أن ثورة الحسين هي السبب في الفرقة والخلاف بين المسلمين
كيف كانت ثورة الحسين (رضي الله عنه) سببا في بقاء هذا الدين؟ نحن نراها أحد الأسباب التي أدت إلى خلاف المسلمين حتى يومنا هذا, بعكس ما فعله الشهيد الحسن (رضي الله عنه), الذي حقن دماء المسلمين ودفع حياته ثمناً لذلك عندما قتله غدراً منْ يكره أنْ يرى توحيد كلمة المسلمين؛ هذا مع اعترافنا بفضل سيدنا الحسين وأنه قُتل شهيداً.
للأسف الذين يتكلمون بهذا الكلام كأنهم يرون مشروعية حكم يزيد وعدم مشروعية ثورة الحسين (عليه السلام)، فإنْ كان الأمر كذلك فليعرفوا الحقائق التالية:
أولاً: لقد ثبت في أحاديث صحيحة كهذا الحديث الصحيح الذي يرويه أحمد في مسنده ج31 ص 549 عن جرير بن عبد الله, أن النبي (عليه الصلاة والسلام ) قال: الطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة، المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة.
فهذا الحديث يكشف بشكل جلي أنّ الحكم والخلافة لا تكون للطلقاء، وهو الذي استند إليه عمر بن الخطاب حين قال -كما يروي ذلك ابن حجر في الإصابة ج4 ص 70 - : إن هذا الأمر لا يصلح للطلقاء ولا لأبناء الطلقاء.
وقد نص الجصاص الحنفي في كتابه (أحكام القرآن) ج1 ص 312 على أن معاوية من الطلقاء وليس من المهاجرين .. فكذلك يكون شأن ابنه يزيد.
ثانياً: لقد صالح الإمام الحسن (عليه السلام) معاوية مضطراً حتى يحقن الدماء بعد تخاذل أصحابه عنه، وقد شرط على معاوية شروط أهمها عودة الحكم بعد وفاته إلى أهل البيت (عليهم السلام)، لكن معاوية خان العهد ولم يمتثل لهذه الشروط وسارع لتنصيب ابنه يزيد خليفة له.
ثالثاً: وصول يزيد بن معاوية إلى سدة الحكم معناه انهيار النظام الإسلامي برمته .. فهو ناصبي جلف يتناول الخمر ويفعل المنكر بشهادة الذهبي حين ترجم له في (سير أعلام النبلاء) ج4 ص 37.. وقد ذكر السيوطي في (تاريخ الخلفاء) ص 206 أن سبب خلع أهل المدينة له، وهم جل الصحابة والتابعين، أنه أسرف في المعاصي، فهو رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة.
فمثل هذا الشخص بهذه المواصفات السيئة كيف يصلح لخلافة المسلمين، ومن هنا تصدى لمواجهته الإمام الحسين (عليه السلام) حتى يقطع عليه الطريق في تخريب الدين ويكون دمه الطاهر (عليه السلام) هو القربان الذي يعيد للأمة صحوتها وجذوتها في عدم القبول بيزيد وأمثال يزيد في حكم المسلمين، وهو الذي حصل بالفعل، فقد كانت الثورات التي تلت ثورة الحسين (عليه السلام) تتخذه نبراساً لها في رفض حكم الصبيان والظالمين.
رابعاً: الحسين (عليه السلام) هو سيد شباب أهل الجنة حسب الحديث المتواتر الذي يرويه كل المسلمين، وهذا يعني أنه كان مصيباً في ثورته ونهضته ضد يزيد وإلاّ لا يعقل شرعاً أن يجعل الله ورسوله شخصاً سيداً لشباب أهل الجنة وهو من المخطئين العاصين .. هذا إضافة لما ورد من أحاديث صحيحة بلزوم نصرته، فقد ذكر الشوكاني في كتابه (در السحابة في مناقب القرابة والصحابة) ص294, حديثاً صحيحاً رجاله ثقات يرويه البغوي, وابن السكن, والبارودي, وابن منده, وابن عساكر, والطبراني, عن أم سلمة: إن ابني هذا - يعني الحسين - يُقتل بأرض من أرض العراق، يُقال لها كربلاء، فمن شهِد ذلك منكم فلينصره.
ويروي الحاكم النيسابوري في (المستدرك على الصحيحين) ج3 ص 196, بسندٍ صحيح عن ابن عباس: أوحى الله تعالى إلى محمد إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً. صححه الذهبي.
فهل بعد هذه الأحاديث الصحيحة يأتي أحد ويقول إن الحسين (عليه السلام) قد أخطأ في خروجه ضد يزيد ؟!
نسأل الله العافية من الإنحراف والزيغ الفكري والعقائدي.
اترك تعليق