سُؤَالٌ عَنِ السَّهَرِ لَيْلًا وَالنَّوْمِ صَبَاحاً.
عَبْدُ الوَهَّابِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. السَّهَرُ طِوَالَ اللَّيْلِ وَالنَّوْمُ صَبَاحاً.. هَلْ هَذَا مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الرَّسُولِ (ص) وَلِلقُرْآنِ الكَرِيمِ؟ حَيْثُ ذَكَرَ القُرْآنُ: (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)؟
الأَخُ عَبْدُ الوَهَّابِ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
يُعَدُّ السَّهَرُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّوْمُ صَبَاحاً بِشَكْلٍ مُستَمِرٍّ مِنَ العَادَاتِ السَّيِّئَةِ وَالمَكْرُوهَةِ شَرْعًا، وَهُوَ سَبَبٌ لِلكَثِيرِ مِنَ الأَمْرَاضِ الجِسْمِيَّةِ وَالحَالَاتِ النَّفْسِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الأَطِبَّاءُ وَالمُتَخَصِّصُونَ، فَقَدْ نَهَتِ الشَّرِيعَةُ عَنِ السَّهَرِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ تَسْتَدْعِي لِذَلِكَ، جَاءَ عَنِ الإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قَالَ: (لَا سَهَرَ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: مُتَهَجِّدٍ بِالقُرْآنِ، أَوْ فِي طَلَبِ العِلْمِ، أَوْ عَرُوسٍ تُهْدَى إِلَى زَوْجِهَا) [ الخِصَالُ - للصَّدُوقِ -: 112].
وَجَاءَ عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (لَا سَهَرَ بَعْدَ العِشَاءِ الآخِرَةِ إِلَّا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ) [هِدَايَةُ الأُمَّةِ إِلَى أَحْكَامِ الأَئِمَّةِ - الحُرُّ العَامِلِيُّ - 3: 20].
وَمِنْ هُنَا يَنْبَغِي عَلَى الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ أَنْ لَا يَتَعَوَّدَ عَلَى هَذِهِ الحَالَةِ السَّيِّئَةِ الَّتِي تُنْهِكُ قِوَاهُ وَتُضَيِّعُ عُمُرَهُ وَتُضْعِفُ صِحَّتَهُ إِلَّا لِحَالَاتِ الضَّرُورَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْهَاجُهُ اليَوْمِيُّ فِي النَّوْمِ وَاليَقْظَةِ بِمَا يُنَاسِبُ الطَّبِيعَةَ البَشَرِيَّةَ الَّتِي جَبَلَهَا اللهُ عَلَى النَّشَاطِ نَهَارًا وَالنَّوْمِ لَيْلًا، وَمِمَّا يَذْكُرُهُ العِلْمُ الحَدِيثُ فِي هَذَا الجَانِبِ أَنَّ أَعْلَى نِسْبَةٍ لِغَازِ الأَوزُون تَكُونُ عِنْدَ الفَجْرِ، وَهَذِهِ النِّسْبَةُ تَقُلُّ وَتَنْتَهِي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَهَذَا الغَازُ يُنَشِّطُ الجَهَازَ العَصَبِيَّ، فَمَنِ اسْتَيْقَظَ بَعْدَ الشَّمْسِ شَعَرَ طِوَالَ اليَوْمِ بِانْهِيَارِ القِوَى وَالكَسَلِ، فَكَيْفَ بِمَنْ قَضَى نَهَارَهُ نَائِمًا، أَيَّ خُمُولٍ وَكَسَلٍ سَيَعِيشُهُ؟!!
وَكَذَلِكَ أَثْبَتَ العِلْمُ الحَدِيثُ بِأَنَّ نِسْبَةَ الأَشِعَّةِ فَوْقَ البَنَفْسَجِيَّةِ تَكُونُ أَكْبَرَ عِنْدَ الشُّرُوقِ، فَهِيَ مُفِيدَةٌ لِلجِلْدِ وَهَشَاشَةِ العِظَامِ، فَالإِسْتِيقَاظُ مُبَكِّرًا يَمْنَعُ الأَعْرَاضَ السَّابِقَةَ الذِّكْرِ مِنْ بُطْءٍ فِي دَقَّاتِ القَلْبِ وَسَرَيَانِ الدَّمِ بِالشَّرَايِينِ وَتَرْسِيبِ المَوَادِّ الدُّهْنِيَّةِ عَلَى جِدَارِ الشَّرَايِينِ، مِمَّا يُسَبِّبُ الذَّبْحَةَ الصَّدْرِيَّةَ وَغَيْرَهَا.
وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.
اترك تعليق