع لي عند ربه، فإنه سخيٌّ جواد، فانطلق الملك مع جبرئيل (عليه السلام) فقال: إنَّ هذا ملك من الملائكة الكروبين، كان له من الله تعالى مكان، فأرسله برسالة فأبطأ، فكسر جناحه وألقاه بجزيرة من جزائر البحر، وقد أتاك لتشفع له عند ربّك، فقام النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) فصلَّى ركعتين ودعا في آخرهنَّ: اللهمَّ إني أسألك بحقِّ كلِّ ذي حقِّ عليك، وبحق محمَّدٍ وأهل بيته أنْ تردَّ على فطرس جناحه، وتستجيب لنبيّك، وتجعله آيةً للعالمين، فاستجاب الله تعالى لنبيّه (صلَّى الله عليه وآله) وأوحى إليه أنْ يأمر فطرس أنْ يمرر جناحه على الحسين (عليه السلام) فقال رسول الله لفطرس: أُمرر جناحك الكسير على هذا المولود، ففعل فسبَّح فأصبح صحيحاً، فقال: الحمد لله الذي منَّ عليَّ بك يا رسول الله، فقال النبيّ لفطرس: أين تريد؟ فقال: إنَّ جبرئيل أخبرني بمصرع هذا المولود، وإنّي سألتُ ربي أنْ يجعلني خليفة هناك. قال: فذلك الملك موكَّل بقبر الحسين (عليه السلام)، فإذا ترحَّم عبدٌ على الحسين أو تولَّى أباه أو نصره بسيفه ولسانه، انطلق ذلك الملك إلى قبر رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فيقول: أيتها النفس الزكية، فلان بن فلان ببلاد كذا وكذا يتولَّى الحسين ويتولَّى أباه، ونصره بلسانه وقلبه وسيفه، قال: فيجيبه ملكٌ موكَّلٌ بالصلاة على النبيّ أنْ بلِّغه عن محمَّد السلام، وقل له: إنْ متَّ على هذا فأنت رفيقه في الجنَّة» [بشارة المصطفى ص337، الخرائج والجرائح ج1 ص252].

4ـ وما رواه شيخنا الطوسيُّ (طاب ثراه) بسنده عن محمَّد بن جعفر بن محمَّد بن فرج الرخجيّ، قال: حدَّثني أبي، عن عمَّه عمر بن فرج قال: «أنفذني المتوكِّل في تخريب قبر الحسين (عليه السلام) فصرتُ إلى الناحية، فأمرتُ بالبقر فمرَّ بها على القبور، فمرَّت عليها كلِّها، فلمَّا بلغت قبر الحسين (عليه السلام) لم تـمر عليه. قال عمِّي عمر بن فرج: فأخذتُ العصا بيدي، فما زِلت أضربها حتَّى تكسَّرت العصا في يدي، فو الله ما جازت على قبره ولا تخطَّته. قال لنا محمَّد بن جعفر: كان عمر بن فرج شديد الإنحراف عن آل محمَّد (صلَّى الله عليه وآله) فأنا أبرأ إلى الله منه، وكان جدِّي أخوه محمَّد بن فرج شديد المودَّة لهم (رحمه الله ورضي عنه)، فأنا أتولَّاه لذلك وأفرح بولادته» [الأمالي ص325].

5ـ وما رواه (طاب ثراه) أيضاً عن حمران بن أعين، أنه قال: «سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يحدِّث عن آبائه (عليهم السلام) أنَّ رجلاً كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) مريضاً شديد الحمَّى، فعاده الحسين بن علي (عليه السلام) فلمَّا دخل باب الدار طارت الحمَّى عن الرجل، فقال له: قد رضيتُ بما أوتيتم به حقَّاً حقَّاً، والحمَّى تهرب منكم. فقال: والله ما خلق الله شيئاً إلَّا وقد أمره بالطاعة لنا. يا كناسة، قال: فإذا نحن نسمع الصوت ولا نرى الشخص يقول: لبيك، قال: أليس أمير المؤمنين أمركِ ألَّا تقربي إلَّا عدواً أو مذنباً، لكي تكون كفَّارة لذنوبه، فما بال هذا؟ وكان الرجل المريض عبد الله بن شدَّاد بن الهاد الليثيّ» [اختيار معرفة الرجال ج1 ص298].

إلى غيرها من الروايات الكثيرة الواردة في هذا المعنى.

فتحصَّل من جميع ذلك، أنَّ الروايات الدالَّة على إمامة الإمام الحسين (عليه السلام) قد تجاوزت حدَّ التواتر المفيد للعلم واليقين.

والنتيجة من كلِّ ما تقدَّم، أنَّ هذه النصوص ـ وغيرها ـ من أوضح الدلائل على إمامة الإمام الحسين (عليه السلام)..

والحمد لله ربِّ العالمين.