كراهة عمر بن سعد لقتال الحسين (ع)
أبو حفص/: خروج عمر بن سعد الى قتال الحسين كان مكرها عليه، ولم يكن له من الأمر شيئا. قال ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (5/ 128): " فكان عمر بن سعد بالكوفة قد استعمله عبيد الله بن زياد على الري وهمذان معه بعثا. فلما قدم الحسين بن علي العراق أمر عبيد الله بن زياد عمر بن سعد أن يسير إليه وبعث معه أربعة آلاف من جنده وقال له: إن هوخرج إليّ ووضع يده في يدي وإلا فقاتله. فأبى عليه فقال: إن لم تفعل عزلتك عن عملك هدمت دارك. فأطاع بالخروج إلى الحسين فقاتله حتى قتل الحسين ". وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (3/ 3..): " وأما عبيد الله فجمع المقاتلة، وبذل لهم المال، وجهز عمر بن سعد في أربعة آلاف، فأبى، وكره قتال الحسين، فقال: لئن لم تسر إليه لاعزلنك، ولاهدمن دارك، وأضرب عنقك ".
ذكرت مصادر أهل السنة نفسها أن لعمر بن سعد دوراً رئيسياً في التصدي للحسين (عليه السلام) منذ البداية, فهو كان قد كتب ليزيد بن معاوية يحذره من تواجد سفير الحسين مسلم بن عقيل في الكوفة, كما يذكر ذلك الطبري في تاريخه ج2 ص 265 والبلاذري في أنساب الأشراف ص 77.
وعندما رأى منه يزيد الإخلاص في ولاءه له أمر بتوليته الري, وهي مدينة جميلة من مدن بلاد فارس, فعمل بذلك ابن زياد وكتب كتاب ولايته على الري لكنه شرط عليه الخروج لمقاتلة الحسين (عليه السلام) أول الأمر, ثم التوجه إلى الري, فحاول ابن سعد التخلص من هذه المهمة والتوجه إلى الري إلا أن أبن زياد خيره بين التوجه لمقاتلة الحسين (عليه السلام) أو أن يعزله عن ملك الري, فطلب ابن سعد أن يمهله يوماً يفكر في الأمر, فعاد إليه في اليوم الثاني وهو تنازعه نفسه بين ملك الري ومواجهة الحسين (عليه السلام), فوافق على الخروج لقتل الحسين (عليه السلام) كما يذكر ذلك الطبري في تاريخه ج4 ص ص 309 وهو من أوثق التواريخ عند أهل السنة بشهادة ابن تيمية نفسه؛ لخلوه عن الموضوعات كما يقول.
وفي هذا الجانب توجد أبيات أو كلمات مأثورة لابن سعد يذكرها بعض المؤرخين، منها:
(أأترك ملك الري والري رغبتي, أم أرجع مذموما بقتل حسين وفي قتله النار التي ليس دونها حجاب وملك الري قرة عين) انظر : معجم البلدان ل ياقوت الحموي ج3 ص 118.
وقد كان لابن سعد يوم عاشوراء من المواقف الشنيعة التي تكشف عن لؤمه وخبث طويته تجاه أهل البيت (عليهم السلام), فهو أول من رمى بسهم تجاه معسكر الحسين (عليه السلام), وقال أشهدوا لي أنني أول من رمى. كما يذكر ذلك ابن الأثير في كامله ج4 ص 65. وفي المصدر نفسه يذكر ابن الأثير قول الحر بن يزيد الرياحي لعمر بن سعد: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ فيقول عمر بن سعد: أي والله قتالاً أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي.
وعلى الرغم من أن القادة لا يشاركون الجنود في القتال والهجوم على خصومهم عادة إلا ابن سعد خالف هذه القواعد فكان أول من رمى معسكر الحسين (عليه السلام) بسهم, وكذلك أول من طعن سرادق وخيام الحسين (عليه السلام), وروع عياله, فعن البخاري في التاريخ الصغير ج1 ص 178 قال: حدثنا موسى ثنا سليمان بن مسلم أبو المعلي العجلي قال سمعت أبي أن الحسين لما نزل بكربلاء فأول من طعن في سرادقه عمر بن سعد.
وهو (عليه لعائن الله) قد أمر بوطيء صدر الحسين (عليه السلام) بحوافر الخيل تشفياً بموته مع أنه ورد النهي في الشريعة عن التمثيل بالأموات حتى لو كان الميت كلباً عقوراً..
قال ابن الأثير في ( أسد الغابة ) ج2 ص 21 : ( ولمّا قُتل الحسين أمر عمر بن سعد نفراً فركبوا خيولهم وأوطؤوها الحسين).
وهو الذي أمر بحمل رأس الحسين (عليه السلام) إلى عبيد الله بن زياد إلى الكوفة مع خولي بن يزيد الأصبحي كما يذكر ذلك الدينوري في الأخبار الطوال ص 259.
وعن المزي في ( تهذيب الكمال ) ج 6 ص 429 أن عمر بن سعد سرح بحرم الحسين وعياله إلى عبيد الله. وعن ابن أعثم الكوفي في كتابه الفتوح ج5 ص 120 قال: أن القوم كانوا يساقون كما تساق الأسارى.
فهذا غيض من فيض من مواقف عمر بن سعد تجاه نهضة الحسين (عليه السلام) ومواجهته لها.
اترك تعليق