هل القرآنُ كلامُ بشر؟

ناجي /: كيفَ تثبتونَ أنّ القرآنَ وحيٌّ منَ السّماءِ بالعقلِ والمنطق؟

: اللجنة العلمية

لابدَّ من لفتِ النّظرِ إلى أنّ أثباتَ نسبةِ القرآنِ إلى اللهِ موقوفٌ على نفي نسبتهِ للإنسانِ، لأنّ الأمرَ يدورُ بينَ أن يكونَ (هذا القرآن) منَ الله، أو منَ الإنسان، وإذا ثبتَ كونهُ يفوقُ القدراتِ الطبيعيّةَ للبشرِ حينها تثبتُ نسبتهُ للهِ تعالى. وعليهِ ينحصرُ البحثُ في إمكانيّةِ مجاراةِ الإنسانِ للقرآنِ وقدرتهِ في الإتيانِ بما يماثله. ومن هنا نجدُ أنّ القرآنَ طالبَ المنكرينَ بالإتيانِ بمثلهِ، فكانَ التّحدي هو الذي يقطعُ الرّيبةَ ويزيلُ الشّكوكَ، فبعجزهم عن ذلكَ تتمُّ النّسبةُ ويتحقّقُ المطلوب، قالَ تعالى: (أَم يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُل فأتُوا بِسُورَةٍ مِثلِهِ وَادعُوا مَنِ استَطَعتُم مِن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ). وقال: (أَم يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُل فَأتوا بِعَشرِ سُوَرٍ مِثلِهِ مُفتَرَيَاتٍ وَادعُوا مَنِ استَطَعتُم مِن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ). وقال (قل لَئِن اجتمعتِ الإنسُ والجنُّ على أن يأتوا بمثلِ هذا القرآنِ لا يأتون) وغيرها منَ الآياتِ التي تثبتُ وقوعَ التّحدي كما أثبتَ التّاريخُ والواقعُ عجزَ الإنسانِ عن معارضةِ القرآنِ والإتيانِ بمثلهِ وسوفَ يستمرُّ عجزُ البشرِ إلى قيامِ السّاعة.

أمّا الأدلّةُ التي تثبتُ تفوّقَ القرآنِ على قدراتِ البشرِ فكثيرةٌ، وهناك كتبٌ ودراساتٌ استعرضت بشكلٍ مفصّلٍ مميّزاتَ القرآنِ وما تفرّدَ به بحيثُ يستحيلُ معهُ صدورهُ من البشر، وهنا نوردُ بعضَ النّقاطِ بشكلٍ عامّ وعابر.

• إنّ كلّ الكتبِ التي وضعتها البشريّةُ لا تخلو من الخطأ والإشتباهِ والسّهو والنّسيان، أمّا كتابُ اللهِ تعالى فإنّهُ من أوّلهِ إلى آخرهِ ليسَ فيهِ أيّ نوعٍ منَ الإختلاف أو الخطأ؛ مما يدلّ على أنّه ليسَ من كلامِ البشرِ قالَ تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القرآنَ وَلَو كَانَ مِن عِندِ غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختِلَافًا كَثِيرًا) {النساء:82}، وقال أيضًا: (لَا يَأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَلَا مِن خَلفِهِ تَنزِيلٌ مِن حَكِيمٍ حَمِيدٍ) {فصّلت:41، 42}.

• قدرةُ البشرِ على التّعبيرِ وإيصالِ المعاني والمفاهيمِ محدودةٌ، ولذا لم نجد في طولِ التاريخِ كتاباً أحكمتْ كلماتهُ وتناسقتْ عباراتهُ كما هو الحالُ في القرآن الكريم، فقد بلغ القرآنُ الغايةَ في البلاغةِ من أوّلهِ إلى آخرهِ بلا تفاوت، حتّى في ذكرهِ للأحكامِ والحدود؛ مما يدلّ على أنّهُ ليسَ بكلامِ البشر.

• الإعجازُ الباهرُ الذي اشتملَ عليهِ القرآنُ في أمرِ التّشريع، حيث اشتملَ على كلّ القيَمِ والمبادئ العليا التي تحتاجُ إليها البشريّةُ في كل شؤونِ حياتها، في حينِ لا تجدُ قانوناً من وضعِ البشرِ بهذا الإحكام وهذه العنايةِ والرّعاية. 

• إخبارُ القرآنِ بأمورٍ غيبيّةٍ لا يمكنُ للعقلِ أن يستقلّ بإدراكها، ثمّ أتى العلمُ الحديثُ بإثباتها على الوجهِ الذي حكاهُ القرآن، وهناكَ بحوثٌ متعددةٌ تناولت جانبَ الإعجاز العلميّ في القرآن الكريم.

• ما ذكرهُ القرآنُ عن أمورٍ مستقبليّةٍ غيبيّةٍ ثم تتحقّقُ كما ذكرَ القرآن؛ مما يدلّ على أنّهُ كلامُ ربّ النّاس.

 

وللوقوفِ مفصّلاً على مثلِ هذهِ الأدلّةِ يمكنُ مراجعةُ ما ذكرهُ العلامةُ (رحمةُ اللهِ الهنديّ) الذي أوردَ إثني عشرَ وجهاً عقلياً في كونِ القرآنِ كلامَ اللهِ تعالى حقّاً وصدقاً، وذلكَ في الفصلِ الأوّلِ من البابِ الخامسِ من كتابهِ إظهار الحق، على هذا الرّابط:

http://www.waqfeya.com/book.php?bid=2467