(أصحابي كالنّجومِ بأيّهم اِقتديتُم اِهتديتُم)، إن أمكنَ بيانُ السّندِ التّفصيليّ لهذا الحديثِ، وبيانُ مُناقشةِ الحديثِ رِجاليّاً.

أحمد هاشم / العراق يتكرّرُ ترديدُ هذا الحديثِ على ألسنةِ عُلماءِ المذاهبِ المُخالفةِ وجُملةٍ كثيرةٍ مِن عامّتِهم وإليكُم مضمونَه: (أصحابي كالنّجومِ بأيّهم اِقتديتُم اِهتديتُم)، إن أمكنَ بيانُ السّندِ التّفصيليّ لهذا الحديثِ، وبيانُ مُناقشةِ الحديثِ رِجاليّاً.

: اللجنة العلمية

الأخُ أحمد هاشم، السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاته

ذهبَ جمعٌ كبيرٌ مِن أعلامِ الطّائفةِ السّنّيّةِ الى أنَّ هذا الحديثَ ضعيفٌ وقالَ آخرونَ مِنهُم إنّهُ موضوعٌ، ولكَ أن تعرِفَ أنَّ لهُ عِدّةَ طُرقٍ سنقومُ باِستعراضِهَا ليتبيّنَ لكَ الحقُّ:

الطّريقُ الأوّلُ: قالَ إبنُ بطّةَ الحنبليّ حدّثني أبو يوسف يعقوبُ بنُ يوسف قالَ : حدّثنا أبو القاسمِ عبدُ اللهِ بنُ محمّدٍ بنِ عبدِ العزيز البغوي ، قالَ : حدّثنا عمرو النّاقد ، قالَ : حدّثنا عمرو بنُ عُثمان ، قالَ : حدّثنا أبو شهاب ، عَن حمزة الجزريّ ، عَن نافعٍ ، عَن إبنِ عُمر ، قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ : « إنّمَا أصحابي بمنزلةِ النّجومِ ، فأيّهم أخذتُم بقوله اِهتديتُم » الإبانةُ عَن شريعةِ الفرقةِ النّاجية ومُجانبةُ الفِرقِ المذمومةِ 2 / 565.

وقَد أخرجَه الخلّالُ في العِللِ والبيهقيُّ في المدخلِ إلى السّننِ وإبنُ عديّ في الكاملِ وإبنُ عساكرَ في تاريخِ مدينةِ دِمشقَ والخطيبُ البغداديّ في الفقيهِ والمُتفقّهِ وغيرُهم.

وهذا الطّريقُ ضعيفٌ بحمزةَ الجزريّ، قالَ العقيليّ : حدّثنا محمّدٌ بنُ عيسى قالَ : حدّثنا عبّاسٌ قالَ : سألتُ يحيى عَن حمزةَ النّصيبيّ فقالَ : ليسَ بشيءٍ . وحدّثنا في موضعٍ آخرَ قالَ : حدّثنا عبّاسٌ قالَ : سمعتُ يحيى قالَ : حمزةُ بنُ أبي حمزةَ الجزريّ ليسَ يسوى فِلساً. حدّثني آدمُ قالَ : سمعتُ البُخاريّ قالَ : حمزةُ بنُ أبي حمزةَ النّصيبيّ مُنكرُ الحديث. الضّعفاء الكبير 2 / 334

وقالَ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ: «مطروحُ الحديثِ». الجرحُ والتّعديلُ لابنِ أبي حاتم 3/ 210.

وقالَ إبنُ مُعين: «ليسَ يُساوي فِلسًا». التّاريخُ بروايةِ الدُّوري 4/ 486.

و قالَ إبنُ عبدِ البرِّ حدّثنا محمّدٌ بنُ إبراهيمَ بنِ سعيدٍ ، قراءةً منّي عليهِ أنَّ محمّداً بنَ أحمدَ بنِ يحيى ، حدّثهم قالَ : نا أبو الحسنِ محمّدٌ بنُ أيّوبَ الرّقيّ قالَ : قالَ لنَا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ عمرو بنِ عبدِ الخالقِ ، سألتُم عمّا يُروى عنِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ممّا في أيدي العامّةِ يَروونهُ عنِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ أنّهُ قالَ : « إنّما مثلُ أصحابي كمثلِ النّجومِ » أو « أصحابي كالنّجومِ فبأيّها اِقتدوا اِهتدوا » ، هذا الكلامُ لا يصحُّ عنِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ رواهُ عبدُ الرّحيمِ بنِ زيدٍ العمّيّ ، عَن أبيهِ ، عَن سعيدٍ بنِ المسيبِ ، عَن إبنِ عُمر ، عنِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ وربّما رواهُ عبدُ الرّحيمِ عَن أبيهِ ، عَن إبنِ عُمر ، وأُسقِطَ سعيدٌ بنُ المُسيّبِ بينَهُما وإنّما أتى ضعفُ هذا الحديثِ مِن قِبلِ عبدِ الرّحيمِ بنِ زيدٍ ؛ لأنَّ أهلَ العلمَ قَد سكتوا عنِ الرّوايةِ لحديثِه. جامعُ بيانِ العلمِ وفضلِه 2 / 90 .

الطريقُ الثّاني : ذكرَ البزّارُ حدّثنا أحمدُ بنُ عُمر قالَ حدّثنا عبدٌ بنُ أحمدَ قالَ حدّثنا عليٌّ بنُ عُمر قالَ حدّثنا القاضي أحمدُ بنُ كاملٍ قالَ حدّثنا عبدُ اللهِ بنُ روحٍ قالَ حدّثنا سلامٌ بنُ سليمٍ قالَ حدّثنا الحارثُ بنُ غُصينٍ عَنِ الأعمشِ عَن أبي سُفيانَ عَن جابرٍ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ أصحابي كالنّجومِ بأيّهم اِقتديتُم اِهتديتُم.

 قالَ أبو عُمر هذا إسنادٌ لا تقومُ بهِ حُجّةٌ لأنَّ الحارثَ بنَ غُصينٍ مجهولٌ. جامعُ بيانِ العلمِ وفضلِه 2 / 91 ، فضائلُ الصّحَّابةِ للدّارقطنيّ، المشيخةُ البغداديّةُ لأبي طاهرٍ السّلفيّ وغيرُهم.

وفيهِ أيضاً سلَّامٌ بنُ سُليمانَ المدائنيّ، قالَ إبنُ عُديّ مُنكرُ الحديثِ، وقالَ أبو حاتمٍ ليسَ بالقويّ وعدّهُ البُخاري والعلائيّ والزّركشيّ (مَجهولاً). راجِع الجرحَ والتّعديلَ لابنِ أبي حاتمٍ  4/ 259 و التّاريخُ الكبيرُ للبُخاريّ  2/ 278 والمُعتبَرُ في تخريجِ أحاديثِ المِنهاجِ والمُختصرِ للزّركشيّ ص 82 والكاملُ لاِبنِ عُديّ 4 / 323 والعلائيّ في إجمالِ الإصابةِ ص59 .

ولِهذا الطّريقِ سندٌ آخرُ فيهِ مجاهيلُ أمثالُ جميلٍ بنِ يَزيد ، عَن مالكٍ ، عَن جعفرٍ بنِ مُحمّدٍ ، عن أَبِيهِ ، عَن جابرٍ.

قالَ إبنُ المُلقّنِ الشّافعيّ:  وجميلٌ هذا لا أعرفهُ ، ورواهُ إبْنُ عبدِ البرِّ في كتابِ العلمِ مِن هذا الوجهِ. البدرُ المُنيرُ في تخريجِ الأحاديثِ والآثارِ الواقعةِ في الشّرحِ الكبيرِ 9 / 584.

الطّريقُ الثّالثُ : عَن جعفرٍ بنِ عبدِ الواحدِ الهاشميّ ، عن وهبٍ بنِ جريرٍ ، عن أبيهِ ، عن الأعمشِ ، عن أبي صالحٍ ، عن أبي هُريرةَ مَرفوعاً «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ من اقتَدَى بِشَيْء منهَا اهتَدَى» رَوَاهُ القُضَاعِيّ فِي مسندِ الشّهَاب».

 وجعفرٌ هَذَا واهٍ ، قَالَ أَبُو زرْعَةَ : حدّثَ بِأَحَادِيثَ لَا أصلَ لها. وقالَ الدَّارقطنيّ: يضعُ الحديثَ وقالَ مرّةً: مَتْرُوكُ وقالَ إبنُ عُدي : كانَ يُتّهمُ بوضعِ الحديثِ وكانَ يسرِقُهَا ، ويأتي بالمناكيرِ عَن الثِّقَات . وَقَالَ إبنُ حبَّانَ : كَانَ يقلبُ الأخبَارَ فَلَا يُشكُّ أَنّهُ كَانَ يعملُهَا. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي المِيزَانِ : هَذَا الحَدِيثُ مِن بلايا جعفَرٍ هَذَا. نفسُ المصدرِ

الطَّرِيقُ الرَّابِع : عَن جُويبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بنِ مُزَاحمٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلّم - : «مثلُ أَصحَابِي مثلُ الملحِ لَا يصلحُ الطَّعَامُ إِلَّا بِهِ ، وَمثلُ أَصحَابِي مثلُ النُّجُومِ لَا يُهتدى إِلَّا بِهَا ، فَبِأَيّ قَولِ أَصْحَابِي أَخَذتُم بِهِ اِهتدَيتُم» رَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ عبدٌ بنُ أَحْمدَ الهَرَوِيّ فِي كتابِ السّنّةِ مِن حَدِيثِ مندَلَ بنِ عَلّيٍّ ، عَن جُويبرٍ بِهِ . وَهَذَا طَرِيقٌ ضَعِيفٌ جِدّاً ، مندَلٌ واهٍ ، وجُويبرٌ مترُوكٌ ، وَالضَّحَّاكُ ضَعِيفٌ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُنقطعٌ. نفسُ المصدرِ.

الطَّرِيقُ الْخَامِسُ : عَن عبدِ الرَّحِيمِ بنِ زيدٍ العمّي ، عَن أَبِيهِ ، عَن سعيدٍ بنِ المُسيّبِ ، عَن عُمرَ بنِ الخطّابِ رَفعهُ «سَأَلت رَبِّي فِيمَا إختلفَ فِيهِ أَصحَابِي مِن بعدِي ، فَأَوحَى اللهُ إِلَيَّ : يَا مُحَمَّد ، أَصحَابُكَ عِندِي بِمَنزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ بَعضُهَا أَضوَأُ مِن بعض ، فَمَن أَخذَ بِشَيءٍ مِمَّا هُم عَلَيْهِ مِن اِختلَافِهم فَهُوَ عندِي عَلَى هُدىً» وَهَذَا ضَعِيفٌ أيضاً ومُنقطِعٌ ؛ فَإِنَّ سعيداً بنَ المُسيّبِ لَم يسمَع مِن عُمرَ شيئاً ، وَعبدُ الرّحمَنِ ووالدهُ ضعيفانِ. نفسُ المصدرِ

الطَّرِيقُ السَّادِسُ : عَن أنسٍ مرفُوعاً بِهِ ، رَوَاهُ البَزَّارُ فِي جزءٍ لَهُ ، وَإِسنَادُه ضَعِيفٌ أَيضاً ، فتلخّصَ ضعفُ جَمِيعِ هَذِهِ الطّرقِ ، ولَا جرَمَ فقَد قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حزمٍ فِي رسالتِه الكُبرَى فِي إبِطَالِ القياسِ والتّقليدِ وَغَيرِهمَا : هَذَا خبرٌ مكذُوبٌ موضُوعٌ بَاطِلاً لَم يَصِحَّ قطُّ  . نفسُ المصدرِ.

ودمتُم سالِمينَ.