صِفَاتُ الخَالِقِ تَبَارَكَ اسْمُهُ.

أَحْمَدُ الخَاقَانِي: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.  الإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ أَمْ الفِعْلِ؟

: اللجنة العلمية

 الأَخُ أَحْمَدُ المُحْتَرَمُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

        قَسَّمَ عُلَمَاءُ الكَلَامِ صِفَاتَ البَارِي تَعَالَى شَأْنُهُ إِلَى أَقْسَامٍ مُخْتَلِفَةٍ:

  مِنْهَا: 

        1 - ثُبُوتِيَّةٌ، وَتُسَمَّى أَيْضاً بِالجَمَالِيَّةِ.

        2 - سَلْبِيَّةٌ، وَتُسَمَّى كَذَلِكَ بالجَلَالِيَّةِ.

  وَضَابِطُ هَذَا التَّقْسِيمِ أنَّ الصِّفَةَ:

  إِنْ كَانَتْ مُثَبِّتَةً لِأَمْرٍ كَمَالِيٍّ فِي المَوْصُوفِ كَانَتْ ثُبُوتِيَّةً.

  وَإِنْ كَانَتْ نَافِيةً لِأَمْرٍ فِيهِ نَقْصٌّ فِي المَوْصُوفِ كَانَتْ سِلْبِيَّةً.

  وَحَصَرَ عُلَمَاءُ الكَلَامِ الصِّفَاتَ الثُّبُوتِيَّةَ فِي ثَمَانِيَةِ صِفَاتٍ، هِيَ: العِلْمُ، القُدْرَةُ، الحَيَاةُ، السَّمْعُ، البَصَرُ، الإِرَادَةُ، التَّكَلُّمُ، الغِنَى.

     كَمَا حَصَرُوا الصِّفَاتَ السِّلْبِيَّةَ فِي سَبْعٍ وَهِيَ: لَيْسَ بِجِسْمٍ، لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، لَيْسَ بِمَرْئِيٍّ، لَيْسَ بمُتَحَيِّزٍ، لَيْسَ حَالّاً فِي غَيْرِهِ، لَيْسَ يَتَّحِدُ بِشَيْءٍ.

   تَنْوِيهٌ: يُمْكِنُ إِرْجَاعُ جَمِيعِ الصِّفَاتِ السِّلْبِيَّةِ إِلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ نَفْسُ الجِسْمِيَّةِ، فَإِنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ هِيَ لَوَازِمُ الجِسْمِيَّةِ، فَإِذَا انْتَفَى المَلْزُومُ انْتَفَى اللَّازِمُ.

   وَاخْتَلَفُوا فِي مِثْلِ التَّكَلُّمِ وَالإِرَادَةِ، بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ أَنَّهَا مِنْ الصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ، اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ مِنْ الصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ الذَّاتِيَّةِ أَوْ الثُّبُوتِيَّةِ الفِعْلِيَّةِ.

  وَبِنَاءً عَلَى هَذَا قَسَّمُوا الصِّفَاتَ الثُّبُوتِيَّةَ إِلَى:

      1 - صِفَاتٌ ذَاتِيَّةٌ.

      2 - صِفَاتٌ فِعْلِيَّةٌ.

      فَقَالُوا: إِنَّ القِسْمَ الأَوَّلَ مَا يَكْفِي فِي وَصْفِ الذَّاتِ بِهِ فَرْضُ نَفْسِ الذَّاتِ فَقَطْ، وَعَدُّوا مِنْهَا، القُدْرَةَ وَالحَيَاةَ وَالعِلْمَ.

     وَقَالُوا: إِنَّ القِسْمَ الثَّانِيَ مَا يَتَوَقَّفُ تَوْصِيفُ الذَّاتِ بِهِ عَلَى فَرْضِ فِعْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَعَدُّوا مِنْ صِفَاتِ الفِعْلِ الخَلْقَ وَالرِّزْقَ. 

     وَعَلَى ضَوْءِ هَذَا يَتَّضِحُ أَنَّ الإِرَادَةَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، لِأَنَّهَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إِيجَادِ الفِعْلِ خَارِجاً، فَالخَالِقُ قَدْ يُرِيدُ شَيْئاً وَلَا يَتَحَقَّقُ خَارِجاً فِي نَفْسِ الآنَ، كَمَا فِي تَحْرِيمِ الخَمْرِ فَهُوَ يُرِيدُ تَحْرِيمَهَا، لَكِنْ مُرَاعَاةً لِتَدَرُّجِ الأَحْكَامِ أَرْجَأَهُ إِلَى حُدُودِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِلهِجْرَةِ. 

     فَإِرَادَتُهُ سُبْحَانَهُ عِلْمُهُ بِالنِّظَامِ الأَصْلَحِ وَالأَكْمَلِ والأتَمِّ.

      وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.