هل هناك اختلاف بين القرآن والعلم في مراحل تكون الجنين؟
نصُّ الشّبهة: الفحصُ النسيجيُّ أظهرَ أنَّ أيّ جنينٍ بينَ 5 أسابيع و8 أسابيع يوجدُ فيهِ عضلاتٌ ولا يوجدُ فيه أيُّ أثرٍ لعظامٍ أو نسيجٍ عظميّ أو خلايا عظميّة. ولو كانَت العظامُ تتكوّنُ أوّلاً ثمَّ تُكسى بعدَ ذلكَ باللّحم لوجَدنا جنيناً مُجهضاً واحداً على الأقلِّ على شكلِ عظامٍ غيرِ مَكسوّة. لكنّنا نجدُ العكسَ فقط. كسَونا العظامَ لحماً - خطأٌ يكفي بمُفردِه لمعرفةِ كذبِ مؤلّفِ القرآن. وكلُّ الأجنّةِ المُجهضةِ قبلَ عُمرِ 12 أسبوعاً تكونُ كومةَ لحمٍ قبلَ ظهورِ أيّ عظم. وكلُّ العظامِ تظهرُ بعدَ كسوتِها منَ اللّحمِ وليسَ قبل. يظهرُ اللحمُ قبلَ العظام. لا توجدُ عظامٌ قبلَ كسوتِها. أخطأ القرآنُ وثبتَت بشريّتُه. نقطةٌ على السّطر
الجواب
لم يُشِر صاحبُ الشبهةِ إلى أيّ بحوثٍ علميّةٍ تثبتُ مُخالفةَ القرآنِ للعلم، وكلُّ ما استدلَّ بهِ لإثباتِ مُدّعاه هوَ منظرُ الجنينِ عندَ إجهاضِه في الشهورِ الأولى منَ الحمل، وكأنّه يتوقّعُ أن يكونَ شكلُ العظامِ في مرحلةِ تكوّنِ الجنينِ صلبةً وبيضاء كحالِ العظامِ التي نُميّزُها بالنظرةِ العادّيّة، وبذلكَ يمكنُنا القولُ أنَّ صاحبَ الإشكالِ لا يحترمُ القرآنَ فقط وإنّما لا يحترمُ العلمَ أيضاً.
فالمؤكّدُ أنَّ الأبحاثَ الحديثةَ في علمِ الجنينِ والتشريحِ الجنينيّ قد أثبتَت أنَّ العظامَ تتشكّلُ قبلَ اللّحم، وقد شهدَ بذلكَ أشهرُ علماءِ الأجنّةِ أمثالَ الدكتور (كيث مور) صاحبِ أشهرِ كتابٍ في علمِ الأجنّة The Developing human
تشيرُ الدّراساتُ الحديثةُ إلى أنَّ العظامَ تتكوّنُ في الجنينِ قبلَ اللحمِ بسببِ عمليّةٍ تُسمّى التحوّلَ العظميّ النسيجيّ، والتي تتمُّ عن طريقِ تحويلِ النسيجِ الضامِّ الليفي (وهوَ نسيجٌ مُشابهٌ للموجودِ في الغضاريف) إلى نسيجٍ عظمي. وتُعتبرُ هذهِ العمليّةُ مُهمّةً جدّاً لتشكيلِ الهيكلِ العظميّ الكاملِ للجنين.
ففي الأسبوعِ الخامسِ منَ الحمل تظهرُ الخلايا العظميّة الأوّليّةُ في الجنين. وتتميّزُ هذه الخلايا بأنّها ذاتُ أساسٍ مُشتركٍ معَ الخلايا الضامّةِ الليفيّةِ والعضلات، ولهذا فإنَّ العظامَ الناميةَ تتفاعلُ معَ العضلاتِ المُحيطةِ بها.
وفي الأسابيعِ التي تلي ذلكَ، يتمُّ تحويلُ هذه الخلايا العظميّةِ الأوّليّةِ إلى نسيجٍ عظميّ، حيثُ يحدثُ ترسيبُ الموادِّ المعدنيّةِ (مثلَ الكالسيوم والفوسفات) داخلَ النسيجِ العظميّ، وقد أشارَت الدراساتُ إلى أنَّ هذه العمليّةَ لا تتمُّ بصورٍ عشوائيّةٍ وإنّما تتمُّ بفعلِ الجُهدِ المُشتركِ بينَ الخلايا العظميّةِ والأنسجةِ الأخرى في الجسم. فعندَما يتشكّلُ العظم، يتمُّ إنتاجُ الأليافِ الضامّةِ الليفيّةِ حولَه، وهذهِ الأليافُ تحتوي على بروتينٍ يُسمّى الكولاجين، والذي يساعدُ على تشكيلِ وترسيبِ الموادِّ المعدنيّةِ داخلَ النسيجِ العَظمي.
اترك تعليق