يُحرّفُ بعضُ أبناءِ المذاهبِ المُخالفةِ الأحاديثَ الدّالّةَ على جوازِ تناولِ شيءٍ بسيطٍ مِن تُربةِ كربلاءَ (تُربةِ الشّفاء) ويعتبرونَها (عبادةً للتّرابِ)، لا بأسَ بتوجيهِ ردٍّ يُصحّي هؤلاءِ مِن غفلتِهِم العدوانيّةِ على أهلِ البيتِ (ع) وشيعتِهم.

أسعد جواد/ العراق

: اللجنة العلمية

الأخُ أسعد جواد السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه

لا علاقةَ لاِعتقادِ شخصٍ ما بوجودِ القُدرةِ على شِفائه في شيءٍ مُعيّنٍ وبينَ كونِه يعبدُ ذلكَ الشّيءَ، وإلّا فيلزمُ مِن ذلكَ أن يكونَ جميعُ البشرِ يعبدونَ الأمصالَ الطّبيّةَ وحبّاتِ الدّواءِ لأنّهُم يجزمونَ بشِفائِها لهُم.

وأمّا بخصوصِ أكلِ الطّينِ فقَد أجمعَ فُقهاءُ الشّيعةِ على تحريمِه، فعَنِ المقدادِ السّيوريّ قولهُ : يحرمُ أكلُ الطّينِ في الجُملةِ بالإجماعِ، ولمّا قيلَ بإنهاكِه القوّةَ وإيراثِه الضّعفَ في البُنيةِ والشّهوةِ.  التّنقيحُ الرّائعُ 4/50:

وقالَ الشّيخُ مُحمّدُ حسن النّجفي (صاحبُ الجواهرِ) : وعلى كلِّ حالٍ { فلا يحلُّ شيءٍ منهُ } أي الطّين { عدا } الطّينُ مِن { تُربةِ الحُسينِ (عليهِ السّلام ) فإنّهُ يجوزُ الاِستشفاءُ } بهِ بِلا خلافٍ بَل الإجماعُ بقسميهِ عليهِ.   جواهرُ الكلامُ " في شرحِ شرائعِ الاِسلامِ 36 / 315.

وفي فقهِ الإمامِ الصّادقِ للسّيّدِ صادِق الرّوحانيّ: يحرُمُ أكلُ (الطّينِ) بجميعِ أصنافِه بِلا خِلافٍ وفي الرّياضِ والمُستندِ والجواهرِ وغيرِها دعوى الإجماعِ عليهِ وفي الجواهرِ بَلِ المَحكيُّ مِنهُ مُستفيضٌ أو مُتواترٌ وفي المُستندِ ونقلُ الاِجماعِ عليهِ مُستفيضٌ.

نعَم، أستثني مِن أكلِ الطّينِ، طينُ قبرِ الإمامِ الحُسينِ دونَ سائرِ الأئمّةِ (عليهم السّلام) بمقدارِ حُمّصةٍ للإستشفاءِ وقَد تواترتِ الأخبارُ بذلكَ .

مِنها ما رواهُ إبنُ قولويه عِن أبي جعفرٍ الباقرِ أنّهُ قالَ لمُحمّدٍ بنِ مُسلمٍ وقد اِشتكى محمّدٌ مِن وجعٍ (يا محمّدُ إنَّ الشّرابَ الذي شربتَهُ فيهِ مِن طينِ قبرِ الحُسينِ عليهِ السّلامُ وهوَ أفضلُ ما اِستشفيَ بهِ فلا تعدِل بهِ فإنّا نسقيهِ صِبياننا ونِساءنا فنرى فيهِ كلَّ خيرٍ)  كاملُ الزّياراتِ 277.

أمّا عندَ فُقهاءِ المذاهبِ الأُخرى فقَد ذهبَ فريقٌ مُهمٌّ مِنهُم إلى عدمِ وجودِ نصٍّ صحيحٍ على تحريمِ أكلِ الطّينِ، وكلُّ ما ذُكرَ مِن مرويّات فهيَ ضعيفةٌ لا يُعتدُّ بِها ولَم يَصحَّ مِنها شيءٌ.

قالَ إبنُ حجرٍ : جمعَ أبو القاسمِ بنُ منده في ذلكَ جُزءاً فيهِ أحادِيثُ، ليسَ فِيهَا مَا يَثبتُ. التّلخيصُ 4 / 392

ونقلَ المنّاوي عَن الرّافعي قولَه : أخبارُ النّهي عَن أكلِ الطّينِ لا يثبتُ مِنها شيءٌ... وعقدَ لهَا البيهقيُّ باباً ، وقالَ : لا يصحُّ مِنها شيءٌ. فيضُ القديرِ 6 / 109 

وقالَ إبنُ القيّم ِ: وكلُّ حديثٍ في الطّينِ فإنّهُ لا يصحُّ ولا أصلَ لهُ عَن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وسلّم). زادُ المعادِ 4 / 337 .

ودمتُم سالِمين.