نُبْذَةٌ عَنْ حَيَاةِ الإِمَامِ الجَوَادِ (ع) تَاسِعِ أَئِمَّةِ الهُدَى.

 سَعْدٌ/ العِرَاقُ:      مُمْكِنٌ أَنْ تُعْطُونَا نُبْذَةً عَنْ حَيَاةِ الإِمَامِ الجَوَادِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَكَيْفَ صَارَ إِمَامًا مَعَ صِغَرِ سِنِّهِ؟!!

: اللجنة العلمية

     الأَخُ سَعْدٌ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     الإِمَامُ الجَوَادُ، هُوَ: الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَجْمَعِينَ)، وُلِدَ فِي العَاشِرِ مِنْ رَجَبَ سَنَةَ 195 ه فِي المَدِينَة المُنَوَّرَةِ.

     أُمُّهُ: أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا: سَبِيكَةُ. وَيُقَالُ: دُرَّةُ. ثُمَّ سَمَّاهَا الإِمَامُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَيْزُرَانَ، وَكَانَتْ نوبِيَّةً، وَكَانَتْ مِنْ أَفْضَلِ نِسَاءِ زَمَانِهَا، وَقَدْ وَرَدَ مَدْحُهَا فِي الرِّوَايَاتِ عِنْدَ التَّعَرُّضِ لِذِكْرِ الإِمَامِ الجَوَادِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَفِي كَشْفِ الغُمَّةِ: (بِأَبِي ابْنُ خِيرَةِ الإِمَاءِ النّوبِيَّةِ الطَّيِّبَةِ). وَفِي رِوَايَةِ الكَافِي: (الطِّيبَةُ الفَمِ، المُنْتَجِبَةُ الرَّحِمِ).

     كَيْفِيَّةُ وِلَادَتِهِ: رَوَى ابْنُ شَهْرِ آشُوبٍ عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ أَبِي الحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَتْ: لَمَّا حَضَرَتْ وِلَادَةُ الخَيْزُرَانَ أُمِّ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) دَعَانِي الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا حَكِيمَةُ، احْضُرِي وِلَادَتَهَا، وَأَدْخَلَنِي وَإِيَّاهَا وَالقَابِلَةَ بَيْتًا، وَوَضَعَ لَنَا مِصْبَاحًا، وَأَغْلَقَ البَابَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا أَخَذَهَا الطَّلْقُ طُفِئَ المِصْبَاحُ وَبَيْنَ يَدَيْهَا طَسْتٌ، فَاغْتَمَمْتُ بطُفْئِ المِصْبَاحِ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَدَرَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الطَّسْتِ، وَإِذَا عَلَيْهِ شَيْءٌ رَقِيقٌ كَهَيْئَةِ الثَّوْبِ يَسْطَعُ نُورُهُ حَتَّى أَضَاءَ البَيْتَ، فَأَبْصَرْنَاهُ، فَأَخَذْتُهُ وَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِي وَنَزَعْتُ عَنْهُ ذَلِكَ الغِشَاءَ، فَجَاءَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَفَتَحَ البَابَ وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ أَمْرِهِ، فَأَخَذَهُ وَوَضَعَهُ فِي المَهْدِ، وَقَالَ لِي: يَا حَكِيمَةُ الْزَمِي مَهْدَهُ.

     قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ نَظَرَ يَمِينَهُ وَيَسَارَهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ)، فَقُمْتُ ذَعِرَةً فَزِعَةً فَأَتَيْتُ أَبَا الحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقُلْتُ: سَمِعْتُ مِنْ هَذَا الصَّبِيِّ عَجَبًا، فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ الخَبَرَ، فَقَالَ: يَا حَكِيمَةُ، مَا تَرَوْنَ مِنْ عَجَائِبِهِ أَكْثَرَ. [مَنَاقِبُ آلِ أَبِي طَالِبٍ 3: 499].

      النَّصُّ عَلَى إِمَامَتِهِ: رَوَى الكُلَيْنِيُّ في "الكَافِي" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا (ع): قَدْ كُنَّا نَسْأَلُكَ قَبْلَ أَنْ يَهَبَ اللهُ لَكَ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) فَكُنْتَ تَقُولُ: يَهَبُ اللهُ لِي غُلَامًا. فَقَدْ وَهَبَهُ اللهُ لَكَ فَأَقَرَّ عُيُونَنَا فَلَا أَرَانَا اللهُ يَوْمَكَ، فَإِنْ كَانَ كَوْنٌ فَإِلَى مَنْ؟ فَأَشَارَ بِيَدِه إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (ع) وهُوَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ؟ فَقَالَ: ومَا يَضُرُّهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ قَامَ عِيسَى (ع) بِالْحُجَّةِ وهُوَ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ. انْتَهَى [ج1 ص 321].

     مُدَّةُ إِمَامَتِهِ: تَقَلَّدَ الإِمَامَةَ وَعُمُرُهُ سَبْعُ سِنِينَ، فَبَعْدَ اسْتِشْهَادِ أَبِيهِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي خُرَاسَانَ اتَّجَهَتِ الأَنْظَارُ إِلَيْهِ وَحَضَرَ إِلَى بَيْتِهِ فِي المَدِينَةِ الشِّيعَةُ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ حَتَّى يَقِفُوا عَلَى وَجْهِ الحَقِّ فِي مَسْأَلَةِ الإِمَامَةِ بَعْدَ أَبِيهِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ أَنْ سَأَلُوهُ ثَلَاثِينَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ أَجَابَهُمْ عَلَيْهَا كُلِّهَا فَاطْمَأَنَّتْ نُفُوسُهُمْ لإِمَامَتِهِ، فَقَدْ رَوَى الكُلَيْنيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ النَّوَاحِي مِنَ الشِّيعَةِ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَسَأَلُوهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ عَنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ. [الكَافِي 1: 469].

      وَاسْتَمَرَّتْ إِمَامَتُهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَبْعَةَ عَشَرَ عَامًا، قَضَى أَكْثَرَهَا فِي حُكْمِ المَأْمُونِ العَبَّاسِيِّ، وَشَطْرًا مِنْهَا فِي حُكْمِ المُعْتَصِمِ حَتَّى سُقِيَ السُّمَّ عَلَى يَدِ زَوْجَتِهِ أُمِّ الفَضْلِ ابْنَةِ المَأْمُونِ بِتَحْرِيضٍ مِنْ عَمِّهَا المُعْتَصِمِ وَهُوَ فِي الرَّابِعَةِ وَالعِشْرِينَ مِنْ عُمُرِهِ [عُيُونُ المُعْجِزَاتِ: 118].

     مَعَاجِزُهُ وَكَرَامَاتُهُ: لِلإِمَامِ الجَوَادِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَعَاجِزُ وَكَرَامَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَنَفْسُ تَصَدِّيهِ للإِمَامَةِ وَهُوَ فِي سِنِّ السَّابِعَةِ مِنْ عُمُرِهِ يُعَدُّ مُعْجِزَةً بِذَاتِهَا، هَذَا التَّصَدِّي الَّذِي أَرَادَ المَوْلَى سُبْحَانَهُ مِنْهُ أَنْ يَعْتَادَ الشِّيعَةُ عَلَى قَبُولِ إِمَامَةِ المَهْدِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي صِغَرِهِ الَّتِي سَتُوَاجِهُهُمْ بَعْدَ سِنِينَ، وَمِنْ كَرَامَاتِهِ: رَوَى الشَّيْخُ المُفِيدُ فِي "الإِرْشَادِ" عَنْ دَاوُدَ بْنِ القَاسِمِ الجَعْفَرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَمَعِي ثَلَاثُ رِقَاعٍ غَيْرِ مُعَنْوَنَةٍ وَاشْتُبِهَتْ عَلَيَّ فَاغْتَمَمْتُ فَتَنَاوَلَ إِحْدَاهَا وَقَالَ: "هَذِهِ رُقْعَةُ رَيَّانَ بْنِ شَبِيبٍ" ثُمَّ تَنَاوَلَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: "هَذِهِ رُقْعَةُ فُلَانٍ" فَبُهِتُّ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَتَبَسَّمَ وَأَخَذَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: "هَذِهِ رُقْعَةُ فُلَانٍ" فَقُلْتُ: نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ. [ج2 ص 293].

    سَعَةُ عِلْمِهِ: عِنْدَمَا أَرَادَ المَأْمُونُ تَزْوِيجَ الإِمَامِ الجَوَادِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) - وَكَانَ لَهُ مِنَ العُمُرِ تِسْعُ سَنَوَاتٍ - مِنْ ابْنَتِهِ أُمِّ الفَضْلِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ أَقْرِبَاؤُهُ وَخَاصَّتُهُ بِأَنَّهُ كَيْفَ تُزَوِّجُ ابْنَتَكَ لِصَبِيٍّ لَا يَفْقَهُ شَيْئًا فَلَوْ صَبَرْتَ حَتَّى يَكْبُرَ وَيَتَعَلَّمَ. فَقَالَ لَهُمُ المَأْمُونُ: هُوَ أَعْلَمُ مِنْكُمْ، تَعَالَوْا وَاخْتَبِرُوهُ. فَاخْتَارُوا يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ لِمَسْأَلَتِهِ، وَكَانَ قَاضِي القُضَاةِ يَوْمَهَا، فَسَأَلَهُ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ هَذَا السُّؤَالَ، قَالَ:

     يَا أَبَا جَعْفَرٍ [وَهِيَ كُنْيَةُ الإِمَامِ الجَوَادِ يُنَادَى بِهَا مُنْذُ صِغَرِهِ] أَصْلَحَكَ اللهُ مَا تَقُولُ فِي مُحْرِمٍ قَتَلَ صَيْدًا؟ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قَتَلَهُ فِي حِلٍّ أَمْ حَرَمٍ، عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا، عَمْدًا أَوْ خَطَأً، عَبْدًا أَوْ حُرًّا، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، مُبْدِءًا أَوْ مُعِيدًا، مِنْ ذَوَاتِ الطَّيْرِ أَوْ غَيْرِهِ، مِنْ صِغَارِ الطَّيْرِ أَوْ كِبَارِهِ. مُصِرًّا أَوْ نَادِمًا، بِاللَّيْلِ فِي أَوْكَارِهَا أَوْ بِالنَّهَارِ وَعِيَانًا، مُحْرِمًا لِلحَجِّ أَوْ لِلعُمْرَةِ؟ قَالَ: فَانْقَطَعَ يَحْيَى انْقِطَاعًا لَمْ يَخْفَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ المَجْلِسِ انْقِطَاعُهُ وَتَحَيَّرَ النَّاسُ عَجَبًا مِنْ جَوَابِ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

     وَلَمَّا شَاهَدَ المَأْمُونُ انْقِطَاعَ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ طَلَبَ مِنَ الإِمَامِ الجَوَادِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ يَقُومَ وَيَخْطِبَ أَمَامَ النَّاسِ ابْنَتَهُ، وَبَعْدَ انْتِهَاءِ مَرَاسِيمِ الخِطْبَةِ طَلَبَ المَأْمُونُ مِنَ الإِمَامِ أَنْ يُجِيبَ عَلَى مَا فَرَّعَهُ مِنْ مَسَائِلَ عَلَى سُؤَالِ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):

     إِنَّ المُحْرِمَ إِذَا قَتَلَ صَيْدًا فِي الحِلِّ وَكَانَ الصَّيْدُ مِنْ ذَوَاتِ الطَّيْرِ مِنْ كِبَارِهَا فَعَلَيْهِ شَاةٌ، فَإِنْ أَصَابَهُ فِي الحَرَمِ فَعَلَيْهِ الجَزَاءُ مُضَاعَفًا، وَإِنْ قَتَلَ فَرْخًا فِي الحِلِّ فَعَلَيْهِ حَمَلٌ قَدْ فُطِمَ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ القِيمَةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الحَرَمِ، وَإِذَا قَتَلَهُ فِي الحَرَمِ فَعَلَيْهِ الحَمَلُ وَقِيمَةُ الفَرْخِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الوَحْشِ فَعَلَيْهِ فِي حِمَارِ الوَحْشِ بَقَرَةٌ، وَإِنْ كَانَ نَعَامَةً فَعَلَيْهِ بُدْنَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَصُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَ بَقَرَةً فَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيُطْعِمْ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَصُمْ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَان ظَبْيًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيُطْعِمْ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ أَصَابَهُ فِي الحَرَمِ فَعَلَيْهِ الجَزَاءُ مُضَاعَفًا "هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ" حَقًّا وَاجِبًا أَنْ يَنْحَرَهُ إِنْ كَانَ فِي حَجٍّ بِمِنَى حَيْثُ يَنْحَرُ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ فِي عُمْرَةٍ يَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ فِي فَنَاءِ الكَعْبَةِ وَيَتَصَدَّقُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ حَتَّى يَكُونَ مُضَاعَفًا، وَكَذَلِكَ إِذَا أَصَابَ أَرْنَبًا أَوْ ثَعْلَبًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ وَيَتَصَدَّقُ بِمِثْلِ ثَمَنِ شَاةٍ، وَإِنْ قَتَل حَمَامًا مِنْ حَمَامِ الحَرَمِ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَدِرْهَمٌ يَشْتَرِي بِهِ عَلَفًا لِحَمَامِ الحَرَمِ.

     وَفِي الفَرْخِ نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَفِي البَيْضَةِ رُبْعُ دِرْهَمٍ، وَكُلُّ مَا أَتَى بِهِ المُحْرِمُ بِجَهَالَةٍ أَوْ خَطَأٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا الصَّيْدُ فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهِ الفِدَاءُ بِجَهَالَةٍ كَانَ أَمْ بِعِلْمٍ، بِخَطَأٍ كَانَ أَمْ بِعَمْدٍ، وَكُلُّ مَا أَتَى بِهِ العَبْدُ فَكَفَارَتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ مِثْلُ مَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ، وَكُلُّ مَا أَتَى بِهِ الصَّغِيرُ الَّذِي لَيْسَ بِبَالِغٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ فَهُوَ مِمَّنْ يَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى الصَّيْدِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَقَتَلَ الصَّيْدَ فَعَلَيْهِ فِيهِ الفِدَاءُ، وَالمُصِرُّ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ بَعْدَ الفِدَاءِ العُقُوبَةُ فِي الآخِرَةِ، وَالنَّادِمُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ الفِدَاءِ فِي الآخِرَةِ، وَإِنْ أَصَابَهُ لَيْلًا أَوْ كَارِهًا خَطَأً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَتَصَيَّدَ، فَإِنْ تَصَيَّدَ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَعَلَيْهِ فِيهِ الفِدَاءُ، وَالمَحْرِمُ لِلحَجِّ يَنْحَرُ الفِدَاءَ بِمَكَّةَ. [تُحَفُ العُقُولِ عَنْ آلِ الرَّسُولِ: 453].

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.