مَرْقَدُ السَّيِّدَةِ شَرِيفَةَ بِنْتِ الحَسَنِ (ع).

مُحَمَّدٌ بَاقِرٌ الغَانِميُّ:      السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.      هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مَرْقَدَ السَّيِّدَةِ شَرِيفَةَ بِنْتِ الحَسَنِ كِذْبَةٌ لَا أَسَاسَ لَهَا؟؟      وَفَّقَكُمْ اللهُ لِخِدْمَةِ المَذْهَبِ. 

: اللجنة العلمية

     الأَخُ محمد المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     مَرْقَدُ السَّيِّدَةِ شَرِيفَةَ حَقِيقَةٌ ثَابِتَةٌ وَلَيْسَتْ كِذْبَةً، وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ حِرْزُ الدِّينِ (ت 1365 ه) فِي مَرَاقِدِ المَعَارِفِ، وَقَالَ بِأَنَّهُ مَرْقَدٌ عَلَيْهِ بُنْيَةٌ قَدِيمَةٌ وَقُبَّةٌ صَغِيرَةٌ، وَأَنَّ قَبْرَهَا مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ القُرَى وَالأَرْيَافِ بِتِلْكَ المِنْطَقَةِ بِقَبْرِ العَلَوِيَّةِ شَرِيفَةَ بِنْتِ الحَسَنِ. مَرَاقِدُ المَعَارِفِ ج1 ص384.

     هَذَا، مُضَافًا إِلَى أَنَّهُ قَدْ عِلْمَ القَاصِي وَالدَّانِي بِصُدُورِ الكَرَامَاتِ الكَثِيرَةِ مِنْهَا، حَتَّى عُرِفَتْ بِالطَّبِيبَةِ، وَهَذَا يَكْشِفُ عَنْ وَجَاهَةِ المَدْفُونِ فِي هَذَا القَبْرِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، فَلَا يُمْكِنُ صُدُورُ الكَرَامَاتِ مِنَ الشَّخْصِيَّاتِ الخُرَافِيَّةِ أَوْ القُبُورِ المَكْذُوبَةِ.

     مَنْ هِيَ العَلَوِيَّةُ شَرِيفَةُ بِنْتُ الحَسَنِ؟

     ذَكَرَ المُؤَرِّخُونَ وَعُلَمَاءُ الأَنْسَابِ أَسْمَاءَ بَنَاتِ الإِمَامِ الحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَالتَّالِي:

     1 - أُمُّ الحَسَنِ. 

     2 - أُمُّ سَلْمَةَ. 

     3 - أُمُّ عَبْدِ اللهِ. 

     4 - رُقَيَّةُ.

     5 - فَاطِمَةُ. 

     6 - رَمْلَةُ أُمُّ الحُسَيْنِ (الخَيْر).

     7 - فَاطِمَةُ. 

     هَذَا مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ المُفِيدُ، وَذَكَرَ شَيْخُ الشَّرَفِ خَمْسَةً بِإِسْقَاطِ فَاطِمَةَ وَرُقَيَّةَ، وَذَكَرَ المُوَضِّحُ النَّسَّابَةُ سِتَّةً بِإِسْقَاطِ إِحْدَى الفَاطِمَتَيْنِ، وَذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ البُخَارِيُّ أَنَّ لِلإِمَامِ الحَسَنِ سِتَّةَ بَنَاتٍ. عُمْدَةُ الطَّالِبِ لِابْنِ عَنبَةَ ص64، الإِرْشَادُ للمُفِيدِ ج2 ص20.

    -  فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا السَّيِّدَةَ شَرِيفَةَ فِي بَنَاتِ الإِمَامِ الحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

     وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ السَّيِّدَةُ شَرِيفَةُ هِيَ أُمَّ الحَسَنِ، أَوْ أُمَّ سَلْمَةَ، أَوْ أُمَّ عَبْدِ اللهِ. هَذَا أَوَّلًا.

     وَثَانِيًا: عَدَمُ ذِكْرِهِمْ لَهَا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُودِهَا، فَقَدْ رَأَيْنَا أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ لِلإِمَامِ الحَسَنِ خَمْسَ بَنَاتٍ، وَبَعْضَهُمْ ذَكَرَ سِتَّةً، وَبَعْضَهُمْ سَبْعَةً، فَكُلُّ عَالِمٍ يْذْكُرُ مَا عَرَفَهُ وَتَوَصَّلَ إِلَيْهِ، فَلَعَلَّ لِلإِمَامِ الحَسَنِ بِنْتٌ بِاسْمِ شَرِيفَةَ لَمْ يَصِلْهُمْ خَبَرُهَا.

    - وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَكُونَ شَرِيفَةُ اسْمًا لِصَاحِبَةِ المَرْقَدِ، وَإِنَّمَا لَقَبًا لَهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا عَلَوِيَّةٌ مِنْ بَنَاتِ الإِمَامِ الحَسَنِ (عَ)، وَهَذَا مَا يُؤَكِّدُهُ أَنَّ أَهَالِي المِنْطَقَةِ المُحِيطَةِ بِالمَرْقَدِ الشَّرِيفِ يُلَقِّبُونَهَا بالشِّرِيفَةِ بِكَسْرِ الشِّينَ، وَالَّتِي تَعْنِي العَلَوِيَّةَ، كَمَا يُلَقِّبُونَ السَّادَةَ بِالأَشْرَافِ فِي العَالَمِ الإِسْلَامِيِّ. 

     - وَلَعَلَّهَا لَيْسَتْ مِنْ بَنَاتِ الإِمَامِ الحَسَنِ (عَ) الصُّلْبِيِّينَ، وَإِنَّمَا مِنْ ذَرَارِيِهَا وَأَحْفَادِهَا.

     - وَاحْتَمَلَ المَرْحُومُ المُحَقِّقُ السَّيِّدُ مُحَمَّد عَلِيٌّ الحُلْو أَنَّهُ قَبْرٌ لِأَحَدِ أَطْفَالِ الرَّكْبِ الحُسَيْنِيّ، حَيْثُ مَاتَتْ هَذِهِ العَلَوِيَّةُ فِي الأَسْرِ وَفِي مَصَائِبِ التَّضْيِيقِ عَلَى العِيَالِ بَعْدَ أَنْ عَانَتْ مِنَ القَهْرِ وَالحِرْمَانِ وَالعَطَشِ وَحَرَارَةِ الشَّمْسِ إِذْ لا يُظِلُّهُمْ ظِلٌّ، وَلا يَقِيهِمْ وِطَاءٌ، وَقَدِ اشْتُهِرَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّ القَبْرَ لِأَحَدِ العَلَوِيَّاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ فِي رَكْبِ السَّبَايَا، وَكَانَتْ مَرِيضَةً فَلَمْ تُطِقْ مَصَائِبَ السَّبْيِ وَمِحَنَهُ حَتَّى وَافَاهَا الأَجَلُ حَيْثُ قَبْرُهَا هُنَاكَ، وَلَعَلَّهُمْ تَلَقَّوْهُ مِنْ مَصَادِرَ مُهِمَّةٍ خَفِيَتْ عَلَيْنَا اليَوْمَ. مَرْقَدُ شَرِيفَةَ بِنْتِ الحَسَنِ، قِرَاءَاتٌ تَحْقِيقِيَّةٌ ص 58. ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ.

     هَذَا، وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ مُعَامَلَةَ القَوْمِ مَعَ السَّبَايَا كَانَتْ قَاسِيَةً جِدًّا كَمَا يَذْكُرُهُ المُؤَرِّخُونَ.

     إِذَنْ: اشْتِهَارُ هَذَا المَرْقَدِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ قَدِيمِ الأَيَّامِ، وَقِدَمُ قَبْرِهَا وَالبِنَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَصُدُورُ الكَرَامَاتِ مِنْهَا، شَاهِدٌ عَلَى أَنَّ لِهَذَا القَبْرِ حَقِيقَةً وَوَاقِعِيَّةً وَلَيْسَتْ مِنَ القُبُورِ المُسْتَحْدَثَةِ أَوْ الخُرَافِيَّةِ.

     وَلَكِنْ يَبْقَى الغُمُوضُ وَالجَهْلُ بِالهَوِيَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ لِصَاحِبَةِ القَبْرِ، هَلْ هِيَ مِنَ البَنَاتِ الصُّلْبِيِّينَ لِلإِمَامِ الحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، أَمْ مِنْ ذَرَارِي الإِمَامِ (عَ)، لَا يُمْكِنُنَا الجَزْمُ بِأَيٍّ مِنَ الإِحْتِمَالَيْنِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُنَا نَفْيُ أَحَدِ الإِحْتِمَالَيْنِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ. وَعَلَيْهِ: فَلَا يُمْكِنُنَا القَوْلُ بِأَنَّهُ مَرْقَدٌ مُزَيَّفٌ، فَهَذَا مَا لَا يُمْكِنُ صُدُورُهُ مِنْ عَالِمٍ أَوْ مُحَقِّقٍ أَوْ بَاحِثٍ مُنْصِفٍ.

     فَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ المَعْلُومَاتِ عَنْهَا إِلَّا مَا هُوَ المُتَدَاوَلُ وَالمَشْهُورُ بَيْنَ أَهَالِي تِلْكَ المِنْطَقَةِ مِنْ أَنَّهَا شَرِيفَةُ بِنْتُ الحَسَنِ (عَ).

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.