هل التقى الإمامُ المهدي بالعلماءِ الصالحينَ في الحقبةِ الزمنيّةِ السابقةِ؟

بالنسبةِ لغيبةِ الإمامِ الحُجّةِ (عجّلَ اللهُ فرجَه الشريف) هل التقى الإمامُ بالعلماءِ الصالحينَ في الحقبةِ الزمنيّةِ السابقةِ أي الحقبةِ المُعاصرة لرجالِ الدينِ في القرنِ الماضي وفي حالِ لقائِه معهم كيفَ تمَّ تناقلُ الأخبارِ في ظلِّ ((مَن ادّعى المشاهدةَ فهوَ كاذبٌ )) ولمَ لم يُوصَف شكلُه للعامِّ وإذا لم يتمَّ لقاؤه معَ أيّ أحدٍ منَ العلماءِ الصالحينَ معناها أنّه كلُّ الأخباِر المُتناقلةِ هيَ أخبارٌ عاريةٌ عن الصحّة؟

: سيد حسن العلوي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،1ـ ثبتَ بالرواياتِ المتواترةِ أنَّ الإمامَ المهديَّ المُنتظر هوَ ابنُ الإمامِ الحسنِ العسكريّ ابنِ الإمامِ عليٍّ الهادي ابنِ الإمامِ مُحمّدٍ الجواد ابنِ الإمامِ عليٍّ الرّضا ابنِ الإمامِ موسى الكاظمِ ابنِ الإمامِ جعفرٍ الصادقِ ابنِ الإمامِ محمّدٍ الباقر ابنِ الإمامِ عليٍّ زينِ العابدين ابنِ الإمامِ الحُسين سيّدِ الشهداءِ ابنِ الإمامِ عليٍّ بنِ أبي طالب (عليهم السلام) فالإمامُ المهديُّ هوَ الإمامُ الثاني عشر، معلومُ الهويّةِ بشكلٍ دقيقٍ، لا يشوبُه الشكُّ. وثبتَ بالرواياتِ المتواترةِ أنّه يغيبُ طويلاً.  فلو غابَ عشرةَ آلافِ سنةٍ ولم يلتقِ معَ أحدٍ منَ البشر، فيجبُ علينا الاعتقادُ بكونِه حيّاً غائباً خلفَ الستار، وهوَ إمامُ زمانِنا، وحُجّةُ اللهِ على أرضِه. فلو رفَعنا اليدَ عنه، ولم نعتقِد به، أو قُلنا بأنّهُ ماتَ، أو أنّه لم يُولد، فهذا يعني أنّنا كذّبنا برسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) الذي أخبرَنا به، وبولادتِه، وبقائهِ، وغيبتِه.  2ـ ثبتَ لقاءُ الإمامِ المهديّ (عجّلَ اللهُ فرجَه) معَ الكثيرِ مِن عبادِ الله الصالحينَ منَ العُلماءِ والمؤمنين، وهذهِ التشرّفاتُ تعدُّ بعشراتِ الآلاف، وقد دُوّنَ الآلافُ مِنها في الكتب، وما لم يصِلنا، وما لم يُفصح عنه أصحابُها كثيرٌ جدّاً. وبعضُ المُتشرّفينَ مِن زعماءِ التشيّعِ، أمثال السيّدِ بحرِ العلوم، والعلّامة الحلّي، والمُقدّس الأردبيلي، والشيخ الأنصاري، ومحمّد طه نجف، والسيّد المرعشي النجفي، وعُرِفَ عن السيّدِ ابنِ طاووس أنَّ بابَ اللقاءِ كانَ مفتوحاً له، وغيرُهم منَ العلماء. ويمكنُكم مراجعةُ كتابِ: رؤيةُ الإمامِ المهديّ (عجّلَ اللهُ فرجَه) مِن جُزئين، تحتَ إشرافِ أبو الفضلِ الإسلامي، فقد نقلَ المئاتِ منَ التشرّفاتِ الموثّقة. هذهِ اللقاءاتُ والتشرّفاتِ لها أغراضٌ كثيرة، ولعلَّ أهمَّها ربطُ قلوبِ الشيعةِ وتثبيتُهم كي لا ينسوا ولا يشكّكوا في إمامِ زمانِهم.  3ـ أمّا التوقيعُ الصادرُ عن الإمامِ: فَمَن ادَّعى المشاهدةَ قبلَ خروجِ السّفيانيِّ والصّيحة، فهُوَ كذَّابٌ مفترٍ.فالمرادُ منه - كما نصَّ عليهِ العلماء - تكذيبُ مَن يدّعي السفارة، يعني الرؤيةَ المُقترنةَ والمُصاحِبةَ لدعوى السفارة، والقرينةُ في ذلكَ أنّها صدرَت على يدِ السفيرِ الرّابع، وأخبرَه الإمامُ بأن لا يوصي إلى أحدٍ مِن بعدِه، فإنَّ بابَ السفارةِ قد أغلق، ووقعَت الغيبةُ الكُبرى، ثمَّ أخبرَ بأنَّه سيأتي مَن يدّعي المُشاهدة، ثمَّ قالَ الإمام: فَمَن ادَّعى المشاهدةَ قبلَ خروجِ السّفيانيِّ والصّيحة، فهُوَ كذَّابٌ مفترٍ. وكلامُه بهذا السياقِ واضحٌ أنّ المرادَ هوَ ادّعاءُ المُشاهدةِ المُقترنةِ بدعوى البابيّةِ والسفارةِ والنيابةِ الخاصّة. هذا مُضافاً إلى أنّ التشرّفاتِ التي حصلَت مِن زمانِ الغيبةِ الكُبرى وإلى زمانِنا تعدُّ بعشراتِ أو مئاتِ الآلاف، وهيَ قطعيّةُ الدلالةِ، حيثُ تدلُّ بوضوحٍ وبما لا يدعُ مجالاً للريبِ والشكِّ، على انفتاحِ بابِ الرؤيةِ والتشرّفِ باللقاء، وتكذيبُ كلِّ هؤلاء – وهُم مِن أهلِ الصّدق، بل بعضُهم في أعلى مراتبِ العدالةِ والزعامةِ للتشيّعِ – محالٌ. فهذهِ التشرّفاتُ الكثيرةُ تُعدُّ قرينةً ثانيةً على أنّ المرادَ منَ التوقيعِ ليسَ مُطلقَ الرؤية، وإنّما الرؤيُة المُقيّدةُ بادّعاءِ السفارةِ والنيابةِ الخاصّة.  والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.