ما هو مَقصُودُ الفَلاسِفةِ: الوَحدةُ في عَينِ الكَثرةِ، والكَثرةُ في عَينِ الوَحدةِ؟!!

س ع: حيَّاكم اللهُ تعالى.. ما مَعنَى قولِ الفَلاسِفةِ: الوَحدةُ في عَينِ الكَثرةِ، والكَثرةُ في عَينِ الوَحدةِ؟ جزَاكم اللهُ تعالى خَيراً..

: اللجنة العلمية

     الأخُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه. 

     هذِه النَّظرِيةُ (الكَثرةُ في عَينِ الوَحدةِ، والوَحدةُ في عَينِ الكَثرةِ) هي إحدَى النَّظرِياتِ التي طَرحَتْها مَدرَسةُ أصَالةِ الوُجودِ، مع النَّظرِيةِ الأخرَى التي تَقُول بـ (كَثرةِ وتَبايُنِ المَوجُوداتِ).

     والمَقصُودُ منَ الكَثرةِ في عَينِ الوَحدةِ وبالعَكسِ: أنَّ ما به الإشتِراكُ هو عَينُ ما به الإمتِيازُ، فَالمَوجُوداتُ كلُّها تَرجِعُ إلى حَقِيقةٍ وَاحِدةٍ هو الوُجودُ، فحَقِيقةُ الوُجودِ وَاحِدةٌ، ولكنَّ الإختِلافَ هو في مَراتبِ هذا الوُجودِ ودَرجَاتِه، فَوُجودُ المَعلُولِ أضْعفُ مِن وُجودِ العِلةِ، ووُجودُ الوَاجِبِ أقوَى مِن وُجودِ المُمكِنِ وهكذا.

     ويُمكِنُ التَّمثِيلُ لهذا المَعنَى بالنُّورِ ومَصادِيقِه نُورِ الشَّمسِ ونُورِ الشَّمعةِ، فنُورُ الشَّمسِ ونُورُ الشَّمعةِ يَشترِكانِ في حَقِيقةٍ وَاحِدةٍ وهي أنَّ كِلَاهُما نُورٌ، ويَتميَّزانِ بالشِّدةِ (بالنِّسبةِ لنُورِ الشَّمسِ) والضَّعفِ (بالنِّسبةِ لنُورِ الشَّمعةِ)؛ فما به الإمتِيازُ (وهو هُنا الشِّدةُ والضَّعفُ) يَعُودُ للنَّورِ أيضاً وهو عَينُ ما به الإشتِراكُ.

     وهذا بخِلَافِ ما طَرحَتْه النَّظرِيةُ الثَّانِيةُ التي قَالتْ بكَثرةِ وتَبايُنِ المَوجُوداتِ، وأنَّ هُناك وُجودَاتٍ مُتكثِّرةً بعَددِ المَاهِياتِ، وكلُّ وُجودٍ بالذَّاتِ يُبايِنُ الوُجودَ الآخرَ، وانْتهَتْ بالقَولِ أنَّ ما به الإشتِراكُ يُبايِنُ ويَختلِفُ عما به الإمتِيازُ.

     ودُمتُم سَالِمينَ.