ماهي الظّواهرُ الاعجازية التي وقعَت بالفعلِ وعجزَ العلمُ عَن تقديمِ تفسيرٍ علميٍّ لها كما ادعيتم عند جوابكم عن تفسير معجزة "الاسراء والمعراج "

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله

منَ المُسلّمِ بهِ أنَّ العلومَ البشريّةَ ما زالَت بعيدةً عَن كشفِ أسرار ِ الكونِ والوجودِ برغمِ ما توصّلَت لهُ مِن تطوّرٍ منظورٍ، فكلُّ العلومِ وفي شتّى المجالاتِ ما زالَت تتوقّفُ أمامَ كثيرٍ منَ الظّواهرِ والحقائقِ، ولو كانَ بالفعلِ قَد وصلَ العلمُ إلى معرفةِ جميعِ الأمورِ لتوقّفَ البحثُ العلميّ ولانصرفَ العلماءُ لأمورٍ أُخرى، فالسّؤالُ عمّا عجزَ عنهُ العلمُ سؤالٌ غريبٌ وغيرُ مفهومٍ؛ لكونِه باتَ منَ الأمورِ المُسلّمِ بها. مُضافاً إلى ذلكَ فإنَّ أصلَ ظهورِ الكونِ منَ العدمِ، ووجودِ الحياةِ فيه وما يحتويه مِن حقائقَ ونظامٍ دقيقٍ كلُّ ذلكَ يعدُّ ظاهرةً يعجزُ العلمُ عَن تفسيرِها بحسبِ الأسسِ المُتعارفِ عليها في البحوثِ المادّيّةِ، ومعَ ذلكَ لا يوجدُ عاقلٌ ينكرُ وجودَ الكونِ وتحقُّقَه بالفعلِ، والتّفسيرُ الوحيدُ الذي يصادقُ عليه العقلُ الإنسانيّ هوَ وجودُ إلهٍ خارجٍ عنِ الأشياءِ هوَ الذي أوجدَها بقُدرتِهِ، ولو أبعدنا الإيمانَ باللهِ تعالى لا يمكنُ للعلمِ أن يُفسّرَ لنا كيفَ جاءَ هذا العالمُ منَ العدمِ وكيفَ تحوّلَتِ المادّةُ إلى حياةٍ، واللّحظةُ التي يؤمنُ فيها الإنسانُ باللهِ هيَ ذاتُها اللّحظةُ التي يؤمنُ فيها بإمكانيّةِ المُعجزةِ طالما كانَ مصدرُها هوَ الذي أوجدَ الوجودَ بكلِّ ما فيهِ، فإذا كانَ إيمانُ الإنسانِ بوجودِ الكونِ مِن غيرِ أن يجدَ لذلكَ تفسيراً فإنَّ إيمانَه بالمُعجزةِ يكونُ أيضاً مِن غيرِ تفسيرٍ.  

ومعَ ذلكَ سوفَ أشيرُ إلى بعضِ الظّواهرِ الغريبةِ والتي حدثَت بشكلٍ مُخالفٍ لِما هوَ معهودٌ عندَ البشرِ ولَم يتمكَّن العلمُ مِن تفسيرِها، ومثلُ هذهِ الظواهرِ لا يخلو منها مجتمعٌ منَ المُجتمعاتِ مثلَ شفاءِ مريضٍ مِن مرضٍ عُضالٍ عجزَ الطّبُّ عَن مُداواتِه، وغير ذلكَ منَ الأمورِ التي يسلّمُ الإنسانُ بحدوثِها دونَ أن يجدَ لذلكَ تفسيراً، وهناكَ الكثيرُ مِن مثلِ هذهِ الظّواهرِ المنقولةِ على صفحاتِ الإنترنت، ومثالٌ لذلكَ؛ هناكَ ظاهرةٌ عجيبةٌ حدثَت في بلدةٍ صغيرةٍ في المكسيكِ تُسمّى (تاوس) وهوَ سماعُ صوتِ همهمةٍ غريبٍ ومجهولٍ في الأفقِ، سُمّيَ (بهمهمةِ تاوس «The Hum» ويشبهُ هذا الصّوتُ ما تصدرُه محرّكاتُ الـ«ديزل» مِن أصواتٍ، إلى هُنا ليسَ هناكَ غموضٌ كبيرٌ في هذهِ القصّةِ، إلّا أنَّ العجيبَ فِعلاً هوَ أنَّ هذا الصّوتَ منَ المُمكنِ سماعُه بكلِّ سهولةٍ عبرَ الأذنِ البشريّةِ، لكنّهُ منَ المستحيلِ جدّاً تسجيلُه بأيّ ميكروفون أو أيّ أداةِ تسجيلِ صوتٍ، مهما كانَت حديثةً وعاليةَ الدّقّةِ، والمثيرُ أكثرُ بـ«همهمة تاوس»، أنّهُ إلى هذهِ اللّحظةِ، ومنذُ ظهورِه للمرّةِ الأولى، لَم يتمكَّن أيٌّ منَ العلماءِ أو الخبراءِ، مِن معرفةِ مصدرِها أو تحديدِ مكانِها ولو بشكلٍ تقريبيّ.  

ومنَ الظّواهرِ الغريبةِ أيضاً ما يُسمّى بأحجارِ الإبحارِ، وهيَ حجارةٌ تتحرّكُ مِن مكانِها بشكلٍ ذاتيّ، وتمَّ رصدُها في بُحيرةٍ جافّةٍ تقعُ في وادٍ يُدعى «وادي الموت»، في ولايةِ كاليفورنيا الأمريكيّةِ، حيثُ تنزلقُ العديدُ منَ الحجارةِ التي يتراوحُ وزنُها بينَ 400 كيلوغرام وأكثر على سطحِ الأرضِ، من دونِ تأثيرِ أيّة قوّةٍ خارجيّةٍ أو معلومةٍ عليها، وتنتقلُ زاحفةً هذهِ الحجارةُ الضّخمةُ مِن مكانٍ إلى آخر، كأنّها أفعى تتنقلُ وسطَ الوادي. وطوالَ السّنينِ والعقودِ الماضيةِ، حاولَ العلماءُ دراسةَ هذهِ الحجارةَ، وباءَت كلُّ محاولاتِهم في كشفِ سرِّ حركتِها اللامنطقيّة بالفشلِ، ما جعلَهُم يخرجونَ بالعديدِ منَ النّظريّاتِ التي لا تُعدُّ قريبةً كفايةً لحقيقةِ هذهِ الظّاهرةِ، ومنها بأنَّ مجموعةً منَ الأحداثِ والظّواهرِ الطّبيعيّةِ كالرّياحِ والجليدِ، هيَ التي تتسبّبُ في حركةِ الصّخورِ، وآخرونَ شكّكوا بهذا، وادّعوا أنَّ هذهِ الأحجارَ لا تتّبعُ مساراً متوقّعاً، فهيَ تقومُ بتغييرِ مسارِها بشكلٍ مُفاجئ.  

وكذلكَ منَ الظّواهرِ الغريبةِ هيَ ما يُسمّى بالإحتراقِ التّلقائيّ، وقَد بدأ الجدلُ حولَ هذهِ الظّاهرةِ، مِن أرملةٍ أمريكيّةٍ عجوزٍ تُدعى «ماري روز»، كانَت تعيشُ في ولايةِ فلوريدا، وذلكَ بعدَ أن عثرَ رجالُ الشّرطةُ عليها في شقّتِها وهيَ مُحترِقةٌ تماماً، دونَ أن يتبقّى مِن هذهِ الأرملةِ الوحيدةِ سوى أجزاءٍ بسيطةٍ مِن جسدِها، وتحديدًا مِن أطرافِها، وعندَ الكشفِ عَن مكانِ الحادثةِ، والتّحقيقِ في أثاثِ البيتِ مِن حولِها، الذي كانَ مُنصهِراً، إكتشفَ المُحقّقونَ أنَّ سببَ إحتراقِ «ماري روز» ليسَ حريقاً عاديّاً إندلعَ داخلَ منزلِها، وأنّها هيَ مَن بدأت بالإحتراقِ مِن داخلِها، وقدّروا درجةَ الحرارةِ التي تعرّضَت لها السّيّدةُ العجوزُ بنحوِ 1500 درجةً مئويّةً، وهيَ درجةُ حرارةٍ ﻻ يمكنُ على الإطلاقِ أن تُنتجَ بشكلٍ طبيعيٍّ مِن مصدرٍ حراريٍّ عاديّ في المنزلِ، فهذهِ الدّرجةُ منَ الحرارةِ تُستخدَمُ لصهرِ الحديدِ والمعادنِ، وعلى الرّغمِ مِن تكرارِ هذهِ الحادثةِ في مناطقَ مُختلفةٍ منَ العالمِ، والتّأكّدَ أنَّ الحريقَ بدأ مِن داخلِ الجُثثِ نفسِها، فإنَّ العُلماءَ والخبراءَ لم يتمكّنوا أبدًا مِن معرفةِ أسبابِ هذهِ الظّاهرةِ، أو الخروجِ بأيّ نظريّةٍ تقاربُ حقيقتَها.