الإمامةَ مِن أصولِ الدين ام من فروعه؟

هل صحيحٌ ما يقالُ أنَّ السيّدَ الخوئي -قُدّسَ سِرّه- لا يعتبرُ الإمامةَ أصلاً مِن أصولِ الدين بل هيَ فرعٌ مِنه كما في مُستندِ العُروةِ الوثقى؟

: السيد علي المشعشعي

الجوابُ:

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرحيم،

يقصدُ السائلُ كتابَ: «التنقيحِ في شرحِ العُروةِ الوثقى» تقريراتُ أستاذِ الفُقهاءِ والمُجتهدينَ آيةِ اللهِ السيّدِ أبو القاسمِ الموسويّ الخُوئي -قدّس- قرّرَهُ الشهيدُ آيةُ اللهِ الشيخُ ميرزا عليّ الغروي -قدّسَ- وكانَ السيّدُ الخوئيّ -قدّسَ- يتكلّمُ عن حُكمِ نجاسةِ المُخالفِ فذكرَ ثلاثةَ مسائلَ وناقشَها مناقشةً علميّةً ومحلُّ الشاهدِ مِنها الثالث جاءَ فيه: (الثالثُ: إنَّ أهلَ الخلافِ - أي مذاهبُ السُنّةِ - مُنكرونَ لِمَا ثبتَ بالضّرورةِ مِنَ الدينِ وهوَ ولايةُ أميرِ المؤمنين، حيثُ بيّنَها لهُم النبيّ وأمرَهم بقبولِها ومُتابعتِها وهُم مُنكرونَ لولايتِه "عليهِ السلام"، وقد مرَّ أنَّ إنكارَ الضروريّ يستلزمُ الكُفرَ والنّجاسة. وهذا الوجهُ وجيهٌ بالإضافةِ إلى مَن عَلِمَ بذلكَ وأنكرَه، ولا يتمُّ بالإضافةِ إلى جميعِ أهلِ الخِلاف؛ لأنَّ الضروريَّ منَ الولايةِ إنّما هيَ الولايةُ بمعنى الحبِّ والولاء وهُم غيرُ مُنكرينَ لها بهذا المعنى، بل قد يظهرونَ حُبَّهم لأهلِ البيت "عليهم السلام"، وأمّا الولايةُ بمعنى الخلافةِ فهيَ ليسَت بضروريّةٍ بوجه، وإنّما هيَ مسألةٌ نظريّة، وقد فسّروها بمعنى الحبِّ والولاءِ ولو تقليداً لآبائِهم وعلمائِهم، وإنكارِهم للولايةِ بمعنى الخلافةِ مُستندٌ إلى الشبهةِ كما عرفتَ، وقد أسلفنا أنّ إنكارَ الضروريّ إنّما يستتبعُ الكُفرَ والنجاسةَ فيما إذا كانَ مُستلزِماً لتكذيبِ النبيّ كما إذا كانَ عالِماً بأنَّ ما يُنكِرُهُ ممّا ثبتَ منَ الدينِ بالضّرورة، وهذا لم يتحقَّق في حقِّ أهلِ الخلافِ لعدمِ ثبوتِ الخـلافةِ عندَهم بالضّرورةِ لأهلِ البيت.. نعَـم الولايةُ بمعنى الخلافةِ مِن ضروريّاتِ المذهبِ لا مِن ضروريّاتِ الدّين..) (1).

وإنَّ ملاكَ الضروريّ وضابطَهُ أن يكونَ مَعلوماً وواضحاً كمالَ الوضوح؛ بحيثُ يُعتبَرُ بديهيّاً ولا يحتاجُ في مقامِ السّؤالِ إلى تفكيرٍ وتأمّلٍ واستدلال.

ولا علاقةَ لِما ذكرَهُ السيّدُ الخوئي -قدس- بمسألةِ أصلِ الدينِ وفرعِه.

ولكنَّ السيّدَ -قدّس- ذكرَ في كتابِ «صراطِ النّجاة» أنَّ الإمامةَ مِن أصولِ المذهب (2). وأصولُ المذهبِ لا يُعتبَرُ مَن لا يؤمنُ بها كافراً خارجاً عن الإسلام، وإنّما يكونُ خارِجاً عنِ المذهبِ بمعنى أنّهُ لا يُعتبَرُ شيعيّاً وعليهِ يُحكَمُ بطهارةِ المُخالفِ فتجري بهِ الأنكحةُ والمواريثُ وحِلّيّةُ الأطعمةِ والأشربةِ وتحلُّ ذبائحُهم وقد جرَت سيرةُ أئمّتِنا القطعيّةُ على ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- التنقيحُ في شرحِ العُروةِ الوثقى ج3ص٧٩.
2- صراطُ النجاةِ استفتاءاتٌ لآيةِ اللهِ العُظمى الخوئي ج3ص415.